الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد شلبي: السباك طبيب يعالج شرايين المياه في البيوت

محمد شلبي: السباك طبيب يعالج شرايين المياه في البيوت
6 مارس 2011 20:34
بعض المهن المهمة والمؤثرة في حياتنا اليومية تحظى بعزوف عالمي عنها، خاصة في المجتمعات العربية، خاصة تلك المهن ذات الدخل المادي غير الثابت، كما أن معظم الناس ينظرون للعاملين فيها بنظرة أقل من التي تستحقها. مهنة السباكة واحدة من هذه المهن، يقول عنها السباك محمد ابراهيم شلبي 39 سنة: العمل كسباك مهم لكل البيوت، والسباكة كأي مهنة تحتاج حب العمل للنجاح فيها، فمن يحب مهنته ويتفانى فيها سيشعر بمتعتها وجمال ممارستها مهما كانت وسيجبر من حوله بصدقه وتفانيه بأن يغيروا نظرتهم السلبية حول مهنته لمزيد من الاحترام والتقدير . قسوة أستاذ يتحدث محمد بداية عن سبب اختياره لهذه المهنة وكيف تعلم فنها: “قسوة أستاذي في المدرسة هي التي دفعتني لتعلم حرفة السباكة، فعندما كنت طالبا بالابتدائية في إحدى مدارس ريف مصر كان أستاذي يضربني بقسوة مما جعلني أكره المدرسة وأخرج منها بخلاف إخوتي الذين أتموا تعليمهم الجامعي، فذهبت وأنا في الخامسة عشرة من عمري إلى مركز تدريب مهني وكان أسلوب الأستاذ جميلا سلسا علمني أساسيات حرفة السباكة وحببني بها على الرغم من عدم رضا والدي عن تعلم هذه الحرفة ليس كرها بها بل لأنه كان يريد مني أن ألازمه وأساعده في زراعة الأرض وتربية المواشي أما والدتي فقد شجعتني وباركت خطوتي ولئلا أغضب والدي حرصت على تمضية بعض الوقت في مساعدته في عمله وعندما أنهيت التدريب بدأت أعمل كصبي عند أحد السباكين الذين لديهم خبرة طويلة في العمل لأكتسب منهم وأتتلمذ على أيديهم وكنت أعطي والدي من النقود التي كنت أجنيها لأشعره بأن ابنه “كسيب” وأنه لم يضع وقته عبثا فكان فرحه كبير بي حينها فالأب إن لم يكن محتاجا يحب من ابنه أن يعطيه من راتبه حيث يشعر حينها بأن تربيته لابنه قد أثمرت وهو يراه يكد ويأكل لقمته الحلال من عرق جبينه”. ويضيف: “بعدما أنهيت التدريب العملي لمدة شهرين عدت للمركز وامتحنت وحصلت على شهادة بذلك ، وبعدها عملت كسباك لفترة قصيرة خدمت على إثرها في الجيش لمدة 3 سنوات ومن ثم سافرت إلى الإمارات لتبدأ رحلتي في السباكة والتي تنقلت فيها بين أبوظبي والعين وذلك منذ عام 1995 حتى يومنا هذا”. يوضح محمد طبيعة عمل السباكين بأنها تتعلق بالتمديدات الصحية وصيانتها عبر إصلاح الأعطال التي تتعرض لها فهو كالطبيب المعالج وإن كان يتعامل مع مواد وأدوات غير بشرية مثل المواسير أو الأنابيب والأكواع ومكواة اللحام والمفتاح الإنجليزي والكتكت وقطاعة الأسلاك (الزرادية) وغيرها ويلفت هنا محمد إلى أن أدوات المهنة تطورت عما كانت عليه في الماضي نتيجة تطور الحياة والتكنولوجيا مما سهل عليه عمله فقد كان في الماضي يستخدم أنابيب حديدية في التمديدات وتتطلب جهدا عضليا شاقا في قصها وحفها للتناسب مع المقاس الذي يريده علاوة على تعرضها للصدأ بمرور الماء فيها أما الآن فقد بات يستخدم أنابيب بلاستيكية لها أدوات قص سهلة وميسرة