الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ولادة .. لكن بقرار إداري

ولادة .. لكن بقرار إداري
20 ابريل 2010 20:30
ممنوع الخروج، تكرر غيابك أكثر من اللازم، إنتاجك قل وغيابك زاد، هذه بعض الإجابات التي يرد بها سي السيد «المدير» على الموظفة الحامل، مشكلة أزلية ولكنها لا تبدو مرشحة للحل، فبعض القطاعات الحكومية أو الشركات والمؤسسات الخاصة تجد في تلك الفئة من العاملات عبئاًِ ثقيلاً، والسبب أن إنتاجهن يقل، وغيابهن يتكرر بمبرر أو بدونه، مما يسبب خسائر فادحة للشركة. حكايات أليمة وقصص واقعية تسردها حوامل تعرضن «للتطفيش» مرة، ولخصم الراتب والانذارات مرات كثيرة. تؤمن فاطمة سهيل كثيراً بأنَّ الحمل نعمة من الله، وأن كلَّ طفل يأتي ومعه الرزق، لذلك فهي لم تتضجر أبدا عند علمها بأنها حامل للمرة الثالثة، على الرغم من الإرهاق الذي يحدث لها جراء الحمل وتبعاته، تقول: «الحمل، منذ بدايته وحتى الشهر التاسع، معاناه، فالمرأة في هذه الفترة تتعرض للكثير من التغيرات الهرمونية، لكنَّها قد تعاني في الشهرين الأخريين صعوبة أكثر في الجلوس لفترات طويلة في المكتب». تصمت لبرهة، ثمَّ تتابع متحدثة عن تجربتها، تقول: «إن أكثر ما يجعلني أشعر بالقلق والاضطراب هي تلميحات مديري من يوم لآخر عن كون إنتاجي قد قلَّ، وإجازاتي المرضية زادت. وأنا لا أعتقد أنني في شهري الأخير سأكون أفضل إنتاجاً، فمتاعب الحمل تزداد في هذا الشهر، والحامل بوجه عام لا تتعمد التكاسل والتقاعس عن العمل، ولكن ظروف الحمل تجعل مزاجها مضطرباً ومتقلباً من حين لآخر». رفض إجازتي أما منى راشد فتقول بمرارة وحرقة: «هل تصدقون أن مديري يرفض إجازاتي المرضية، ويعمل على تطفيشي من العمل». تتابع منى موصفة الموقف: «تمر السيدة الحامل بمتغيرات نفسية كبيرة، إذ تصبح متقلبة المزاج وقلقة وأكثر عرضة للتوتر، سواء نتيجة متاعب الحمل والثقل، أو القلق على الجنين، أو الخوف من الولادة، وكل تلك المتغيرات قد تؤدي إلى اضطراب أعضاء الجسم ووظائفها، الأمر الذي يعود على الجنين بالضرر. وأنا غالباً ما أعاني في فترة الحمل من إرهاق شديد، ويزداد ذلك في الشهر الأخير». تتحدث مني عن متاعبها، قائلة: «في هذه الفترة أشعر بتورم قدماي، مع تقلصات مستمرة وكثيرة في بطني، ورغم أنَّ ولادتي في كل مرة تكون قيصرية، فأنا أحاول تخطي تلك الآلآم والحالة النفسية والعصيبة التي أمر بها، وأحاول قدر الإمكان مواصلة العمل بكل همة ونشاط دون تقصير، لكن ما شكل لي صدمة هي التقارير الطبية الأخيرة التي أكدت أن الولادة هذه المرة صعبة، حيث سألد طفلي بعملية قيصرية رابعة، لذلك فأنا أحتاج إلى قسط كبير من الراحة خلال هذه الفترة». تضيف منى بانزعاج: «حاولت التفاهم مع مديري بالطيب واللين، لكنَّه في كل مرة يقول لي: أنت مطالبة بالعمل، سواء كنت حاملاً في الشهر الأول أو الأخير، ونتيجة لكثرة إجازاتي المرضية، خاصة في شهري الأخير، بات المدير يرفض إجازتي ويحولني من قسم لآخر، كنوع من التطفيش، مع تهديدي بإحلال موظفة أخرى مكاني، كما يؤخر الموافقة على إجازتي، ويحولها إلى لجنة طبية لتفتي بها إن كنت أستحق أم لا، وهو يتعمد تأخيرها في أحيان كثيرة ليتم خصم مبلغ من راتبي، ويستمر على هذا الحال من أجل التلاعب بأعصابي». حقوقي مهضومة من جانبها إحدى الموظفات المغلوبة على أمرها، والتي لم ترغب بذكر اسمها، تقول عن معاناتها التي لاتختلف كثيرا عن معاناة منى وفاطمة: «بعض رؤساء الأقسام والمديرين لا يوقعون على الاجازات المرضية لبعض الحوامل، فهم يعتقدون أنَّ الحامل تأخذ إجازات أكثر من اللازم من باب «الدلع»، وهي تصف معاناتها بالقول: «مرة يحاول تجاهل إجازاتي، أو يدعي أنها ضاعت، وثانية يرفض رفضاً قاطعا التوقيع على الإجازة بداعي حاجة العمل لي، ويستمر الوضع على هذا الحال إلى أن اضطر لأخذ إجازة من رصيد الإجازات السنوية». عند هذه النقطة تتحدث بانفعال: «باتت حقوق المرأة الحامل مهضومة، خصوصاً حقها في الإنجاب، ويزداد ذلك في القطاع الخاص والشركات دون مراعاة ظروف حملها. حيث يدعي الكثيرون من المديرين