السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شريف سباق: 11 «موقعاً» للذكاء في دماغ كل إنسان

شريف سباق: 11 «موقعاً» للذكاء في دماغ كل إنسان
6 يوليو 2009 23:34
يظل الآباء يشتكون على مر السنوات الدراسية من مستوى الذكاء وتفاوته بين الإخوة أنفسهم، ثم على مستوى الطلبة في نفس الصف، ومع أن القدرة على التحصيل والتركيز والقدرة على حيازة النقاط العالية أمر مهم ولا نقاش فيه، وهو علامة على التفوق والذكاء، ولكن يبقى الحديث عن الفئة الثانية، وهي فئة متوسطي الذكاء أو من لهم ذكاءات متعددة، والتاريخ كفيل بمثل هذه النماذج، فعندما نتحدث عن أينشتاين مثلاً، حيث كان يتضايق أساتذته من عدم تركيزه، وتفكيره المشتت، وعدم حصوله على العلامات الجيدة في الصف، وهو من احتار العالم في أمره، لجهة النظريات التي أرساها، هكذا فالذكاء لا يقتصر على مجال واحد، وهذا ما فسرة شريف سباق في نظرية الذكاءات المتعددة. ويقول شريف سباق، مستشار إعلامي وتربوي: يُحكى أنَّ رجلاً كان يقود سيارته بطريق موحشة تقبع مستشفى المجانين على جانب منها، ولحظه العاثر اختل الهواء في أحد إطارات سيارته بالقرب من سور المستشفى، فأصابه التوتر، ولم يجد بداً من تغييره، لكنه بعد أن نزع الإطار المثقوب، أضاع براغي التركيب، فظل يبحث عنها هنا وهناك، إلا أنه لم يهتد إلى مكانها، وكأنها رفعت إلى السماء، وبينما هو على هذه الحال، إذ بصوت يصرخ عليه من تلك النوافذ المحصنة بأعواد الحديد، يقول له: يا أخي، خذ من كل إطار من الثلاثة الباقين برغيا وركب الاحتياطي حتى تصل لأقرب محطة صيانة، انتبه صاحب السيارة وقال: والله إنها لفكرة جيدة، وعندما انتهى من تركيب الإطار نظر لنزيل المستشفى وقال له: «أنت بصحة جيدة، فما أتى بك إلى هنا؟» رد عليه النزيل وقال له: «أنا صحيح مجنون لكني لست غبياً». ليس غبياً أحببت أن أبدأ بنكتة المجنون حديثا عن الذكاء، فتساءلت: هل كل الذين يعانون من ضعف المستوى الدراسي قليلو الذكاء؟ ثم أدركت قسوة هذا السؤال، فأعدت صياغته على نحو آخر وقلت: هل نعيش أزمة تعليمية تتضافر مفرداتها لوصم نسبة لا بأس بها من أبنائنا بقلة الذكاء؟ لا شك أن أزمة التعليم والمدارس قد بلغت ذروتها ليس فقط بسبب أنماط المقررات الدراسية المختلفة والمتضاربة التي تعج بها ساحتنا التربوية، بل أيضا بسبب أساليب التدريس الجافة والمملة التي حالت دون وجود قدر من التفاعل الوجداني بين المتعلمين والمواد التعليمية، وتسببت في نفور البعض مما أدى لنمو اتجاهات سلبية نحو المدارس والمدرسين، فإذا بهم يذهبون إلى المدارس ولا يتمدرسون، لا يعطونها من أنفسهم شيئا، ولا يأملون من ورائها نفعا، تركوها كالمعلقة ومالوا كل الميل إلى الإنترنت والحاسوب. ثورة عارمة ألا يدعونا هذا لنسأل أنفسنا لماذا نبقي على المدارس؟ لكننا في الحقيقة لا نجرؤ على تجاهل الأدوار الاجتماعية المهمة لتي مارستها المدرسة على مر السنين، إننا نخاطر بفقد كل هذه الأدوار إذا فقدت المدرسة قدرتها على جذب الدارسين، والأخذ بأيديهم للنجاح على اختلاف إمكاناتهم، ليس من خلال وسائل الترفيه التي تتنافس مدارس اليوم في اقتنائها ولكن بالعمل على تحسين المردودية التعليمية في عملية محورها المتعلم، تراعي طبيعته وميوله واهتماماته وتساعده على تنمية قدراته بحيث يعمل وينتج ويتواصل بشكل يحقق فيه ذاته ويشبع رغباته، إننا نتطلع إلى مدرسة تنصف كل المتعلمين وتعتبر أن لكل واحد منهم قدرات معينة وذكاء خاصا، وهذا ما دفع نفرا من علماء النفس والتربية والأنثربولوجيا والفلسفة والاجتماع بجامعة هارفارد عام 1979 وعلى رأسهم «هاورد جاردنر»، Gardner H للبحث والتجريب ليخرجوا علينا في الربع الأخير من الألفية الثانية بنظرية الذكاءات المتعددة في ثورة عارمة على أولئك الذين ظلوا ردحا من الزمن يفاضلون بين الناس في الذكاء من منطلق مقياس المعامل العقلي QI، المبني على عدة اختبارات تقيس القدرات اللغوية والمنطقية والرياضية، وتعتمد على الأجوبة المختصرة وسرعة الاستجابات، متخذة أشكالاً مختلفة حسب سنّ المفحوصين وسياقهم الثقافي، يتم على أساسها تصنيف الفرد ضمن إحدى