الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثمانيني الآتي من لبنان!

17 ابريل 2017 01:17
سقط الرئيس اللبناني أرضاً في قاعة القمة العربية في الأردن، فخطف الأضواء لدى من ظن أن هذا الرجل الثمانيني لن يقوى على الوقوف ثانية، أو على الأقل لن يقوى عن الصمود بين أشقاء أصغر سناً وأقوى بنية. لكن الرئيس ميشال عون فاجأ الجميع عندما اعتلى المنصة ليلقي كلمة كاد العرب يجمعون على أنها كانت الأعمق والأكثر قرباً من الوجدان العربي الغارق في هموم تعشش في داخله، منذ سقوط فلسطين في أربعينيات القرن الماضي. ولا عجب أن يتألق هذا الرجل في السياسة، وهو الآتي من بلد دفع أثمان القضايا العربية الواحدة تلو الأخرى من لحمه ودمه وماله وشعبه واقتصاده وسمعته وسيادته واستقلاله. ولا عجب أن يضع أصبعه على الجرح في أكبر منبر عربي، وهو الآتي من بلد كُتب عليه أن يأوي ثلاثة شعوب، وأن يُطعم ثلاثة شعوب، وأن يخاف من ثلاثة شعوب: شعب لبناني يحاصره الفقر والفساد واليأس والإرهاب، وشعب فلسطيني يستنزف نفسه في المخيمات ويهدد الأمن اللبناني عبر منظمات أصولية تعشش هنا وهناك، وشعب سوري نَقَل بلاده وسلاحه إلى الجار اللبناني، وتغلغل بين سكانه على مستوى البلاد كلها، وأخذ منهم ما بقي من مهن وحرف ومصانع، وحول أماكن وجوده إلى خلايا تمد يداً إلى «داعش» مرة وإلى بشار الأسد مرة أخرى. وأكثر من ذلك، أنه الرجل الآتي من بلد ترهبه إيران من خلال «حزب الله»، فإن هو أطاع سلم، وإن هو تمرد سقط كما سقط سواه، وإن هو وقف في الوسط محايداً، لامه المحور السوري - الإيراني في مكان، ولامه العرب في مكان آخر، وهو العارف أن بلداً متعدداً كبلاده لا يمكن أن يكون طرفاً لا هنا ولا هناك، ليس لأنه ليس عربياً، بل لأن بعض العرب وكل الغرب وضعاه في حضن آل الأسد طويلاً، فحولاه إلى وكر للإرهاب، وحصناً يحمون به النظام و«البعث» والهلال الإيراني الممتد من طهران إلى البحر المتوسط. هذا في اختصار ما جعل كلمة الرئيس اللبناني مدوية إلى هذا الحد.. إن القوة التي تأتي من الجرح تكون أحياناً أشد وقعاً من القوة التي تأتي من السلاح. مريم العبد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©