الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التنازل..«فن» يجهله كثير من الأزواج

التنازل..«فن» يجهله كثير من الأزواج
18 ابريل 2010 21:39
يغيب عن كثير من الأزواج أن تقديم التنازلات من طرف لآخر هو نوع راق من أنواع التواصل والحوار الإنساني بين طرفي العلاقة الزوجية، بل يعتبره كثيرون فناً من فنون التعامل لا يجيده كثير من الأزواج، رغم أنه الطريق السهل والأقرب لكسب ود وقناعة وعقل الطرف الآخر، وربما لا يروق لبعض الأزواج والزوجات فكرة “التنازل” وتمسك أي طرف بموقفه وقناعته، ويتشدد في رأيه، ولا يبدي أي مرونة لتقبل الرأي الآخر بعد النقاشات أو الخلافات أو المشاحنات والمشاجرات، بل يغالي البعض باعتبار التنازل نوعا من هدر الكرامة والكبرياء، لكنه في نهاية الأمر فن تكتيكي للتواصل في حد ذاته، بل إنه يمثل دلالة واضحة على قوة وتماسك الشخصية ونضجها ووعيها. كشفت دراسة علمية حديثة بجامعة أوهايو الأميركية عن أن الاستمرار في علاقة زوجية مليئة بالمشاحنات يؤثر سلباً على هرمونات المرأة والرجل الأمر الذي ينعكس مباشرة على صحة وسلامة الطرفين‏ إلا أنه أشد حدة على المرأة‏، وأوضحت الدراسة أن المرأة أكثر حساسية تجاه الألفاظ والأحداث السلبية في علاقتها الزوجية، مما يؤثر على قدرة المرأة على الاحتمال والاستمرار في محاولة نجاح وإنقاذ العلاقة الزوجية‏، لذلك من هذا المنطلق وحفاظاً علي حياة زوجية طويلة مليئة بالحب والدفء لابد أن يقدم كل طرف للآخر التنازل مهما كانت المشكلات . يوضح الدكتور محمد جاسم المرزوقي -الاستشاري الأسري والنفسي، أبعاد فن التنازل بين الأزواج قائلا:”التنازل فن متفرد لا يتقنه إلا القلة القليلة من المبدعين في الحياة الزوجية، ولأن هذا الفن متفرد فإن من يتقنه لابد أن يتوافر فيه عدة خصائص كي يقوم به على أكمل وجه. فُبعد النظر في منظومة الحياة الأسرية هو أحد أهم الخصائص التي يتمتع بها من يتقن هذا الفن، بالإضافة إلى تمتعه بالحكمة والصبر وعدم الاستعجال، وهذا الفن لم يكن يوماً دالاً على النقص في شخص من يتقنه، لانها من الفنون التي يدعو إليه الدين الحنيف باعتباره أحد أهم أسرار الزواج الناجح، فالشجرة الممتلئة بالثمار هي التي تنحني لا الشجرة الفارغة والمزارع الحقيقي هو من يقدر قيمة هذه الشجرة الممتلئة”. رفض التنازل ويضيف المرزوقي:” الاختلاف سمة من السمات الأساسية بين الرجال والنساء في كل شيء حتى في طريقة التفكير والتفسير والتعليل والاستنتاج هذا بالإضافة إلى الاختلافات الأخرى ذات العلاقة بالتشريحة الجسمية والعقلية التي تؤثر بشكل مباشر على سلوك كل منهما تجاه الأخرى وتجاه المواقف اليومية؛. ويشير المرزوقي إلي جانب مهم في الموضوع، ويقول:”إن الرجل بطبيعته ذو سلطة مهيمنة وذو طابع هجومي بعكس النساء في الغالب، وهذا لا يمكن تعميمه على جميع الرجال والنساء فلكل قاعدة شواذ، ومن هنا فإن أكثر الرجال يميلون إلى القمع كأسلوب للتعبير عن قدرتهم لتيسر الحياة الزوجية، على نحو المسار الذي يغذي معتقداتهم غير الصحيحة عن مفاهيم الحياة الزوجية، وهذا التوجه بلاشك سيكون من المسارات التي تدمر الحياة بشكل بطيء، ومن واقع المشاهدات التطبيقية لحياة الأزواج في العيادات النفسية فإن المحور الأساسي للمشكلات والخلافات الزوجية يكمن في “غياب مفهوم التنازل بين الأزواج”، وهذه من أخطر المشكلات التي تعصف بالعلاقة الزوجية في هذا الزمان والأسباب في ذلك كثيرة جداً لا يمكننا اختصارها إلا في كلمة واحدة، “العولمة “، فهي كلمة تأويلها يختلف من شخص لآخر، ورغم اختلاف التأويل إلا أن النتيجة التي سيصل إليها كل شخص في تحديد مسببات المشكلة صحيحة”. التنازل.. سر التنازل فن أساسي من فنون أسرار الزواج الناجح، ومن يرغب في إتقانه لابد أن يعي بأن الحياة الأسرية لا يمكن النظر إليها من زاوية ضيقة وبمنظار واحد موضحاً المرزوقي ذلك، بالقول:”من مسببات المشكلة أنها تبدأ بغياب عنصري الوعي والإدراك ليشكل فتيل الانفجار “العناد”، وعدم خضوع الزوجين أو أحدهما لمبدأ التنازل يشكل عامل الوقت لبلوغ الانفجار الحقيقي الذي لا يكون فيه العناد سوى الشرارة الأولى لها، لذا الخطوة الأولى تكمن في عامل المراقبة الذاتية للأفكار التي تزيد من عامل اشتعال المشكلة، وهنا لابد أن نعي بأن الفرد