الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قرن الحريات·· النووية

قرن الحريات·· النووية
22 مايو 2008 02:38
بعد ثماني سنوات على انقضاء القرن العشرين، هل ما زالت مفاعيله حاضرة في أذهان الناس؟ وهل تمت عملية الانتقال من قرن إلى آخر بسلاسة وهدوء، ومن غير أحمال تفرض مزاجها وقوانينها على أبناء القرن الجديد؟ هل أصبحنا على مسافة زمنية معقولة من القرن الماضي، نستطيع منها إعادة النظر فيما كان، في المنجزات والإخفاقات، في المتحقق والمأمول، في السلبي والإيجابي، في ما أضاف إلى الإنسانية وفيما سلب منها؟ هذه الأسئلة وغيرها طرحتها دورية فرنسية على عدد من الكتاب والأكاديميين من مختلف أنحاء العالم لاستطلاع آرائهم في القرن الماضي· أشار اندريه برينك، وهو كاتب أبيض من جنوب أفريقيا إلى أن الحدث الأهم بالنسبة إليه خلال القرن الماضي هو انهيار التمييز العنصري، والهيمنة الاستعمارية، والاستغلال الاقتصادي· وبالنسبة لأندريه برينك، لم يكن انهيار التمييز العنصري حدثاً مهماً بالنسبة لأفريقيا الجنوبية وحدها، دائما هو حدث يلخص كل المشاكل وكل القضايا التي عاشها العالم خلال القرن العشرين، وأيضا كل آمال البشرية بالنسبة للألفية الجديدة· لذلك هو يرى أن جنوب أفريقيا هي المخبر الأساسي لبقية العالم· ألوان وظلال وتقول المؤرخة الفرنسية، والعضوة في الأكاديمية الفرنسية هيلين كارار دانكوس: ''على مدى القرن العشرين، أهين الإنسان، وعُفّر جبينه في التراب، وديست كرامته· غير أن القرن العشرين هو أيضا القرن الذي وعت فيه الإنسانية بهذا الأمر الفظيع، أي إهانة الإنسان· مع ذلك انتهى القرن العشرون بنوع من الأمل''· ويقول الكاتب المكسيكي الكبير كارلوس فيرنتاس: ''عانق القرن العشرون من آن واحد الوعد بإنسانية بإمكانها أن تبلغ مرحلة المكال ووعد بالحرية، بما في ذلك حرية اقتراف الشر· إنه قرن إينشتاين وفليمينج، وأيضا قرن هتلر وستالين، قرن جيمس جويس وبيكاسو، ولكنه أيضا قرن أوشفيتز ومعسكرات سيبيريا· قرن الأنوار العلمية، لكنه أيضاً قرن الظلال السياسية· قرن التقنية الكونية· لكنه أيضا قرن العنف· قرن التطور الذي لا يضاهى حتى في مجال علوم المساواة· أبداً لم يحدث في تاريخ البشرية، أن ظهرت مثل هذه الهوة العميقة بين التطور التقني والعلمي بين البربرية السياسية والأخلاقية· هل يعدلنا القرن الواحد والعشرون ما هو أفضل؟ من حقنا أن نشكك في ذلك· أو على الأقل من حقنا، مثل أوسكار وايلد أن نعرف التشاؤم بأنه تفاؤل جدا ضروري بمعلومات''· قرن القرون وتقول نادين غورديمير، وهي كاتبة من جنوب أفريقيا حائزة على جائزة نوبل للآداب: ''بالنسبة لي، كان هذا القرن، قرن نهاية الاستعمار· شيئا فشيئا، وجدت القوى الاستعمارية نفسها مطرودة أو مجبرة على الانسحاب: الهولنديون والفرنسيون في آسيا· الفرنسيون والبرتغاليون والبريطانيون في إفريقيا· والضربة القاضية الأخيرة للاستعمار كانت هنا في بلادي، جنوب افريقيا، حيث تم القضاء على التمييز العنصري· وفي تاريخ الاستعمار، الذي استمر عدة قرون، يظل القرن العشرون قرن القرون، القرن الذي رأى هذا الشكل