الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أم القيوين.. تاريخ في جرار

أم القيوين.. تاريخ في جرار
17 مارس 2014 10:53
أم القيوين (الاتحاد) ـ هادئة تتهادى أم القيوين ملتحفة البحر إطلالة وجزُراً، لذلك كانت دائماً وجهة مفضلة لأبناء الإمارات وزوارها من مختلف الأنحاء. عرف أهلها بشجاعة نادرة حتى إن بعض الوثائق التاريخية تشير إلى أن اسمها الأصلي هو «أم القوى» أو «أم القوتين» كدلالة واضحة على رباطة جأش أهلها وبسالتهم في مقارعة الاستعمار، بالإضافة إلى تآخيها مع جيرانها. يعود سكان أم القيوين إلى قبيلة آل علي، ويعيشون في منطقة «الدور» منذ أكثر من مئتي سنة، وهذه المنطقة تقع على مسافة عشرة كيلومترات جنوب مركز المدينة الحالي، ثم نقلوا عاصمتهم إلى وسط جزيرة السينية، وكانت تسمى «ملاح»، ورحلوا بعدها إلى المكان الحالي واتخذوه مستقرا وعاصمة لهم وعاشوا فيه منذ منتصف القرن الثامن عشر. تضم أم القيوين العديد من الأماكن الأثرية، كالسور القديم والعديد من القلاع والحصون التي تعكس تاريخ المنطقة وحضارتها، وقد تم مؤخراً تحويل قصر الحصن القديم إلى متحف يحتوي على العديد من المكتشفات الأثرية في الإمارة. حصن الذاكرة يقع المتحف الوطني في حصن أم القيوين، وله مكانة خاصة في ذاكرة أهلها؛ فلقد أرسى قواعد أسسها الشيخ راشد بن ماجد المعلا عام 1768 بعدما وطد الأمن واستتب والتفّت حوله القبائل من أهل البادية والحضر، فقرر بناء الحصن ليكون مركز حكمه ومسكنا له. إذ إنه كان، بالإضافة إلى كونه رجل سياسة، رجل حرب وعلى دراية بفنون القتال، حيث استطاع أن يوحد القبائل من حوله ليكونوا مجموعة مترابطة متآزرة تحمي نفسها من أي اعتداء عليها برا وبحرا. ومن هنا، جاء بناء الحصن، الذي كان مثل غيره من حصون الإمارات، وسيلة للدفاع عن البلاد وصدّ الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها. وهو ما يبدو واضحاً في التخطيط المعماري للحصن الذي ينتسب إلى أسلوب العمارة الدفاعية الخليجية؛ التي تحقق في العادة شروط الأمن والمنعة. يأخذ الحصن في بنائه العام شكل مربع مبنيّ من الحجارة البحرية، يحتضنه برجان عاليان، يتكون كلٌّ منهما من غرفة للمراقبة تساعد على الرؤية من جميع الاتجاهات، فضلاً على الأنوف والمسنات والطرابيش المختلفة الارتفاع في الأعلى والتي تحيط بها ثلاث ردهات مستطيلة ذات طابقين مع شرفة خشبية تطل على ساحة كبيرة مكشوفة، وتتوسط الساحة بئر ماء. أما بوابة الحصن الرئيسية فهي مصنوعة من خشب التيك (الصاج) المزود بالأسافين الحديدية لتزيد من صلابتها. وللحصن أهمية خاصة في نفوس أبناء أم القيوين من الناحية التاريخية والتراثية فقد شهد أفراحهم ومناسباتهم الدينية والوطنية. تاريخ لا ينسى يعود تاريخ بناء الحصن إلى العام 1768م. ومنذ عام 2000م أصبح متحفاً وطنياً يشمل تراث أم القيوين ويحكي تاريخاً لا ينسى، بعد أن جرى ترميمه وإعادة تهيئته وتجهيزه ليضم تاريخاً عريقاً. ومن هنا، فإن أهميته لا تكمن في حدود معروضاته فحسب، بل في أهميته كتحفة معمارية فنية. وهو يضم بين جنباته العديد من المعروضات الأثرية والتراثية، بالإضافة إلى البيئة البرية والبحرية. ويشتمل على العديد من المعروضات الأثرية التي تعود إلى منطقتي الدور وتلِّ الأبرق حيث يعود تاريخها إلى الألف الأول والثاني. وهي عبارة عن مجموعة من الجرار المختلفة الأحجام من الفخار والفخار الملون بالإضافة إلى مجموعة من الجرار المصنوعة من الفخار المزجّج ومجموعة قيمة من الخرز والحلي الذهبية الفضية والبرونزية ومجموعة من العملات التي كانت متداولة في تلك الفترة، هذا بالإضافة إلى تمثالين للصقور مقطوعة الرؤوس عثر عليها في منطقة الدور وتعتبر من القطع الفنية النادرة والفريدة في الدولة. كما يجرى حالياً ترميم المرافق التابعة لحصن فلج المعلا الذي يتوقع أن يدشن هذا العام، ويختصر