الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القوامة مسؤولية وليست تمييزاً للرجل

القوامة مسؤولية وليست تمييزاً للرجل
3 يوليو 2009 01:59
اتخذ البعض من قوامة الرجل ذريعة لاتهام الإسلام بأنه ينتقص من مكانة المرأة ولا يساوي بين الرجل والمرأة حين يجعل للرجل مسؤولية القوامة في الحياة الزوجية. وتمادى آخرون في هذه المزاعم معتبرين أن إعطاء الرجل دفة قيادة الأسرة يعني اعتراف الإسلام بقصور دور المرأة والانتقاص من حقوقها. ينفي الدكتور محمد السيد الجليند - أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة - هذه المزاعم؛ أن فكرة الغرب عن القوامة في الإسلام فكرة غير صحيحة، موضحا أن إعطاء الرجل دفة قيادة الأسرة لا يقلل من دور المرأة ولا ينتقص من حقوقها، فهذا يتناقض مع صحيح الإسلام الذي قدر لكل من الرجل والمرأة طبيعته وواءم بين ما يوكل إلى الرجل وما يوكل إلى المرأة من مهام لتتكامل الأسرة بأداء الدور المنوط بالزوجين. وأوضح: أن آيات قوامة الرجال على النساء نزلت في المدينة المنورة، حيث يقول الله تعالى: «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم» النساء 34، وفى ظل المفهوم الصحيح لهذه القوامة تحررت المرأة المسلمة من تقاليد الجاهلية الأولى، وشاركت الرجال مختلف ميادين العمل العام. ولحكمة إلهية قرن القرآن الكريم في آيات القوامة بين مساواة النساء بالرجال وبين درجة القوامة التي للرجال على النساء، بل وقدم هذه المساواة على تلك الدرجة عاطفا الثانية على الأولى بـ»واو العطف»، دلالة على المعية والاقتران. أي أن المساواة والقوامة صنوان مقترنان يرتبط كل منهما بالآخر وليسا نقيضين حتى يتوهم البعض أن القوامة نقيض ينتقص من المساواة. وأضاف أن القرآن الكريم عندما تحدث عن شؤون الأسرة وأحكامها، قال الله تعالى:»ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم» البقرة 228. وفى سورة النساء جاء البيان لهذه الدرجة التي للرجال على النساء في سياق الحديث عن شؤون الأسرة، وتوزيع العمل والأنصبة بين طرفي الميثاق الغليظ الذي قامت به الأسرة بين الرجل والمرأة فإذا بآية القوامة تأتي تالية للآيات التي تتحدث عن توزيع الأنصبة والحظوظ والحقوق بين النساء والرجال دون غبن لطرف أو تمييز يخل بمبدأ المساواة، وإنما وفق الجهد والكسب الذي يحصل به كل طرف ما يستحق من ثمرات، يقول الحق سبحانه: «ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما» النساء: 32. وقال إن الفقهاء توصلوا إلى الحكمة الإلهية في اقتران المساواة بالقوامة كما فهم المسلمون قبل عصر التراجع الحضاري أن درجة القوامة هي رعاية ربان الأسرة الرجل لسفينتها وأن هذه الرعاية هي مسؤولية وتكاليف وعطاء وليست ديكتاتورية ولا استبدادا ينقص أو ينتقص من المساواة التي قرنها القرآن الكريم بهذه القوامة بل وقدمها عليها. وأشار إلى أن الفهم الإسلامي للقوامة ليس مجرد تفسيرات أو استنتاجات وإنما كان فقها محكوما بمنطق القواعد القرآنية الحاكمة لمجتمع الأسرة وعلاقة الزوج بزوجه فكل شؤون الأسرة تدار وكل قراراتها تتخذ بالشورى، أي بمشاركة كل أعضاء الأسرة في صنع واتخاذ هذه القرارات، لأن الشورى صفة أصيلة من صفات المؤمنين والمؤمنات ومن هنا يلزم التشاور في مجتمع الأسرة لتتأسس التدابير والقرارات على الرضا والمعروف والإحسان والمودة والرحمة والتزكية والطهر وعدم الظلم والعدوان. وأكد الدكتور الجليند أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانت سلوكياته وتصرفاته البيان العملي للقوامة فقد كان - صلى الله عليه وسلم - في خدمة أزواجه وكان يشاورهن، في الخاص والعام من الأمور والتدابير، ويكفي أن هذه السنة العملية قد تجسدت تحريرا للمرأة وشاركت الرجال بكل ميادين الاجتماع والسياسة والاقتصاد والتربية والقتال. كما كان -صلى الله عليه وسلم - دائم التوصية بالنساء خيرا، وعنه - صلى الله عليه وسلم - تروي أقرب زوجاته إليه عائشة رضي الله عنها: «إنما النساء شقائق الرجال». وقال إن خطبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع التي كانت إعلانا عالميا خالدا للحقوق والواجبات الدينية والمدنية حرص على التوصية بالنساء والتضامن والتناصر بين النساء والرجال في المساواة والحقوق والواجبات فقال: «ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة. ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا. فاتقوا الله في النساء، واستوصوا بهن خيرا، ألا هل بلغت اللهم فاشهد». وأضاف إن القرآن ربط القوامة بالمؤهلات وبالعطاء، وليس بمجرد «الجنس» فجاء التعبير: «الرجال قوامون على النساء» وليس كل رجل قواما على كل امرأة، لأن إمكانات القوامة معهودة في الجملة والغالب لدى الرجال، فإذا تخلفت هذه الإمكانات عند واحد من الرجال، كان الباب مفتوحا أمام الزوجة إذا امتلكت من هذه المقومات أكثر مما لديه لتدير دفة الاجتماع الأسري على نحو ما هو حادث في بعض الحالات. كما أن المفهوم الإسلامي جعل للمرأة رعاية أي قوامة في الميادين التي هي فيها أبرع وبها أخبر من الرجال وهذا في حقيقته تقسيم للعمل تحدوه الخبرة والكفاءة. ويقول: أصابت عصور التراجع الحضاري النموذج الإسلامي لمفهوم القوامة بتراجعات وتشوهات أشاعت من جديد العادات والتقاليد الجاهلية التي حاربها الإسلام وعمل على القضاء عليها في المجتمعات الإسلامية. وسادت أقوال الجمود والفهم الخاطئ والمغلوط لقوامة الرجال على النساء والذي يعد انقلابا على المعاني القرآنية السامية لمصطلحات الميثاق الغليظ والمودة والرحمة والسكن والسكينة. وقد أعاد الاجتهاد الإسلامي الحديث الاعتبار إلى المعاني القرآنية السامية لعقد الزواج ولمكانة المرأة في المجتمع المسلم.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©