الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الهينجشا»... هل أبعدت «يونس» عن «جرامين»؟

6 مارس 2011 21:14
فاز د. محمد يونس بجائزة نوبل للسلام؛ ووُصف باعتباره اقتصادياً رائداً جلب الأمل لملايين من فقراء بنجلادش؛ وهو محبوب من قبل المجتمع الدولي. ولكن المشكلة، إن جاز التعبير، تكمن في أن يونس أكثر شعبية من اللازم ربما. سكان بنجلادش لديهم كلمة لوصف هذا الأمر، ممثلاً في: "هينجشا"، التي تعني الغيرة أو الحسد أو الرغبة في إلحاق الأذى بالشخص المغار منه. ويقول محللون إن "الهينجشا" تعد إحدى مميزات الحياة السياسية الوطنية، مرجحين أن تكون لعبت دوراً في تنحية يونس الأسبوع الماضي من بنك "جرامين، المؤسسة المتخصصة في القروض الصغيرة التي أنشأها قبل نحو 30 عاماً. وفي هذا الإطار، قال غلام حسين، الأستاذ بجامعة "جاهانجيرناجار" في داكا: "إنها الهينجشا... وهي جزء من الثقافة في مجتمعنا". يونس، الذي يعد رائداً عالمياً في إقراض مبالغ مالية صغيرة للفقراء، كان هدفاً لتدقيق متزايد من قبل المنظمين الماليين الحكوميين بسبب ضعف إشراف وسوء إدارة مزعومين للبنك. ويوم الأربعاء، أعلن البنك المركزي للبلاد، الذي يمتلك حصة في جرامين، عن تنحية محمد يونس، الذي يبلغ 70 عاما، من منصبه كمدير للمؤسسة بسبب ما رأى البعض أنها مخالفة لسن التقاعد الإلزامية التي حددتها الحكومة في 60 عاما. وقال يونس وتسعة من مدراء "جارمين" إنهم قدموا طعوناً قضائية منفصلة ضد الخطوة الحكومية لدى المحكمة العليا للبلاد. ويُشار هنا إلى أن البعض يشتبه في أن سقوط يونس تحركه دوافع سياسية ربما، ولاسيما أن يونس كان من المعروفين بانتقاد الفساد السياسي في بنجلاديش. كما أنه أثار لفترة قصيرة عام 2007 فكرة تشكيل حزب سياسي. وفي هذا السياق، يقول "جراهام رايت"، مدير برنامج "مايكرو-س يف" في الهند، التي تقدم استشارات لمؤسسات القروض الصغيرة: "لقد كنت أعيش في بنجلاديش عندما قال إنه يفكر في تشكيل حزب سياسي، فنظرنا إلى بعضنا بعضاً وقلنا: "لا شك أن هذا الرجل قد فقد صوابه!""، مضيفاً "إن الحياة السياسية في بنجلاديش تتميز بالعائلات السياسية، وتتميز بنظام مترسخ في القرى تكرسه وتعززه الرشى والأعمال الإجرامية... ويونس ليس مناسبا لذلك". وقد جس "يونس" نبض الأجواء وسرعان ما توصل إلى الخلاصة نفسها، كما يقول محللون. ولكن مكانته الوطنية الدولية ودعمه بين الحكومات الأجنبية والقرويين والمجتمع المدني شكل تهديداً للحزبين الرئيسيين في بنجلاديش. وفي هذا الإطار، يقول صلاح الدين أمين الزمان، الأستاذ بجامعة داكا: "من الأرجح أن هذا التصور مازال قائما"، مضيفاً "إن بعض المحللين يقولون إن هذا الأمر قد يكون عاملًا مساهماً اليوم في أسباب تنحيته من البنك". في ديسمبر الماضي، اتهمت رئيسةُ الوزراء البنجلاديشية شيخة حسينة واجد يونس وجرامين بـ"مص الدم من الفقراء باسم التخفيف من الفقر". ويقول "منهاز ضياء"، المحلل المالي بمؤسسة الاستشارات المالية "إيه تي كابيتال" التي يوجد مقرها في داكا: "سأذهب إلى حد القول إنه لو انضم يونس إلى أحد الحزبين الرئيسيين، لكان بخير ... ولكنه حاول خلق قوة ثالثة وتصور دوراً أكبر للمجتمع المدني، وهو ما جعله هدفاً". وفي وقت ازدادت فيه حدة الأزمة، دعمت حكومات أجنبية ومنظمات مدنية وشخصيات مشهورة يونس. وفي هذا الإطار حذرت "أصدقاء جرامين"، وهي منظمة تضم محامين وأكاديميين وسياسيين سابقين ورجال أعمال معروفين دولياً تقودهم رئيسة الوزراء الإيرلندية السابقة ماري روبنسون، في بيان صدر عنها من هجمات "مدبرة ومنسقة سياسياً". ومن جانبه، قال السفير الأميركي في بنجلاديش جيمس موريارتي للصحافيين يوم الخميس: "إن الولايات المتحدة قلقة للغاية بسبب تنحية البروفيسور يونس"، مضيفاً: "لقد صدمنا لأنها طريقة غير عادية للتعاطي مع شخص حائز على جائزة نوبل، ويعتبر خارج البلاد أحد أعظم البنجلاديشيين". وقد اعترف وزير المالية البنجالي يوم الخميس الماضي في مؤتمر صحافي بأن إقالة يونس لن تساهم في تحسين صورة البلاد؛ غير أنه أكد أن البنك المركزي تصرف على نحو يطابق القانون إذ قال: "ليس ثمة ثأر سياسي أو شخصي". وإضافـة إلى موضوع التقاعد، فقد أشير إلى اسم يونس بخصوص استعمال شركة طباعة خاصة تابعة للعائلة لطباعة بعض وثائق البنك، حالة ممكنة لتضارب المصالح. وفي رد فعلها، انتقدت الصحف البنجلاديشية الحكومة لطريقة تعاملها مع يونس. وفي هذا السياق، قالت "الديلي ستار" في افتتاحية عددها ليوم الجمعة: "إن الطريقة التي أقيل بها يونس تنم عن قلة الذوق... هل يمكن أن تكون نقطة تقنية هي المعيارَ الرئيسي للحكم على رجل من طينة يونس؟". ويقول محللون إن "الهينجشا" أصبحت تميز الحياة السياسية الوطنية خلال التسعينيات على حساب السياسة والتعاون، بل والمصلحة الوطنية الأكبر أحيانا حيث يقول أمين الزمان: "للأسف، لقد أصبحت سمة لديمقراطيتنا البرلمانية: نحارب بعضنا بعضاً... ولكن الشباب والطبقة الوسطى وسكان المدن ضاقوا ذرعا بـ"الهينجشا" ويرغبون في أن يروا نهاية لها؛ وبالتالي، فآمل أن يتغير هذا الأمر". زين محمود - داكا مارك ماجنير - نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©