أنَّ الحامل تتدلع، و»تبالغ في إجازاتها المرضية». وتروي: «لقد شعرت ببوادر الولادة وأنا في الدوام، فلم استطع تمالك نفسي، وحدث ما لم يكن في الحسبان أثناء ذهابي للسيارة، فمديري المتعسف جعلني أداوم حتى اللحظة الأخيرة، وفي هذه اللحظة شعرت بالاحراج من قبل زملائي الذين استاءوا من تصرف المدير معي بمنعي من أخذ إجازة، مؤكدين إن مثل هذا الموقف المحرج يحصل للكثير من الحوامل». الرضاعة ألغيت أما ميرة حميد فهي أكثر وضوحاً في حديثها عن قساوة التجربة، حيث تقول: «هناك ضغوطات كثيرة على المرأة الحامل، وخاصة التي تعمل في الشركات والبنوك، فساعة الرضاعة ألغيت، والإجازات المرضية التي تتكرر أكثر من اللازم مرفوضة، وفي حالة التقاعس، أو تدني مستوى الانتاجية فالويل للحامل، إذ أنَّ الموظفة البديلة موجودة، وسياسةالتطفيش والتضييق عليها قائمة ومتواصلة». تتابع ميرة الحديث : «لقد لمَّح لي مديري أكثر من مرة في حملي الأخير إلى ضرورة أخذ إجازة طويلة وترك العمل، بذريعة أنَّ الأطفال والزوج بحاجة ماسة لي أكثر من ذي قبل. أما الهدف الواقعي فهو أن أقدم استقالتي، وهذا الشيء لن يحصل بتاتاً مهما كانت الضعوطات». للمديرين رأي بدورهم يبدي المديرون آراءهم في هذه المسألة، ومعظمهم يرفضون ما قيل عنهم بصددها، واضعين القول في خانة «الإدعاءات الكاذبة». يتأسف شريف السيد، صاحب شركة من إساءات بعض الموظفات اللاتي يستخدمن الإجازة المرضية بكثرة في فترة الحمل. ويقول:»أصبح الكثير من الحوامل اللاتي في صحة جيدة يتأثرن بصديقات لهن يعانين من بعض المشاكل الصحية الحرجة في هذه الفترة، فمن باب الغيرة تلجأ الأخرى إلى أخذ إجازات مرضية متكررة، وتخلق أعذاراً وبراهين وهمية عن معاناتها في الحمل، مما يضطر بعض المديرين أحيانا إلى استخدام أساليب ملتوية للاستغناء عن الموظفة الحامل بداعي تراجع الانتاجية وازدياد نسبة الغياب». وفيما يتعلق بالموظفات العاملات لديه يقول السيد: «أحاول قدر الإمكان التفاهم مع النساء الحوامل، وأن يكون هناك تنسيق فيما بينهن بحيث كل واحدة تنوب عن الأخرى في أداء العمل، حتى لاتتأثر الشركة وتلحقها الخسائر التي قد تكون فادحة. فأرباب العمل مطالبون في نهاية الأمر بالحفاظ على مستوى الإنتاجية». ويتفق معه سليم عازم، مدير لإحدى الشركات، قائلا: «كثيرون من المديرين كونوا أفكاراً سيئة عن المرأة الحامل، فيما يتصل بكونها متقاعسة، وأنَّ إجازاتها تتكرر أكثر من اللازم، وكثيراً ما تغيب بلا مبرر مقنع». يضحك عازم متناولاً هذه النظرة السلبية بالقول: «بعض الحوامل «دلوعات»، وعلى الجميع أن يراعي ظروفهن وأولهم المدير نفسه، وقد تستخدم البعض منهن سلاحها الفتاك «الدموع» من أجل أن تكسر خاطر مديرها، وتلزمه بالتخفيف عنها من العمل الشاق أو قبول إجازتها المرضية، ومن خلال تجربته العملية يؤكد عازم أن أكثر من 40% من الموظفات المتزوجات عبئا على الشركة». للطب وجهة نظر إن الكثيرات من الحوامل يمضين فترة الحمل بصحة جيدة، فيزداد جمالهن وتتبلور أنوثتهن، لكن البعض منهن يواجهن اضطرابات الحمل المعتادة، والتي تبين طبياً أنه يمكن تخفيفها، إلا أن بعض الاضطرابات خلال فترة الحمل يمكن أن تشكل إنذاراً حقيقياً، هذا ما تشير إليه الدكتورة أطياف إسماعيل، إخصائية نساء وولادة، حيث تقول عن ذلك: «يعاني الكثير من النساء الحوامل من الإرهاق الجسدي والنفسي، وقد يستمر ذلك إلى ماقبل الولادة بساعات، وليس صحيحا أن الحامل أقل إنتاجية وكفاءة، فالكثير من الدراسات تؤكد أن المرأة أكثر نشاطاً وإنتاجاً في جميع مراحل عملها». وحول ما يقال من إنها تتخذ من الإجازة المرضية عذرا للراحة، فهذا ليس صحيحاً، تقول الدكتورة أطياف: «لا توجد امرأة تدعي المرض، لكن لظروف الحمل الخارجة عن إرادتها، ولصحة الحامل وجنينها، تضطر في أحيان كثيرة للجوء إلى الإجازات من باب الخوف على صحتها وسلامة جنينها، ولكل من يحاول أن يمنعها من هذه الراحة المشروعة، أذكره بقول الرسول الأكرم، صلى الله عليه وسلم: «رفقاً بالقوارير».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©