الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صعود «ترامب».. حصاد الاستقطاب السياسي

17 أكتوبر 2016 10:46
يرى العديد من الليبراليين وعدد غير قليل من «المحافظين» أن تأييد «ترامب» يثبت عدم الملاءمة لمجتمع متحضر، والمقالات التي ترمي إلى تقديم تحليل أعمق نوعاً ما، وتعد، على سبيل المثال، بإلقاء اللوم على النخبة في البلاد كونها السبب في نجاح «ترامب»، غالباً ما تحول طريقها مرة أخرى إلى نفس الفرضية. إلقاء اللوم على النخب لفشلهم في الاستجابة بتعاطف مع الغضب المفهوم للخاسرين اليائسين، أو التلاعب بتعصبهم لتحقيق مكاسب سياسية، أو للفشل في القيام بما يفترض أن تقوم به النخب في الديموقراطيات، والذي يعد حماية لحكومة قوانين مشكلة تشكيلاً صحيحاً من الرعاع. إنني لا أشك في أن هناك الكثير من المتعصبين الغاضبين الحمقى في الولايات المتحدة، بقدر ما تجد في أي مكان آخر، وباعتباره متمرداً ثرثاراً، فإن «ترامب» يفترض أن يحصل على أكثر من نصيبه العادل من التأييد من هذا الجزء من جمهور الناخبين، وليس من المستبعد أنه قد يفوز في نوفمبر، فهل الجماهير الغبية كثيرة هكذا؟ وإذا كان كل هؤلاء المؤيدين المعلنين (جنباً إلى جنب مع الناس الذين لا يحبونه لكنهم يقولون بثقة «حسناً، إن لديه وجهة نظر»)، هم بلا قيمة وجاهلون كما تعتقد المؤسسة السياسية على ما يبدو، إذن، فإن قضية الديموقراطية ستحتاج إلى إعادة تفكير، ترامب أو لا ترامب، وبدلاً من ذلك، يمكن للمرء أن يطرح سؤالاً أفضل: لماذا هناك الكثير من الناس المحترمين والمسؤولين &ndash المواطنون الذين يستحقون الاحترام &ndash يقولون إنهم سينتخبون هذا الرجل المثير للغضب. إن أنصار «ترامب» الذين أعرفهم ليسوا متعصبين أو حمقى. إنهم يحتجون ضد تعالي الأوامر العليا للدولة، وبالتأكيد، فإن الضغوط الاقتصادية تمثل عاملاً، إن أنصار «ترامب» الذين أعرفهم يستوعبون الأمر وآخر شيء يفكرون فيه هو الأسف من أجل أنفسهم، وما يبدو أكثر أهمية هو أنهم يعتقدون أنهم ليس لديهم الكثير ليخسروه في استفزاز السياسة كالمعتاد. لقد تعبوا من تجاهلهم ويريدون أن يكون ذلك مفهوماً. إن واشنطن متوعكة وغير قادرة على العمل، فلماذا لا تعلن، بعبارات لا لبس فيها، أن هذا يكفي؟ لقد انهارت واشنطن باعتبارها مصدراً لتدفق المال والعمال ومنبراً لتأكيد الذات الأيديولوجي &ndash فأصبحت منتدى للكسب غير المشروع وحججاً لا نهاية لها، لكنها نادراً ما تقدم حلولاً للمشاكل، وحتى قبل أن تصبح الأمور بهذا السوء، كان الرؤساء المستقبليون كثيراً ما يعدون بتغيير واشنطن. لكن ترامب مختلف، كما يشير منتقدوه: فهو ربما يفعل ذلك في الواقع. وفيما يواصل ترامب الفوز، يصاب القادة والمفكرون «الجمهوريون» بحالة من عدم الفهم المذهل. ومن الواضح أنهم يفتقرون إلى أضعف مفهوم لما يفكر فيه مؤيدوهم في الواقع، فمن ناحية، يمكنك التعاطف: فترامب لا يمكن أن يكون محافظاً، وقد يكون ديموقراطياً كما هو جمهوري، والكثير من أفكاره السياسية تضعه على يسار هيلاري كلينتون. إذن ما الذي يفكر فيه هؤلاء الناخبون الجمهوريون؟ من الواضح أن قادة الحزب لا يعرفون أو لا يهتمون. كما أن الكونجرس ينظر إليه أيضاً بازدراء، وبسؤالهم عما إذا كانوا يوافقون أو لا يوافقون على الطريقة التي يؤدي بها الكونجرس عمله، قالت نسبة أقل من 20% أنها توافق. إن الولايات المتحدة اليوم ممزقة بسبب نوعين من الانقسام السياسي. فعلاوة على الانقسام المألوف بين اليمين واليسار، حيث نجد ساندرز على جانب وتيد كروز على الجانب الآخر، هناك انقسام بين الناس الذين يعيشون من أجل السياسة وهؤلاء الذين سئموا من السياسة، أو ربما كما تصفه بالمدنية في مقابل الاستقطاب الأيديولوجي. إن الليبراليين والمحافظين الذين يعيشون على السياسة، أو يحبونها كغاية في حد ذاتها، يتحدثون بلا كلل عن الحرية والعدالة الاجتماعية والمبادئ الدستورية العميقة التي هي في خطر في السياسة الفيدرالية. أما بقية الدولة فهي لا تبالي بشأن هذه الحرب الدائمة من الأفكار، وتشعر بقلق أكبر على الطرق غير الممهدة وما يحدث في المدارس ومدخرات التقاعد التي تنضب وأحدث زيادة في خصومات التأمين الصحي. وهناك ارتباط بين هذين الانقسامين، فالاستقطاب الأيديولوجي أغلق واشنطن، وفصلها عن اهتمامات الكثير من المواطنين، وجعلها غير ذات فائدة في أعينهم، والنتيجة أن جاء مرشح مثل «ترامب». إنني لا أستطيع التصويت لصالح «ترامب»، وهو ليس ديكتاتوراً، حتى إن أراد، فإن الدستور لن يسمح له بذلك، لكن لديه أفكار سيئة بشكل غير عادي، وفي السياسة الخارجية، سيكون له مزيد من الحرية في العمل. إنه يبدو غير مطلع تماماً، ولا يمكن توقع ما الذي سيفعله. من يعلم ما الذي قد يفعله أو يحاول أن يفعله؟ إنه احتمال مثير للخوف. *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©