الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يحملون السلاح والأسفار.. ويحصدون الرياح والأصفار!

24 مايو 2016 23:10
لا تُحاول في أمَّة العرب أن تفهم، لأنك لن تفهم، ولا تحاول أن تعلم، لأنك ستفشل في أن تعلم، ولا توجد إجابة عربية واحدة لسؤال (لماذا؟).. لماذا يُعيد التاريخ الأسود نفسه ألف مرّة كل يوم؟ لماذا نرتكب المقت الكبير بأن نقول دائماً ما لا نفعل؟ نقول خيراً ونتأبّط شراً؟ لماذا تسيَّد المشهد العربي أراذلنا بادي الرأي؟ لماذا تخصص العرب وبرعوا في إعادة إنتاج مآسيهم، بينما فشلوا فشلاً مريعاً وذريعاً في إعادة إنتاج إنجازاتهم ونجاحاتهم؟ لماذا العبقرية في إعادة إنتاج الانكسارات والفشل في إعادة إنتاج الانتصارات؟ أنا لا أدري.. فهل منكم من يدري؟ كل المشاهد والشواهد في هذه المنطقة الممتدة طولاً وعرضاً تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن العرب الحاليين هم بنو إسرائيل الحقيقيون، وأن اليهود في فلسطين المحتلة سرقوا نبوة إسرائيل، وهو سيدنا يعقوب عليه السلام.. وكل ما ورد عن بني إسرائيل في القرآن الكريم ينطبق بكل حذافيره على العرب الآن، فهم الذين يفسدون في الأرض مرتين، وهم الذين فضلهم الله على العالمين، وهم الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، وهم الذين تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، ومنهم قوم يزكون أنفسهم على الله ويرون أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأنهم مدللو السماء، وأن النار لن تمسهم إلا أياماً معدودات، وأنهم يلبسون الحق بالباطل، وهم يعلمون، وأنهم لا يصبرون على طعام واحد حتى إذا كان المن والسلوى، وأنهم يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير. وأنهم نصبوا أنفسهم خزينة وحراساً على أبواب الجنة والنار. قُلنا من قبل إن بني إسرائيل مصطلح عرقي، وإن اليهود مصطلح ديني، وقد ورد المصطلحان أو المسميان في القرآن الكريم كل في مواضعه، وبذلك لا يكون كل بني إسرائيل يهوداً ولا كل اليهود من بني إسرائيل، كما أن بني إسرائيل مصطلح سابق على اليهودية ونزول التوراة، وهذا كان الرد على جدل اليهود من بني إسرائيل حول سيدنا إبراهيم عليه السلام بأنه كان يهودياً أو نصرانياً إذ لم تنزل التوراة إلا من بعده. والتطرف أبرز سمات بني إسرائيل حتى أنهم طلبوا المستحيل، وهو أن يروا الله جهرة كشرط لإيمانهم بموسى عليه السلام.. واليهود الذين كانوا في جزيرة العرب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا من بني إسرائيل، لأن كل سكان المنطقة العربية القدامى بنو إسرائيل، وكل سكان المنطقة الحاليين أحفاد بني إسرائيل.. وهؤلاء اليهود طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يفجر لهم ينبوعاً وغير ذلك من الطلبات المتطرفة والمناكفة. وهذا التطرف رافق العرب منذ الجاهلية الأولى، مروراً بالفتنة الكبرى عندما رفعت الحروب القبلية الجاهلية راية الإسلام منذ أواخر عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وحتى الآن وحتى الغد... ومنذ الجاهلية الأولى وحتى الآن وحتى الغد لم ينطفئ لحروب العرب بني إسرائيل أوار. ويعاد إنتاج المآسي بأبطال وشخوص مختلفين، لكنه السيناريو نفسه والحوار والخوار والدمار والدماء.. تختلف وتتطور الأسلحة والحرب واحدة، وتتعدد الوسائل والقتل واحد.. والعرب هم بنو إسرائيل لأن هدنتهم على دخن، وجماعتهم على أقذاء، ونفس العزة بالإثم لدى بني إسرائيل تجدها عند العرب، ونفس التعاضد والتعاون على الإثم والعدوان وسهولة حشد الجماهير