الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ازدواجية المعايير تهدد مصداقية الوالدين أمام الأبناء

18 ابريل 2010 21:40
تحظى”الابنة” في الأسرة العربية بمكانة وقيمة خاصتين، وتتمتع بصلة وجدانية كبيرة تربطها بوالديها بشكل متميز مقارنة بالابن، وحيث تتشكل علاقة الأبناء بالوالدين وفق الأطر التي تحدد معالم هذه العلاقة، فنجد ميل الأنثى ناحية الأب، وتبادلها مشاعر الحب والود والتفاهم أكثر من الأم. وعادة ما تتسم العلاقة بينهما بالود والثقة والتفاهم الإيجابي الذي ينشأ في الأساس نتيجة إحساس الفتاة أنها تستمد الأمان في حياتها من الأب، رغم ارتباطها الوثيق بالأم التي تعتبرها مرجعيتها الأولى في جميع شؤون حياتها، وخصوصياتها، إنما تبقى محتفظة بمشاعر خاصة ناحية أبيها، على العكس من الابن الذي ينتظر بفارغ الصبر اليوم الذي يستقل فيه عن الأسرة بالزواج توجه الأنثى ناحية الأب لا يعني في حد ذاته أنه يمتلك مميزات إيجابية إلى الحد الذي يجعلها تترك أمها وتتوجه إلى أبيها، لكن هذا يعود في الحقيقة إلى عدم وجود الاطمئنان الدافئ مع الأم مقارنة بالأب، فبعض الأمهات يتصفن بشدة التعامل مع البنات، بينما يكن أكثر تساهلاً مع الذكور، وربما يعود ذلك لعدد من الأسباب أهمها الإعداد الاجتماعي للعائلة حيث إن العوائل والأسر المحافظة ترى أنه بقدر ما تحدد وتهمش البنت، يجر الولد إلى جانب التركيبة النفسية للأم، وهذه التركيبة تتحكم في رسم طريقة التعامل التي تعتمدها الأم مع ابنتها، الأمر الذي يجعل البنت تفكر في الأب الذي تجده حضناً دافئاً لما ترغب أو تفكر فيه، مع الموازنة بينه وبين الأم. أما ما يخص الولد فنجده لو كان وحيداً في العائلة فهذا يشكل أرضية سهلة للأم لممارسة دورها معه، وهذا بالتأكيد مبني على الوعي الشخصي لكل من الولد والأم، فالابن عندما يتوجه للأم بهذا الشكل ليس معناه أن الأب مقصر بل إنه يجد في الأم الملاذ الذي يحقق له ما يريد لذلك انصح الوالدين بضرورة خلق توازن معين يخلق بدوره شعوراً واضحاً لدى كل من الولد والبنت للاطمئنان لكل من الأب والأم، وبالطبع لا يتحقق هذا إلا بالتوازن الذي يتخذه الوالدان، وليحرص الوالدان على التعامل مع أبنائهما بقيم ومثل ومبادئ مثل الأمانة والصدق والوفاء بالوعد والمساواة والعدل والالتزام والإيثار فهي كفيلة بإشعار الأبناء بنوع من الازدواجية في المعايير التي تسقط بالتالي مصداقيتها عندهم، ليشعروا بالأمان، فقليل من الجهد والصبر والدعاء يجعل الأبناء يشبون بسلام، وتتوحد العلاقة داخل الأسرة بشكل إيجابي، وخال من أية مشاكل. فالأبناء في حاجة ماسة إلى المحبة باعتبارها من الاحتياجات الأساسية والمهمة، وغياب وفقدان المحبة، والحنان، من شأنه أن يسبب كثيراً من الاضطرابات السلوكية والنفسية. وإذا كانت مشاعر الحب هذه فائضة وزائدة لدى الطرفين “الأب أو الأم”، من الطبيعي أن يقابلها تعلق وارتباط زائد من الطرف الآخر “الأبناء”، لكن لا يعني ذلك أن هناك