السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماكين وخريطة طريق للبيت الأبيض

ماكين وخريطة طريق للبيت الأبيض
21 مايو 2008 02:33
لا شك أن ''جون ماكين'' هو المرشح المفضل لدى الأميركيين بسجله الوطني اللامع وأدائه الجيد في مجلس الشيوخ، لذا من السهل على ''ماكين'' أن يحظى بدعم ومساندة الناخبين من كلا الحزبين، بل وحتى من المستقلين لو عرف كيف يقوم بذلك، غير أن ''ماكين'' يواجه صعوبات حقيقية فرضها عليه سياق الأحداث الذي تمر به البلاد والمتمثل في المشاكل الاقتصادية، وحرب لا تحظى بشعبية، ورئيس جمهوري تدنت شعبيته إلى أدنى مستوياتها، فضلا عن المزاج الوطني المتشائم السائد هذه الأيام في أميركا، لا سيما بعدما قال 82% من الأميركيين في استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة ''بوست-أي·بي·سي'' إن البلد لا يسير في الاتجاه الصحيح، وبالطبع يحلل علماء السياسة تلك العوامل ويضيفون لها دوافع أخرى ليتوقعوا دخول الحزب الديمقراطي إلى البيت الأبيض في الانتخابات المقبلة، ولكني أتوقع - من وحي تجربتي- أن ''ماكين'' مازال قادراً على الفوز إذا ما اتبع خريطة الطريق التالية· لا يتعين على ''ماكين'' تقديم نفسه كمرشح جمهوري تقليدي، وهو أمر في المتناول، لأنه بالفعل ليس كذلك، ولو طرحنا السؤال حول كيف أمكن ''لماكين'' المعارض للتعذيب والتدخين، والمطالب بإصلاح النظام المالي، وتبني بدائل جديدة للطاقة، أن يجد طريقه إلى الانتخابات التمهيدية لعثرنا على الجواب في قاعدة الحزب الجمهوري نفسه، فضلا عن باقي الناخبين، الذين بدأوا يتجهون نحو اليسار، وقد تزامن مع ذلك ما أثارته حملة ''أوباما'' -كمنافس محتمل ''لماكين''- من كبيرة لدى الأميركيين إلى درجة عودة الحيوية مجدداً إلى حملة ''هيلاري'' المتعثرة، وبفضل التصريحات الملتهبة التي أدلى بها مرشده الروحي ''جيريميا رايت'' باتــت مثالــب ''أوباما'' في تصاعد مستمر، بل وما فتئت تتفاقم كلما أسرع الخطى نحو خط النهاية· ومع ذلك مازال الناخبون أكثر ميلا إلى الحزب الديمقراطي بعدما أعطت استطلاعات الرأي تقدماً واضحاً للديمقراطيين بنسبة 53% من التعاطف الشعبي مقابل 39% للجمهوريين· بعبارة أخرى نحن أمام وضع غريب، مرشح يصعب انتخابه يرشحه حزب لا يمكن هزيمته، وفي المقابل لدينا مرشح مؤهل جداً للانتخاب لكنه يمثل حزباً محكوما عليه بالخسارة، وفي ظل هذا الواقع ليس من حل أمام ''ماكين'' لانتزاع الفوز ودخول البيت الأبيض سوى الجنوح إلى الوسط، فقاعدته الأساسية ستكون في الوسط، بل ستستقطب أعداداً مهمة من الناخبين الذين لم يحسموا خياراتهم بعد، والحقيقة أن المرشد الروحي ''لأوباما'' أصبح من حيث لا يدري المساعد الأول ''لماكين'' في الحصول على الأصوات، ورغم كل ما يأمله البعض من أن الاعتبارات العرقية لن تلعب دوراً في الانتخابات ولن تؤثر في اختيارات الناخبين، إلا أن العرق حاضر بالفعل، فالخوف المتنامي من ''أوباما''، الذي يظل وجهاً مجهولا على كل حال، سيسحب كل جمهوري أبيض من ملاعب الجولف ويدفعهم للتصويت الى ''ماكين''، وهو في ذلك لن يحتاج إلى أصوات الإنجيليين، أو المدافعين عن السياسات المالية المحافظة· وهكذا لن