العربية على الشر وصعوبة حشدهم على الخير والبر والتقوى، ونفس الغفلة والحماقة وثقافة القطيع الذي يتبع كل ناعق، وفي كل يوم تلد الأمة ألف سامري يصنع كل منهم عجلاً جسداً له خوار يحشد القطيع حوله لعبادته، لكن هذه المرة وفي هذا العصر يظلون عليه عاكفين إلى ما لا نهاية لأن موسى عليه السلام لن يرجع إليهم أبداً ليحرق العجل وينسفه في اليم. وعندما بلغ تطرف وإرهاب بني إسرائيل ذروته أغلقوا باب الحوار والأخذ والرد، ولم يكن هناك من حل لتطرفهم وإرهابهم سوى الحسم الأمني إذا جاز هذا التعبير وسيدنا موسى عليه السلام أحرق عجل السامري ونسفه في اليم، وطرد السامري حتى مات منبوذا معزولاً وحيداً. وعندما رفضوا دخول الأرض المقدسة مع موسى كتب الله عليهم التيه والتشرد، وعندما تجبر قارون وطغى وتطرف خسف الله به وبداره الأرض، وعندما تجبر صاحب الجنتين وتطرف أهلك الله جنتيه، وهكذا لم يكن هناك خيار لمواجهة تطرف بني إسرائيل سوى البتر والحرق والخسف والإهلاك ومسخهم قردة وخنازير. وهو الخيار الوحيد الذي لا خيار سواه في مواجهة موجة الإرهاب الجديدة لبنى إسرائيل الحاليين، وليذهب المثقفون والمحللون والحقوقيون والمفكرون إلى الهاوية.. فلا مجال لمواجهة فكرية أو حوار أو نقاش مع الإرهاب. والعرب الحاليون باليقين والتأكيد هم أحفاد بني إسرائيل أو أحفاد إسرائيل الحقيقيون، فنحن طوال تاريخنا بين حرب بلا نهاية ومفاوضات بلا نهاية، نحن بين حرب البسوس أو ناقة البسوس. ومفاوضات البقرة.. بقرة بني إسرائيل.. ولم نقطع في حروبنا أرضاً ولم نبق في مفاوضاتنا ظهراً. وبلغ ببني إسرائيل الفُجر حداً جعلهم يتفاوضون مع الله عز وجل، حول البقرة التي أمرهم الله تعالى بذبحها. وراحوا يناكفون موسى ويفاوضونه ويتهمونه أولاً بأنه يتخذهم هزوا، ثم راحوا يتفاوضون حول لون البقرة وشكلها وهيئتها وما هي؟ ولماذا وكيف وأين، حتى انتهى بهم الأمر إلى شراء البقرة بوزنها ذهباً. ولو أنهم ذبحوا البقرة بلا تفاوض، وامتثالاً لأمر الله ما تكبدوا هذه المعاناة والمشقة، لكن بني إسرائيل في الماضي والحاضر والمستقبل قوم مناكفون معاندون ثرثارون إرهابيون متطرفون مدعون للمعرفة. وكما كثر في بني إسرائيل القدامى الأنبياء لقسوة قلوبهم وغلظة طباعهم، كثر في بني إسرائيل الحاليين الدعاة ومدعو العلم، ومقدمو البرامج الدينية التي صارت عبئاً على العقل العربي وعلى الوجدان العربي. ولم نجن منها سوى تجذر الإرهاب ورسوخ التطرف وشيوع الكراهية وثقافة الموت والقتل والدمار باسم الجهاد. وهُناك قرار غير مكتوب في أمة العرب بأن تكون الحروب إلى ما لا نهاية، وأن يكون التفاوض أيضاً إلى ما لا نهاية، وألا يكون هناك حسم في حروب أو مفاوضات، والسلام الذي جعله العرب خيارهم الاستراتيجي مع إسرائيل، ليس خيارهم الاستراتيجي أو حتى الفرعي مع أنفسهم، وإنما هم أعداء، وهم يتقاتلون، وأعداء وهم يتفاوضون، وأعداء حين يتخاصمون، وأعداء وهم يتصالحون. حروب إلى ما لا نهاية ومفاوضات إلى ما لا نهاية في سوريا واليمن والعراق وليبيا وكل دول «الخريف العربي»، إنها حروب البسوس ومفاوضات البقرة، وربما ليس من قبيل المصادفة أن تكون أشهر حروب ومفاوضات بني إسرائيل القدامى والمحدثين بأسماء وعناوين حيوانية، ناقة البسوس، وداحس والغبراء، ومفاوضات البقرة. ويبدو أن الأمة ستظل طويلاً في هذه الحلقة المفرغة، فلا الحرب تضع أوزارها ولا المفاوضات تؤتي ثمارها، وسيظل بنو إسرائيل كأجدادهم يحملون ويزرعون السلاح والأسفار، ويحصدون ويجنون الأصفار! *كاتب صحفي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©