خللا في نفس أحد الوالدين، ولكن في كيفية التعبير عن حبه، في الوقت الذي يكون من الضروري الاعتماد على أسلحة أو وسائل أخرى تتسم بالحزم والشدة إن لزم الأمر، وعند الحاجة وتضيف: علينا أن نتفهم إقبال كثير من الآباء إلى بناتهم بدرجة أوفر مقارنة بإخوانهن الذكور، ربما لإحساس الأب بحاجة ابنته إلى المزيد من الرقة والحنان في التعامل باعتبارها أنثى، أو لطبيعة الإناث التي تميل إلى الهدوء والطاعة والخجل والحياء مقارنة بالذكور. وتعد حالة تعلق البنت بوالدها والابن بأمه أمر ملحوظ في معظم الأسر، والسبب في ذلك يرجع إلى ميل الأب لتدليل ابنته، وفرض الشدة والقسوة على الولد حتى يشب رجلاً قادراً على تحمل المسؤولية في المستقبل، ومنذ الصغر يغرس الأب في نفس ابنه معاني المثابرة في الحياة وتحمل المشاق ومواجهة الصعاب، وفي المقابل نجد أن الأم ولرقة قلبها على ابنها عندما تشاهد هذا السلوك الصارم الصادر من قبل الأب تحاول التخفيف عن الابن بشتى الطرق، فتسعى لتدليله وتعويضه الحنان المفقود من قبل الأب، لدرجة أن الكثير من الزوجات يتشاجرن مع أزواجهن بسبب سلوكياتهم التعسفية مع أبنائهم الذكور، وشيئاً فشيئاً يزداد تعلق الولد بالأم، ويتواصل هذا التعلق لدرجة تفضيل الأم للولد أكثر من البنت التي تنال الدلال المفرط من قبل والدها ومن والدتها أيضاً، لأنها في النهاية أنثى ولها نصيب الأسد من الحب. الأخصائية النفسية سوسن الحلاوي، ترى أن علاقة الابن بالأم والبنت بالأب علاقة سامية جداً وتعلق كل منهما بالآخر دلالة على الحب الزائد الذي يحمله الطفل سواء كان ذكراً أو أنثى للوالدين ولا شك أن هذه الصلة بين الأم والابن والأب والبنت لا تعدو أن تكون في إطار الأسرة فقط ومتى كبر الأبناء نجدهم تلقائياً يميلون إلى تقليد والديهم، فتتجه البنت لتقليد أمها والابن لتقليد والده في سلوكياته كلها ليصبح صورة طبق الأصل من الأب في المنزل وخارجه كما نجده يمارس دور الأب في غيابه عن البيت والبنت أيضاً تتجه لتقليد أمها في كل صغيرة وكبيرة حتى في وضع الماكياج والذهاب للأعراس النسائية وما شابه هذه الأمور. صحيح أن الأبناء الذكور يميلون للأم والإناث للأب، وذلك راجع لأن الأب لا يتهاون مع الأبناء الذكور في التربية بعكس الأم التي تساوي بين الإناث والذكور في المعاملة والدلال لأنها في الأساس تربت في مثل هذه الأجواء، وعندما تزوجت وأنجبت، سعت لتطبيق ما تربت عليه في بيت والديها، وهذه سنة الحياة ولا مجال للاختلاف حول هذه الأمور، لكننا نرى أن الابن يميل إلى الاستقلالية بعد الزواج وينشغل كثيراً بشؤون أسرته وحياته الخاصة، وقد تفتر علاقته بأسرته الأم عما كانت عليه في السابق نتيجة هذه المشاغل، بينما تظل الابنة وطيدة الصلة بأبويها حتى بعد زواجها ورغم كثرة مشاغلها، وهذا ناتج عن طبيعتها المرهفة، وتعلقها العاطفي بوالديها، إلى جانب كونها تستمد العون والحماية من والديها”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©