ليس وليد اللحظة فهو نتاج عدة عوامل منها تربوية ومنها تعليمية وهذان العنصران يعدان من العناصر الأساسية التي تشكل شخصية الفرد، لذا فإن المبادئ السامية تُربى مع الفرد وتنمو بنموه، فإن كان الفرد لم يترعرع عليها فإن الوقت اللازم لإتقانه قد يطول، ولا يستحيل أمام الارادة والدافعية الحقيقة شيء في سبيل إتقان هذا الفن”. ويضيف:” من ناحية أخرى لابد أن يتمتع الفرد بعدة خواص من أهمها كما يشير المرزوقي:” تعلم مبدأ الاعتذار عند الخطأ والمسامحة عند الإساءة إليه، إذ تعتبر هذه من الخطوات المهمة التي تلي الخطوة السابقة في إتقان هذا الفن، كما لابد للفرد عدم النظر إلى الحياة الزوجية على أنها حياة مثالية مطلقة لا تسودها المشكلات وهذه من المغالطات الخاطئة، وبالتي فإن تقليل سقف التوقعات في علاقة الفرد مع شريك حياته مهمة جداً لتحقيق الغاية السامية في الحياة الزوجية، لأن التنازل ما هو إلا شكل خارجي لجوهر مكنون داخل الإنسان أساسه الأخلاق بكل ما تحتويه من مبادئ”. التنازل التكتيكي مصطلح التكتيك، مصطلح عسكري ذو أبعاد كثيرة ومن يتقن فنون التكتيك فقد ألم بما هو أبعد من فن التنازل، يشرح المرزوقي ذلك بالقول:” إن التكتيك يعني أن يلم الإنسان بكل جوانب المشكلة ويستخدم كافة الأسلحة المباحة في الحياة الزوجية، والتنازل أحدها لتحقيق مختلف الغايات التي من شأنها أن تحقق السعادة والاسقرار والرضى، وغيرها من مباهج الحياة الأسرية، والذكاء الاجتماعي والعاطفي من أهم مقومات النجاح لفن التكتيك وبلاشك بأن الإلمام بهذا الفن يحقق النجاح في توجيه الحياة الزوجية على النحو الصحيح”. من جانب آخر يشير المرزوقي إلى أن العطاء المتبادل مبدأ يحقق القبول في الحياة الزوجية . مشيراً وقد يشكل الترسانة التي تبني قواعدها لتثمر عالياً في ترسيخ المفاهيم والأطر التي تسهم في استمرار الحياة، لذا فإن التنازل المتبادل من أهم مقومات النجاح، بعكس التنازل أحادي الطرف الذي قد يكون قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة وقد تكون نتائجها لا يحمد عقباها. واختيار الوقت المناسب للتنازل هو التكتيك الناجح شارحا المرزوقي ذلك:”مبدأ التنازل بين الزوجين يبدأ في الالمام بكافة التفاصيل التي تعتبر من مقومات النجاح في الحياة الزوجية، فالوقت على وجه العموم يبدأ عندما يحتد الخلاف بين الزوجين ليصل لنقطة ألا تنازل لكل طرف، وهنا يكون التنازل اضطرارياً لأن أحدهم سيضطر إلى التنازل كي لا يقود الحياة الزوجية إلى هاوية قد تعصف بها إلى خطر حقيقي، بينما الوقت المناسب يبدأ عندما يمتلك الفرد للخطط التكتيكية التي يستطيع من خلالها أن يعرف الوقت المناسب للانسحاب “التنازل”دون الخسارة، وهنا يتطلب على الفرد قدرة مضاعفة على التحمل، لأن الفرد يُقبل على تقديم تنازلات لا تتواءم مع رغبته الحقيقة من ناحية، ومن ناحية أخرى سيضطر إلى التظاهر بعكس مكنونات المشاعر الداخلية لطبيعة الشخص، ورغم أن الأمر قد يكون صعباً في البداية إلا أنه مع الوقت سيزداد وعي الفرد وادراكه بأهمية الخطوة التي قام بها وهذا لا يمكن أن يكون دون تفعيل المراقبة الذاتية على الأفكار التي تشكل الشرارة الأساسية لبروز حدة المشكلات في ظل افتقاد الفرد لتوازنه النفسي، فبعض الأزواج يتنازلون عن الأمور التافهة ليحصلوا على الأمور الكبيرة، وهذا هو “التكتيك”، وهذا هو الصواب ومن يستطيع أن يصل إلى هذا المستوى من التكتيك فقد استطاع أن يتقن فناً، من أهم الفنون المحققة للسعادة الزوجية”. من أسرار الزواج الناجح التنازل فن متفرد من فنون التواصل الإنساني، لا يتقنه إلا القلة القليلة من المبدعين في الحياة الزوجية، ولأن هذا الفن متفرد فإن من يتقنه لابد أن يتوافر فيه عدة خصائص كي يقوم به على أكمل وجه. فُبعد النظر في منظومة الحياة الأسرية هو أحد أهم الخصائص التي يتمتع بها من يتقن هذا الفن، بالإضافة إلى تمتعه بالحكمة والصبر وعدم الاستعجال، وهذا الفن لم يكن يوماً دالاً على النقص في شخص من يتقنه، لأنه من الفنون التي يدعو إليه الدين الحنيف باعتباره أحد أهم أسرار الزواج الناجح، فالشجرة الممتلئة بالثمار هي التي تنحني لا الشجرة الفارغة والمزارع الحقيقي هو من يقدر قيمة هذه الشجرة الممتلئة”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©