الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

ماركوس.. رحلة العودة إلى الحياة

ماركوس.. رحلة العودة إلى الحياة
16 ابريل 2017 23:25
أمين الدوبلي (أبوظبي) عندما وقعت الحادثة للبرازيلي ماركوس سانتوس موري كان عمره 31 عاماً، وقتها كان يعيش وحده في اليابان منذ 7 سنوات، يعتمد على نفسه، يتدرب ويشارك في سباقات الدراجات النارية أحياناً، ويمارس هوايته المفضلة «الجو جيتسو» مع أصدقائه أحياناً أخرى. عن الحادث قال ماركوس: منذ 4 أعوام كنت على ظهر دراجتي النارية، هذا كل ما أتذكره حتى الآن، لأنني غبت عن الوعي لفترة لا أعرف مدتها، واستفقت فجأة فنظرت حولي لأجد نفسي في المستشفى، وبقيت أفكر وكأني في حلم، لكني لا أتذكر شيئاً، حتى حاولت أن أقوم لكني لم أتمكن، لم أجد قدمي اليمنى، اكتشفت أنني من دون قدمي، وأن ركبتي اليسرى مهشمة، وهناك إصابات كثيرة في يدي وصدري، فصرخت بأعلى صوتي، وجاءت الممرضة لتخبرني أنني تعرضت لحادث، ونقلت إلى المستشفى منذ 3 أسابيع، وطيلة هذه الفترة كنت غائباً عن الوعي لا أعرف ما يحيط بي. وأضاف: حاولت أن أتذكر ما حدث لكني لم أصل إلى شيء، وجاء الطبيب ليخبرني قائلاً: «لقد فقدت الذاكرة مع الحادث»، حينها عرفت أنني انقطعت عن الماضي، وأصبحت أعيش الحاضر، ولا أعرف شيئاً عن المستقبل!، وعندما ذهب الطبيب، وغابت عني الممرضة صرخت بأعلى صوتي في المستشفى، كيف أعيش الآن؟؟، أنا لا أعرف شيئاً عما حدث لي بالأمس، ولا أعرف أين أسرتي، ولا كيف أتيت للحياة!، ثم أنني كيف أستكمل مشوار الحياة من دون قدم؟، وبإصابات أخرى كثيرة؟، ربما أقوم منها، وربما تترك عاهات مستديمة معي؟، انهمرت الدموع من عيني، وظللت أصرخ وأبكي، حتى لم أجد طاقة أستكمل بها هذا البكاء والصراخ، فأغمضت عيني، ونمت قليلاً وأنا أتمنى أن يكون ما سمعته هذا كابوساً سيذهب، وأستيقظ منه لأكمل مسيرة حياتي كما كانت». وأضاف: قضيت عاماً كاملاً في المستشفى، بين الأمل والرجاء، لكني استعدت الذاكرة، باستثناء شيء واحد هو الحادث، ماذا حدث لي؟، وكيف؟ ما زلت لا أعرف شيئاً، وتواصلت مع والدي في البرازيل فجاء، حيث أصيب بصدمة كبيرة عندما رأني للمرة الأولى فانهمرت دموعه، ومعها سالت دموعي، لأنني وللمرة الأولى أكون غير قادر على الوقوف لأرحب به، أو أحتضنه، والدي بقي معي 3 أشهر ثم سافر إلى البرازيل لأنه لا يحب أن يبقى في اليابان، وأنا لا أحب أن أعود معه للبرازيل، وكانت تلك هي المرة الوحيدة التي جاء فيها والدي إلى شوزوكا المنطقة التي أعيش فيها بعيداً عن العاصمة طوكيو بساعتين. تابع: بقيت في المستشفى طويلاً، وكنت أخشى العودة إلى المجتمع، كنت لا أعرف ماذا أفعل، لكني شعرت بالملل من البقاء في المستشفى، وقررت بعد عام أن أخرج، فقالوا لي إنني بحاجة للبقاء شهراً ونصف الشهر، ومدة أخرى بعدها في مستشفى آخر للتأهيل النفسي، لكني لم أستمع لهذا الكلام، وقررت أن أواجه الحقيقة، فاتصلت بأحد أصدقائي، وجاء ليزورني، وهربت معه من المستشفى، فلم أعد إليها مرة أخرى، وقررت أن أعود لسباقات الدراجات النارية، وأشار إلي الأصدقاء بأن أدخل سباقات السيارات أيضاً، وحاولت أن أندمج تدريجياً، لكني لم أعد قادراً على ممارسة رياضة الجو جيتسو، وقد كان ذلك سبباً إضافياً للمزيد من الأحزان، لأنني في الجو جيتسو كنت أترك همومي خلف ظهري، وأتفرغ للمتعة. وأوضح ماركوس: «مرت الأيام أغالب الحياة، تغلبني أحياناً بقسوتها، وأقاومها أحياناً أخرى بصلابتي، حتى نجحت في تأسيس محل صغير لصيانة الدراجات النارية، هذا حدث في العام الماضي، وكان افتتاحه هو أسعد يوم في حياتي منذ وقعت لي الحادثة، لأنه أصبح لي مصدر رزق دائم، بعد أن كنت لا أعرف أين سأتناول العشاء، وهل معي من المال ما يمكنني من شراء هذه الوجبة؟». وتحدث ماركوس عن دعوته إلى أبوظبي وكيف وصل إليها، وقال: تلقيت اتصالاً من صديقي أل سيرلي الذي يعيش في البرازيل، وسبق له أن شارك العام الماضي في بطولة أبوظبي العالمية على سبيل الاستعراض، كان هذا الاتصال منذ شهرين ونصف الشهر، وسألني عما إذا كنت أمارس رياضة الجو جيتسو؟ وعما إذا كنت مستعداً للمشاركة في نزالات عالمية بأبوظبي، فقلت له: أنا توقفت عن ممارسة تلك الرياضة، ولكني سأعود إليها، وبالفعل عدت إليها منذ هذه المكالمة، وقررت أن أستعيد كل قوتي، فكنت أتدرب كل يوم دون توقف، كنت أتدرب أحياناً مرة، وأحياناً أخرى مرتين، ومع هذه الدعوة تجدد لي الأمل في المتعة، وكنت أنسى همي فيها كالعادة، حتى أصبحت جاهزاً للمشاركة في النزالات. وعن رحلة حضوره، قال ماركوس: هذه الرحلة كانت أيضاً فصلاً من فصول المعاناة، فعندما ذهبت إلى المطار أخبروني أن تأشيرتي لم تصل من أبوظبي، وأنه لا يمكن لي أن أسافر، وطلبوا مني الانتظار، انتظرت يومين في المطار، كل يوم يقولون لي: لم تأت التأشيرة ولن تتمكن من السفر، فاتصلت برودريجو، السكرتير الفني لاتحاد الإمارات للجو جيتسو، فاندهش وطلب مني يوماً واحداً حتى يرسلها، وبالفعل أرسلها لي في اليوم الثاني، وكان موعد الطائرة هو الثانية ظهراً، وتسلمت التأشيرة عند الثانية بعد أن تركني المسافرون وصعدوا إلى الطائرة، وعندما وصلتني صورتها على هاتفي من رودريجو كنت أجري خلفهم بالكرسي وأصرخ، هذه هي التأشيرة أخبروهم اسمحوا لي اللحاق بالطائرة، وبالفعل جرت الاتصالات وبعد نصف ساعة كنت على الطائرة إلى رحلة العودة إلى الحياة، والهروب من الأحزان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©