يكون ''ماكين'' في حاجة إلى جهد كبير لاستمالة قاعدته في الوسط، لكن ما يحتاجه على وجه السرعة هو إقناع المستقلين والديمقراطيين المتخوفين من ''أوباما'' بدعم ترشيحه، فإذا رأوا هؤلاء في ''ماكين'' بديلا مقبولا ''لأوباما'' فإنهم على الأرجح سينضمون إلى ''ماكين'' ويمنحونه أصواتهم في شهر نوفمبر المقبل، لكن يبقى العراق العقبة الأكبر التي يواجهها ''ماكين'' وتهدد بإبعاد الليبراليين عن دعمه والوقوف إلى جانبه، فرغم النجاحات النسبية التي حققت في العراق مثل انخفاض عدد القتلى الأميركيين والتوصل إلى اتفاق مع المتمردين السنة في الأنبار وتقدم خطة الزيادة في عدد القوات، إلا أن معظم الأميركيين لا يريدون استمرار الحرب، والحل هو استدراج ''أوباما'' إلى ساحة النقاش حول موضوع العراق واستفزاز السيناتور قليل التجربة حول ماذا سيفعل لو سيطرت ''القاعدة'' على العراق، أو قامت بذلك إيران، وماذا لو تعرض العراقيون الذين ساندوا أميركا للقتل بالآلاف؟ بالطبع سيهب ''أوباما'' -الذي لن يقبل على نفسه أن يبدو ضعيفا''- للإجابة عن الأسئلة، وسيشير مثلا إلى احتمال إرسال قوات إلى العراق، وسيُطمئن الأميركيين بأنه سيحتفظ بجزء من القوات في بعض القواعد العسكرية القريبة للتدخل في حالة الطوارئ، ولكي يتفادى الظهور بمظهر السياسي غير الحاسم سيتبنى نبرة حادة وعدوانية أحياناً لمواجهة الناخبين، وبقيامه بذلك ستضيق الفجوة في المواقف حول العراق بين ''أوباما'' و''ماكين'' وستنتفي الفوارق، وبالنسبة للأميركيين لن يهم الأمر كثيراً ما إذا كانت القوات ستظل في العراق، أم في الكويت مادام عدد القتلى في تراجع، كما أن أهمية العراق كموضوع ساخن في الانتخابات الأميركية ستنحسر في ظل غلبة القضايا الاقتصادية، لكن في كل ذلك علينا ألا ننسى دور الرئيس ''بوش'' الذي يتعين عليه -لمساعدة مرشح حزبه- الخروج قليلا من أروقة البيت الأبيض والتواصل مع الناخبين ليقول لهم شيئين أساسيين: أولا: أننا نتقدم في العراق، وثانيا، ليس الاقتصاد بالسوء الذي يتصوره البعض، غير أن مساعدة بوش لـ''ماكين'' لا تعني أن يساند هذا الأخير ''بوش''، بل بالعكس يتعين عليه الاحتفاظ ما أمكن بمسافــــة عن الرئيس، وفي أثنــــاء ذلــــك يتعيــــن على ''ماكين'' ترسيخ مؤهلاتــــه كمدافــع عن الإصلاح وسياسي غير تقليدي لاستمالة الديمقراطيين والمستقلين المتخوفين من ''أوباما''· ولا يتعين القلق بشأن القاعدة اليمينية للحزب الجمهوري، ذلك أن مواقف ''أوباما'' المعلنة والمتمثلة في ليبراليته الواضحة، وأجندته المطالبة بفرض الضرائب، واقتراحه بإضعاف قانون المواطنة الموجه لمحاربة الإرهاب في الداخل، كلها تضمن وقوف الكتلة اليمينية في الحزب الجمهوري مع ''ماكين''، وفي الوقت نفسه سيتولى اليمين مهاجمة خصم ''ماكين'' دون أن ينبس هذا الأخير بكلمة، بحيث سيكون على ''أوباما'' الذي كان عليه في السابق أن يثبت للأميركيين أنه ليس مسلماً، أن يبرهن لهم هذه المرة أنه لم يكن كثير التردد على كنسية ''جيريميا رايت''· ديك موريس معلق سياسي في محطة فوكس نيوز اليمينية ومستشار سابق في حملة كلينتون الانتخابية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©