المتحف تراث المنطقة كافة، ويتميز باحتوائه على كم هائل من مفردات التراث المادي. وتتميز الإمارات بالقلاع التي عبرت عن شموخ وعبقرية الأجداد وهي تنتصب كشاهد حي على الحضارة الغنية، وأم القيوين كغيرها من الإمارات تمتلك إرثاً ثقافياً من هذه القلاع والحصون، حيث نجحت في الحفاظ على الحصون المنتشرة في كافة أرجائها، باعتبارها شواهد صادقة على العصر. كما تكتسب الأسوار أهمية كبيرة جداً، وتعتبر خط الدفاع والأمن الأول لكل مدينة، وللسور أبراج ثلاثة هي: «الليوارة» و«الوسطاني» و«الظهر»، ولكل منها أغراض دفاعية؛ فالشرفات كانت تستخدم للاطلاع والمراقبة لدعم وإسناد الأسوار ودرء الأخطار وحماية مياه الآبار كالأفلاج والعيون التي تقع خارج أسوار المدينة في حالة الهجوم المحتمل من قبل العدو، وتستخدم الأبراج كمنارة ودليل لتوجيه السفن والقوافل البرية والبحرية. اكتشافات وتنقيب بدأت الاكتشافات الأثرية في إمارة أم القيوين عام 1970 حيث قامت بعثة المسح الأثري العراقية التي كانت تعمل تحت إشراف إدارة الآثار والسياحة في العين باكتشاف عدة مواقع أثرية في الإمارة أهمها موقع (الدور)، كما خضع موقع جزيرة الأكعاب في أم القيوين للتنقيب بإشراف بعثة فرنسية، امتد عملها من عام 1989 إلى 1991، وتبيّن إثر عمليات التنقيب أن المنطقة استخدمت لذبح حيوان بقر البحر «الأطوم»، وهي من الحيوانات البحرية الثديية التي ما زالت تعيش في الخليج العربي حتى اليوم. ويعود تاريخ إنشاء الجزيرة إلى العصر الحجري الحديث، وتحديداً عام 5000 قبل الميلاد. أما موقع (أم القيوين 2) فيقع على طريق رأس الخيمة ويعود إلى عصر البلايستوسين، وخضع للتنقيب عام 1990، واكتشفت فيه مقبرة تعود للألفية الخامسة عقب أعمال التنقيب التي أجراها الفريق البريطاني آنذاك. هذه مجرد لمحة عن إمارة حفظت تاريخها من النسيان، مؤكدة أن الماضي يمثل اليوم عبرة للأجيال ووعاء للفكر ورصيدا لابد من الحفاظ عليه، لأن فيه وخلاله يتصالح الإنسان مع ذاته، ومع من حوله، ومع ما يمثله من امتداد في الصيرورة. هوامش: كتاب دولة الإمارات العربية المتحدة، منشورات مركز الوثائق والدراسات ويكيبيديا (الموسوعة الحرة) الموقع الرسمي لحكومة أم القيوين دائرة الآثار والتراث.. نشاط دائم تستقبل دائرة الآثار والتراث بإمارة أم القيوين العديد من البعثات الأجنبية مثل البعثة الفرنسية التي نقبت في الإمارة لأكثر من موسم على التوالي، بقيادة الدكتورة صوفي ماري، كما تستقبل الوفود الرسمية والزائرين وطلاب المدارس وطلاب الجامعات للاطلاع على الموروث الحضاري والتاريخي للإمارة. كما تقوم بالعديد من النشاطات مثل المعارض التراثية والمعارض الدولية للآثار. إلى ذلك، تقوم بأعمال التنقيبات المحلية داخل الإمارة وبأعمال الترميمات التاريخية مثل ترميم سور أم القيوين الوطني وترميم الأبراج التاريخية داخل فلج المعلا وترميم حصن فلج المعلا. كما تقوم بإصدار التصريحات التراثية للقرى التراثية وإصدار الكتب الرسمية عن المواقع الأثرية والمتاحف داخل إمارة أم القيوين، علاوة على تنظيم الندوات الثقافية المختلفة. وبنشاطها هذا، تحافظ الدائرة على ذاكرة الإمارة من جهة، وتسهم في إبراز تاريخها وحضارتها ومخزونها التراثي من جهة ثانية، من خلال حفظه وترميمه وصيانته، ولا شك أن هذه الجهود تبرز خصوصيتها وحضورها عبر حقب مختلفة من التاريخ. يشار إلى أن دائرة الآثار والتراث تأسست عام 2000 م تحت رعاية المغفور له سمو الشيخ راشد بن أحمد المعلا “رحمه الله”، ومدير عام الدائرة الشيخ خالد بن حميد المعلا ومديرة متاحف أم القيوين علياء محمد الغفلي، وتتبع الدائرة حصن أم القيوين الوطني ذلك المبنى الذي يعتبر من أقدم المباني التاريخية في إمارة أم القيوين، حيث تم ترميمه وافتتاحه كمتحف وطني في 25 يونيو/ حزيران 2000.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©