الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البارادايم

البارادايم
17 ابريل 2010 21:44

لكل إنسان خبراته الخاصة التي كونها على مدار السنين من التجارب والمعلومات والمفاهيم والقيم والمعتقدات والثقافات وغيرها، وله أسلوبه وتصرفه الخاص في التعامل مع المواقف والأحداث والبشر، وهذا يسمى «البارادايم» (Paradigm). وبشكل مختصر وبعيداً عن نشأة هذا المصطلح، يعرف البارادايم على أنه «النموذج الفكري» أو «النموذج الإدراكي» ويعتبره البعض «نظارة العقل». الإنسان يرى الأمور ويقيمها بناء على عدسات النظارة التي يرى من خلالها الحياة، فإن كانت عدسته سوداء فإنه سيرى منها ما يمكن أن يرى أو ما يحب فقط أن يراه والباقي ظلام في ظلام، أما إن كانت عدسته زجاجية شفافة، فإنه سيرى الدنيا بإدراك مختلف، سيجدها مليئة بالأشياء الجميلة والمفيدة، والمثل الدارج بين الناس يقول: «كل يرى الناس بعين طبعه». ومن هنا ندرك أن كل شخص يرى الأمور بمنظوره هو وفقاً لنظام تفكيره الذي غذي بالمعلومات والخبرات السابقة، وقد حدثني أحدهم فقال: «جاءني أحد الأصدقاء يقول لي: لقد دخل فصل الصيف قبل أوانه، الله يعيننا عليه وعلى الحر والرطوبة ... فقلت له: لماذا تتذمر من الصيف؟ ففي الصيف تكون الإجازة السنوية للطلبة والمعلمين، وفيه يكون السفر، وفيه يذهب البعض للسباحة والاستجمام على الشواطئ، وفيه ينضج الرطب وتثمر كثير من أشجار الفواكه والخضار، ..». فلو تأملنا في نظرة وتفكير كلى الشخصين، لوجدنا الاختلاف الكبير بين «برادايم» كل منهما، فالأول (السلبي) متأفف من الصيف وما يحمله له من حر ورطوبة وعصبية ومعاناة، أما الثاني (الإيجابي) فيحمل النظرة الإيجابية للصيف كموسم مهم للسفر والسياحة ولكثير من المحاصيل الصيفية وغيرها. والشيء الجدير بالذكر أن ما قام به الشخص الثاني عندما ذكر محاسن فصل الصيف هو ما يسمى أسلوب تغيير إطار الإدراك عند الإنسان، وهذا الأمر يقودنا إلى حقيقة مهمة، وهي أن نجاح الإنسان في تحقيق أمر ما يتوقف بعد مشيئة الله على طريقة تفكيره. فإن حكم على نفسه باستحالة النجاح كان له ذلك، وإن غير الإطار إلى الإمكانية والقدرة، فإنه سينجح وفقاً للمعطيات المادية أما التوفيق فمن الله كما قال نبي الله شعيب عليه السلام: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)(هود:88). عزيزي القارئ إذا رغبت في تكوين بارادايم جديد، فعليك: أن تدرك أنه ليس شرطاً أن يكون رأيك هو الصح دائماً، وأن تفكر وفقاً لنظم جديدة، وأن تراجع قيمك ومعتقداتك، وأن تستمع لأفكار الآخرين، وأن تطلق خيالك دون تقييد، وأن تنوع في مصادر معلوماته. فهل أنت مستعد لتغيير بارادايمك الخاص؟ dralazazi@yahoo.com

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©