الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة الليبية... وخطر استدامة الحرب الأهلية

الأزمة الليبية... وخطر استدامة الحرب الأهلية
7 مارس 2011 22:16
صعدت القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي هجماتها الشرسة على معاقل الثوار يوم الأحد الماضي، مستهدفة بالخصوص مدينتين غربيتين بالقرب من طرابلس التي يتحصن فيها النظام مع توسيع القصف الجوي والاشتباك مع جماعات المعارضة الزاحفة من الشرق باتجاه مدينة سرت في مواجهات عنيفة اندلعت على طول الشريط الساحلي المطل على البحر الأبيض المتوسط. فقد اصطدمت القوات الثورية التي كانت تسير في اتجاه سرت بكمين نصبه الموالون للنظام ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا وتعطيل سلسلة الانتصارات التي حققها الثوار في اندفاعهم نحو الغرب للوصول إلى طرابلس. ولكن مع ذلك قال الثوار إنهم نجحوا في إسقاط طائرتين تابعتين للنظام بالقرب من بلدة راس لانوف ذات الأهمية الاستراتيجية التي تضم مصفاة للبترول، وهي البلدة التي كانت سقطت يوم الجمعة الماضي في أيدي القوات المناهضة للقذافي. وفي طرابلس استيقظ الأهالي، في اليوم نفسه، على صوت إطلاق كثيف للرصاص مع تأكيد عناصر حكومية بأن الرصاص ما هو إلا مظهر احتفالي تعبيراً عن انتصار قوات القذافي في المواجهات الأخيرة. وتشير الأحداث إلى أن قوات النظام بدأت تتجمع لشن هجوم مضاد يستهدف المعارضين الذين سيطروا على أغلب المناطق الشرقية للبلاد منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية العارمة في 17 فبراير ضد حكم القذافي الذي استمر لأكثر من 41 عاماً. وقد أكدت حدة المواجهات وعنفها أنه لن يكون من السهل على قوات المعارضة المسلحة دحر نظام القذافي، وأن ليبيا تنزلق نحو حرب أهلية طويلة ودموية. وعلى الطريق الساحلي الشرقي الذي يقود إلى طرابلس عبر سرت كانت مجموعة من الثوار تتلمس طريقها الصعب في اتجاه الغرب بعد صدامات عنيفة مع القوات الحكومية، وفي تقدمهم نحو سرت قال الثوار إنهم استطاعوا تحرير بلدة بن جواد فيما اصطف الأهالي أمام منازلهم مرحبين بدخول المعارضين في الوقت الذي اعتلى فيه القناصة أسطح المنازل لتأمين وسط البلدة. وفي رأس لانوف قُتل جندي وجُرح ما لا يقل عن عشرين آخرين، حيث أكد الطبيب المشرف على المستشفى المحلي في البلدة قلة الإمكانات وعدم توفر المعدات. هذا ولم تتورع القوات الحكومية عن استخدام الطيران الحربي بعدما قصفت الطائرات موقعين في ضواحي بلدة رأس لانوف التي كان المعارضون قد سيطروا عليها قبل يومين فيما حلقت طائرة مروحية فوق مستشفى البلدة ما أثار الذعر في نفوس العاملين وأدى إلى إطلاق كثيف للنيران من قبل الثوار. وتوضح المواجهات الأخيرة تصميم الحكومة الليبية على ضرب المناطق الشرقية لمنع تواصل زحف الثوار على العاصمة. ولكن ثوار القوات المعارضة الذين انطلقوا في الصباح واثقين من قدرتهم على دحر القوات الحكومية وإرغامها على العودة إلى طرابلس رجعوا آخر النهار وهم مصدومون مما شاهدوه من شراسة الهجوم الذي شنه الموالون للقذافي لما استخدموا فيه من أسلحة ثقيلة وقذائف "آر بي جي"، وهو ما عبر عنه "جمال