من الهيمنة السياسية والاجتماعية والدينية والنفسانية على الناس وعلى الشعوب يتقوض ويموت· نعم، لا تزال قوتها الاقتصادية قائمة الذات· وعلى القرن الواحد والعشرون أن يعالج هذا الأمر· غير نظرية التفوق العرقي، تلك النظرية التي تجسد الكبرياء اللامتناهي الذي كان بمثابة المبرر للاستعمار والهيمنة قد ماتت بدون أي شرف''· قرن المذابح ويقول المؤرخ الأميركي ستانلي هوفمان: ''يظل القرن العشرون قرن المذابح بالمعنى الواسع للكلمة، مذابح ذهب ضحيتها مئات الآلاف من المدنيين والجنود خلال الحربين الكونيتين التي كانت التقنيات والعلوم الحديثة خلالها في خدمة الموت والسحق والتدمير· مذابح ذهب ضحيتها ملايين اليهود باسم التفوق العرقي دون أن نتحدث عن الضحايا الآخرين الذين قضوا بسبب هذه النظرية البشعة، نظرية التفوق العرقي· مجاعات منظمة ومبرمجة، وإبعاد لمئات الآلاف من الناس، واجتثاث أعداد هائلة أخرى من أوطانها وقراها وشراؤها باسم بناء الاشتراكية في ما كان يسمى بالاتحاد السوفييتي· مذابح ناتجة عن حروب أهلية كما كان الحال في إسبانيا، ثم في الجزائر في الوقت الراهن· يعدم جزء كبير من الشعب الكمبودي باسم بناء الإنسان الاشتراكي الجديد· مذابح ضد الأرض عام 1995 وفي كوسوفو عام 1999 مرورا بمذابح رواندا والعديد من البلدان الأفريقية الأخرى·· كل ما كان فقد جماله ورونقه بسبب انتصارات الجريمة والشر هذه''· في خدمة الجريمة ويقول الكاتب الألباني إسماعيل كاداريه: ''ربما يدخل القرن العشرون في التاريخ كما لو أنه القرن الأشد هولا الذي لم تعش الإنسانية مثيلا له من قبل أبدا· وإذا ما كان هذا القرن هو حقا قرن التقدم التكنولوجي، وتحرر الشعوب من الاستعمار، وقرن حقوق الإنسان، فإن كل هذه الإنجازات لا يمكن أن تخفي النواقص والمناطق المظلمة· ففي هذا القرن والذي لا يضاهيه أي قرن آخر في ذلك، وجد العمل الإجرامي مساندة لدى الفكر الإجرامي· أبدا لم يحدث في التاريخ أن وجد جيش هائل من العلماء والسياسيين والباحثين والفلاسفة والأكاديميين والصحفيين ورجال الأدب نفسه في خدمة الجريمة والدفاع عنها· والأحداث الدامية التي عاشتها منطقة البلقان خلال العقد الأخير من القرن العشرين، هي الدليل القاطع على ذلك· إن هذا الاستنتاج المرعب يشهد على أنه إذا ما كانت الحريات قد تحققت بقوة خلال هذا القرن، يمكن القول أن هذا القرن هو الذي اخترع خلاله السلاح النووي، ذلك السلاح الذي يهدد الإنسانية بأسرها بالانتحار''· ويقول الكاتب الإسباني خورخي سامبرون: ''يظل القرن العشرون قرن الثورة، وفشل الثورة أيضا· غير أن هذا الفشل الذي أعتقد أنه نهائي، سيكون وجه العالم بصورة عميقة، ليس فقط لكي يجعله غير قابل أن يعيش فيه الإنسان، وإنما لأنه خلق في الاتحاد السوفييتي في العديد من البلدان الأخرى المجتمعات الأكثر تضررا من غياب العدالة الاجتماعية، ومن غياب المساواة· القرن العشرون هو إذن قرن فشل الثورة وأيضا قرن الإصلاحات والتحرر في أجزاء عديدة من العالم· وعلى أية حال فإن مستقبل القرن العشرين سوف يدوم طويلا''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©