ولا تتطلب جهدا كبيرا ولا يصدأ الماء فيها. يلفت محمد إلى أن طبيعة عمل السباكين قد يرتبط بعدد ساعات عمل محددة وراتب محدد إذا كان ضمن شركة كما هو حال أغلب السباكين في الدولة الذين تستقدمهم شركات من دول عدة ويتم التواصل مع الزبائن من خلال هذه الشركة التي تتولى تعهيدات بيوت أو فلل أومزارع وغيرها، ويوجد قلة يعملون بصورة عشوائية ويعتمدون على معارفهم وجيرانهم الذين يطلبونهم هاتفيا ويحددون أجرتهم بأنفسهم أما بالنسبة له فقد أسس شركة مع شاب مواطن وأحضر عمالا لديهم خبرة متفاوتة يعلمهم ويلازمهم ليتشربوا أصول المهنة، وفي ذات السياق يؤكد محمد أنه في الماضي كان العامل يمضي 5-6 سنوات لدى صانعه أومعلمه يتدرب ويتعلم منه أصول المهنة ويبدأ بعدها العمل لوحده أما الآن فالعامل يتعلم المهنة شهرين ويصبح معلما فيها. إشارات لمعرفة العطل من الإشارات التي يعتمد عليها السباك محمد في التعرف على العطل هو تلقيه خبرا عبر الهاتف أو رؤيته المباشرة لانقطاع للماء عن المنزل فيتوجه حينها إلى فحص الماتور الذي يرفع الماء إلى الخزان ويفحص عوامة الخزان أيضا فقد يكون العطل في إحداها مسببا لهذه المشكلة أما إذا تلقى خبرا عن فيضان الماء في المنزل فيطلب منهم قطع الماء نهائيا حتى يتسنى له الحضور ومعاينة إن كان يوجد كسر في محبس الماء وغيره. صعوبات المهنة يخبرنا محمد عن الصعوبات التي يواجهها في عمله ويقول: “مشكلتنا أو الصعوبة التي أواجهها وغيري من السباكين أننا نعاني من تأجيل زبائننا لأجرنا فبعد أن ننهي عملية إصلاح العطل نفاجأ بطلب الزبون تأجيل ثمن تعبنا فنضطر للسكوت وأكاد أجزم أن هناك من لم يعطني حق إصلاح عطل لديه منذ أكثر من عام. كما أننا ندعى للكشف عن عطل ما وقد لاتتم عملية الإصلاح لحظتها لأنه ينبغي على الزبون إحضار قطع غيار فبعد أن أكون قطعت مسافة طويلة بسيارتي أو مواصلات وأضعت وقتي لا يعطيني الزبون ولو مبلغا بسيطا يعوضني عن ذلك وأنا لا يمكنني أن أطلب منه “أجرة كشف” فهذا غير مسموح في الدول العربية عموما أما الدول الأوروبية فكل سباكيها يعملون من خلال شركات وقبل أن يتحرك السباك من مكانه تكون الشركة قد حددت ثمن كشفه عن العطل والأدهى أن هذا الزبون الذي أحضرني في الوقت والساعة التي أرادها ولم يعطني بدل مواصلاتي ووقتي وفحصي يذهب إلى سباك آخر يطلب أجرا أرخص مني بعد أن حددت له أنا العطل ولا أنكر وجود أناس كثر يقدرون تعبي ويعطونني على فحصي سواء أصلحت العطل أم لم أصلحه أما إذا تعلق الأمر بالتمديدات الصحية فالأجر محدد مسبقا ومرتبط بعقد وهذا بلا شك يحفظ الحقوق بشكل أفضل”. ويؤكد محمد أن أهمية عمله تكمن في أهمية الماء في الحياة ويعرف قيمة السباك عندما ينقطع الماء عن المنزل أو يفيض فيسبب كارثة ويشير إلى أن من أهم الشروط التي يجب أن تتوافر في السباك بحسب محمد أن يكون أمينا في عمله وعلى حرمات البيوت التي يدخلها وأن يلتزم بمواعيده ويتحلى بالصبر والجلد فأحيانا يتطلب عمله الوقوف لساعات طويلة كما يجب أن يكون دقيقا في عمله واثقا من نفسه.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©