الغردي"، المواطن الليبي الذي يحمل الجنسية الأميركية بقوله: "لقد ضربونا بشدة، إنهم أفضل تسليحاً". ومن غير الواضح ما إذا كان الثوار الذين تدربوا لفترة قصيرة على حمل السلاح، ويتنقلون غالباً في سياراتهم الخاصة، سيعيدون الكرة مرة أخرى بالزحف مجدداً على سرت بعد الهجوم المضاد للقوات الحكومية، فقد أعلن الثوار مساء بعدما رجعوا إلى بلدة رأس لانوف للتزود بالذخيرة أن القتال اندلع بالقرب من بن جواد، لاسيما بعدما تدفقت تعزيزات من الثوار قادمة من الشرق لمؤازرة المقاتلين بما فيها عربات تحمل رشاشات ثقيلة مضادة للطائرات. وفي مدينة الزاوية، التي تكتسي أهمية استراتيجية بالنسبة لصناعة النفط الليبية، أكد شهود عيان مقتل عشرات الأشخاص وسقوط مئات الجرحى في الحصار الدموي المفروض على المدينة منذ السبت الماضي، وأفاد شهود عيان آخرون أن المدينة تعرضت مجدداً لقصف مكثف أول من أمس الأحد من قبل القوات الحكومية، وقد قُطعت عنها خطوط الهاتف والإنترنت فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي. وقد تنازع الجانبان، المعارضة والحكومة، ادعاء السيطرة على المدينة. وعلى رغم صعوبة التحقق من المعلومات فقد وصف شهود ما جرى في المدينة بـ"المجزرة" بعد الحصار الخانق الذي فُرض على الزاوية خلال اليومين السابقين وتعرض أحياء من المدينة إلى سيل من قذائف المدفعية أطلقتها القوات الموالية للقذافي. وقد شوهدت جثث المقاتلين متناثرة في طرقات المدينة التي لا تبعد عن طرابلس إلا بقرابة 40 كلم. وإلى الشرق من العاصمة لم يكن مصير مدينة مصراتة، وهي ثالث أكبر المدن الليبية، مختلفاً عن الزاوية وباقي البلدات المحيطة بطرابلس حيث خضعت المدينة لقصف مدفعي كثيف من قبل النظام الذي أرسل دباباته لتزحف على المدينة. وحتى داخل العاصمة طرابلس نفسها سُمع إطلاق النار فجر أمس مصحوباً بصوت المدفعية الثقيلة حسب تصريحات بعض الأهالي من داخل العاصمة تم التواصل معهم بالهاتف، ولم يتسن التحقق من هذه الأنباء بعدما منعت الحكومة الليبية دخول الصحفيين إلى داخل المدينة واكتفت بدعوة بعض منهم مستثنية صحفيي "واشنطن بوست". وعلى رغم سماع المواطنين لإطلاق الرصاص فقد نفى المسؤولون الحكوميون في طرابلس أن يكون ذلك مصدره اندلاع القتال مع الثوار، مؤكدين أنه مجرد مظهر احتفالي من قبل الموالين للقذافي الذين خرجوا في بعض مناطق المدينة يعبرون عن فرحتهم. بيد أن شراسة الحملة التي شنتها قوات القذافي على مدينة الزاوية تشير إلى جسامة التحديات التي تواجهها القوات الحكومية في استعادة المدينة وباقي المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار. فبعد الهجوم على الزاوية يوم الجمعة الماضي، وهو الهجوم الذي قادته كتيبة خميس القذافي، عادت القوات الحكومية مجدداً إلى ضرب المدينة، مدعومة بقصف مدفعي وهجمات بالرشاشات، لتشاهد أعمدة الدخان وهي تتصاعد من المدينة، ولكن على رغم ذلك، وفي غضون ثلاث ساعات، نجح الثوار في دفع قوات القذافي خارج مركز المدينة بعدما دمروا دبابتين وآليات أخرى عديدة. ستيف هيندريكس وأنتوني فايولا وسامويل سوكول رأس لانوف ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©