السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنوب أفريقيا... «ماليما» خارج «المؤتمر»!

5 مارس 2012
طرد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يوم الأربعاء الماضي جوليوس ماليما، رئيس الجناح الشبابي للحزب، بسبب اتهامه بزرع الفرقة والإساءة إلى سمعة الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا. وقد اصطدم ماليما، القيادي المثير للجدل، مع زعامة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وخسر المواجهة معها في النهاية. ولكن مشاكله لم تنته عند هذا الحد حيث فتحت أيضاً عدة تحقيقات بشأن أنشطته المالية غير القانونية المفترضة. غير أن قرار يوم الأربعاء قابل للاستئناف، ولكن في حال تأييده، فإنه لن يترك لماليما بديلاًً غير إنشاء حزب خاص به، وإن كانت شخصيات شعبوية أخرى غادرت الحزب في الماضي تعثرت أمام الهيمنة السياسية لحزب المؤتمر. ومما يبرز حالة التوتر الموجودة داخل الحزب بسبب هذا الموضوع، أن القرار لم يعلن عنه إلا بعد ساعات على الموعد الذي كان مقرراً سلفاً، حيث كان من المفترض أن يتم الإعلان عنه في وقت متأخر من بعد الظهر ولكنه أرجئ حتى حوالي الساعة العاشرة ليلاً. ولدى ماليما الآن مهلة أسبوعين من أجل الاستئناف، ولكن حجم الدعم الذي يحظى به في حزب المؤتمر الوطني يبدو أنه بات ضد هذا المشاغب الشعبوي. ومن الجدير بالذكر أن عضوية ماليما كانت قد علقت خلال العام الماضي لخمس سنوات بسبب عدم الانضباط والإساءة إلى سمعة الحزب بعد أن تعهد بإرسال فريق من الجناح الشبابي للحزب من أجل المساعدة على تغيير الحكومة في بوتسوانا، الجار الشمالي الديمقراطي والمزدهر لجنوب أفريقيا. واستأنف ماليما قرار التعليق، ولكنه أُيّد من قبل اللجنة التأديبية في أوائل فبراير الماضي. وفي مشواره السياسي القصير، استأثر ماليما بعدد أكبر من عناوين الصحف مقارنة مع أي شخص آخر في الحياة السياسية الجنوب أفريقية، بما في ذلك الرئيس جاكوب زوما، حيث كان يُنظر إلى زعيم الجناح الشبابي باعتباره خطيباً كاريزميّاً ومستفزّاً يستعمل المزاح كسكين لطعن خصومه. وقد زادت شعبويته الخشنة وتصريحاته العدائية اللاذعة حول الجنوب أفريقيين البيض من تقلب الحياة السياسية، حيث أغضب معظم البيض ولكنه وجد صدى له بين بحر من الشبان السود المهمشين، الذين يستطيع كثيرون منهم توقع عدم حصولهم على وظيفة متى احتاجوا إلى ذلك. كما هاجم ماليما شخصيات تحظى بالتقدير والتبجيل داخل المؤتمر الوطني الأفريقي، حيث لم يتوان عن انتقاد زعماء قال إنهم خذلوا جنوب أفريقيا، وسخر من وزراء في الحكومة، ودعا إلى تأميم المناجم والبنوك، مما أثار قلق وزراء في الحكومة ومستثمرين أجانب على حد سواء. بل إنه كان يذهب إلى أبعد الحدود أحياناً، حيث أدين بتهمة خطاب الكراهية بعد أن قال ذات مرة إن المرأة التي اتهمت زوما باغتصابها في محاكمة في سنة 2006 "أمضت وقتاً ممتعاً" (يذكر أن زوما بُرئ في تلك القضية). كما تسبب في سنة 2010 في إحراج حزب المؤتمر الوطني الأفريقي عندما وصف مراسلاً لهيئة الإذاعة البريطانية "بي. بي. سي" بأنه جاسوس و"عميل ملعون". وفي السنة نفسها، أصدرت اللجنة التأديبية لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي في حقه قراراً عقابيّاً مع وقف التنفيذ على خلفية دعمه لحزب "زانو بي. إف" الحاكم في زيمبابوي، بعد أن اعتبر ذلك تدخلاً في سياسة جنوب أفريقيا الخارجية. يذكر أن ماليما نشأ أصلاً في حي فقير في إقليم ليمبوبو، وكان ابن عامل منزلي على غرار زوما. وحين كان مراهقاً، جُذب إلى عالم النضال ضد نظام التمييز العنصري "الأبارتايد". ومع أنه فشل في المدرسة، إلا أنه صعد بسرعة عبر مؤتمر طلبة جنوب أفريقيا، وهو هيئة تابعة للمؤتمر الوطني الأفريقي، واستمر في الصعود عبر الجناح الشبابي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وقد رمى بثقله خلف زوما لمساعدته على تنحية الرئيس الجنوب أفريقي آنذاك ثابو مبيكي من قيادة الحزب في سنة 2007. وفي وقت لاحق أسقط حلفاء زوما في النهاية "مبيكي" من الرئاسة. ولكن ماليما كرئيس للجناح الشبابي، تخاصم مع زوما أيضاً في سنة 2010، بعد الإجراءات التأديبية التي اتخذها الحزب في حقه. وأصبح ماليما شخصية محورية في فصيل تابع لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي يسعى إلى تنحية زوما في مؤتمر لقيادة الحزب مقرر انعقاده في وقت لاحق من هذا العام. ويقول محللون إن الصراع على زعامة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أصاب الحياة السياسية بالشلل، على غرار ما حدث في سنة 2007 عندما ناور زوما ضد "مبيكي". وفي هذه الأثناء، أصبحت معاملات ماليما التجارية موضوع بحث وتدقيق وسط معارضة له في الحزب الحاكم يتزعمها حلفاء زوما، حيث تتساءل عناوين الصحف حول الكيفية التي استطاع بها ماليما بناء منزل كبير فخم باهظ التكلفة في حي ساندتون الراقي براتب منخفض لمسؤول عن الجناح الشبابي في الحزب، وحول مصدر السيارات الفخمة العديدة وساعة "بريتلينج" التي يملكها؟ أما ماليما نفسه فيقول إنها هدايا من أصدقاء، ولكن أوضاعه المالية تخضع حاليّاً للتحقيق من قبل الشرطة ومصلحة الضرائب. ويعتبر ماليما أول مسؤول في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ينتقد الحكومة بقوة على خلفية إخفاقاتها في توفير الخدمات الأساسية للفقراء. وبالنظر إلى خروج المظاهرات بشكل دوري في الأحياء الفقيرة والعشوائية عبر جنوب أفريقيا احتجاجاً على نقص الخدمات، فإن كثيرين يشيرون إلى أنه ربما لن يمر وقت طويل قبل أن تصعد إلى الواجهة شخصية أخرى على نموذج ماليما، بنفس الخطاب الناري ونفس الدعوات إلى تأميم المناجم والبنوك. روبين ديكسون - جوهانسبيرج ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©