درجات سلم الذكاء ليلزمها مدى حياته، كان لثورة هذه الثلة من العلماء ما يبررها، إذ كيف نتجرأ على الحكم على ذكاء الفرد دون أن نقدم تصورا متكاملا عن ذكائه الحقيقي، عن مختلف استعداداته العقلية أو كفاءته المهنية، وهذا ما دعا جاردنر عام 1983 إلى القول بأننا «عندما نقيس ذكاء الناس بمقياس واحد فقط، فإننا في الحقيقة نغشهم فيما يتعلق بمقدرتهم على التعرف على الأشياء الأخرى»، ومن هنا بدأ المختصون يتعاملون مع نظرية الذكاءات المتعددة التي أكدت وجود اختلاف بين الناس في أنواع الذكاء وفي أسلوب استخدامه، وبشرت بدور جديد يمكن أن تلعبه مدارسنا في تقديم تعليم يفسح المجال لكل صنف من هذه الذكاءات بالظهور والتبلور في نتاج تربوي يفيد تطور المجتمع ويساهم في تقدمه ويثري حضارته وينوع ثقافته. ولكن أليس من حقنا أن نتساءل ما الذي يميز جاردنر ونظريته عمن قالوا قبله بوجود ملكات أو قدرات متعددة لدى كل فرد؟ لقد قام جاردنر بعمل بحثي شامل للعديد من الجوانب الثقافية والفسيولوجية والعصبية، فدرس النمو الذهني لدى الأطفال العاديين، ودرس الآلية التي تطور بها الجهاز العصبي للإنسان عبر الزمن، كما قام بدراسة الأطفال الموهوبين، والانطوائيين، وغيرهم ممن يظهرون صعوبات تعليمية، لأن هذه الفئات المتنوعة من الأطفال تسلك سلوكا ذهنيا مختلفا يصعب معه فهمهم في إطار المفهوم السائد للذكاء، ولم يكتف بذلك بل درس أنواع النشاط الذهني لدى مختلف الشعوب المتميزة بثقافات متنوعة ولدى مختلف أنواع الحيوانات. غير أن أهم ما قام به حقا هو دراسة الكيفية التي تعمل بها القدرات الذهنية في حال حدوث تلف في بعضها، وقد اكتشف أن ذلك يؤدي إلى فقدان وظائف ذهنية محددة دون غيرها، وأفاد من أبحاث أثبتت أن المرضى الذين يصابون في النصف الأيسر من الدماغ قد يفقدون القدرة على الكلام، ولكنهم يظلون مع ذلك قادرين على الإنشاد والغناء، فموضع الذكاء الموسيقي لديهم لم يصب بسوء، وأن المرضى المصابين في النصف الأيمن من الدماغ يستطيعون القراءة ولكنهم قد يعجزون عن تفسير ما يقرأون. وفي عام 1983 أصدر جاردنر كتابه أطر الذهن: Frames of mind الذي ذكر فيه أنه: «ما من واحد من الناس إلا ولديه سبعة ذكاءات يشغل كل منها حيزاً معيناً في دماغه»، لكنه ما لبث أن اكتشف الثامن ثم التاسع وتوالت الاكتشافات حتى أن أتباع النظرية اليوم يتحدثون عن أحد عشر ذكاء هي: اللغوي والمنطقي والبصري والاجتماعي والتأملي والحركي والموسيقي والحدسي والوجداني والميكانيكي والروحي، ويمكننا أن نبدأ بالحديث عنها آملين أن نرشد المعلمين والآباء إلى طرق اكتشاف الذكاءات التي يتمتع بها أبناؤهم، والأساليب المناسبة للتعامل معها، ونساعد الأبناء في تحديد مجالات العمل التي يمكن لهم أن يحققوا فيها نجاحا يرضيهم. الذكاء اللفظي/ اللغوي إنه القدرة على فهم وإنتاج مجموعة من العلامات المساعدة على نقل معلومات لها دلالة، بمعنى آخر الكفاءة في الاستخدام الشفهي والكتابي للكلمات. إن صاحب هذا الذكاء ينتج اللغة بسهولة ويدرك الفرق بين الكلمات ويجيد ترتيبها ويحس إيقاعها، سريع الحفظ، يستمتع بقراءة القصص والكتب والملصقات، ويتحمس لإلقاء الخطب وقصّ الحكايات وحل الكلمات المتقاطعة والألعاب اللغوية، يتعلم اللغات بسرعة، ويتذكر الأسماء والأماكن بسهولة، يقبل على المناقشات والحوارات، بارع في التعبير عما يريده، حديثه مشوق ومحاورته ذكية، تحضره الدعابة والطرفة في موعدها ومحلها. وأفضل الطرق التي يتعلم بـها: استخدام السبورة والبروجكتور واللوحات والبطاقات، والكتب والاسطوانات وأدوات الكتابة، والمشاركة في المناقشات. وأنت أيها الابن يا من تتمتع بهذا النوع من الذكاء يحق لك أن تحلم بأن تكون: كاتباً أو صحفياً أو شاعراً موهوباً، أو محامياً أو معلقاً أو خطيباً مفوهاً تأسر عقول وقلوب سامعيك، أو معلماً بارعاً، أو صاحب إحدى المهن الحرة، وقد يروق لك أن تكون مذيعاً مرموقاً أو فكاهياً أو ممثلاً قديراً. احلم كما تشاء، وضع حلمك نصب عينيك، واعمل باتجاهه، فأنت تمتلك هذا الحلم لأنك تمتلك ذكاء اللغة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©