الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكونجو... معاناة نسوية وفشل أممي

الكونجو... معاناة نسوية وفشل أممي
30 يونيو 2009 21:39
قبل سنة فقط من الآن عندما كانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، كوندليزا رايس، تجيب على سؤال حول ما إذا كان العنف الجنسي في أوقات الصراع موضوعا يمكن لمجلس الأمن التصدي له قالت الوزيرة : «أنا اليوم فخورة أن الإجابة هي بالتأكيد نعم»، وبهذا التصريح ومعه الجهود التي بذلتها باقي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة المعنية بحماية النساء من ويلات الحروب تبنى مجلس الأمن بالإجماع القرار 1820 الذي اعترف بالعنف الجنسي كاستراتيجية تستخدم على نطاق واسع في الحروب، وفسح المجال أمام المجتمع الدولي لمواجهته على الصعيد العالمي، والحد من جرائم الاغتصاب. وفي هذا السياق، يندرج التقرير الذي رفعه الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، يوم أمس الثلاثاء إلى مجلس الأمن لمتابعة تنفيذ القرار فما هي الخلاصات التي نخرج بها من التقرير الأممي؟ مع الأسف بعد مرور سنة كاملة على تبني القرار مازالت الكونجو أسوأ مكان في العالم تعيش فيه النساء، فعلى مدى 12 عاماً من الحرب الاقتصادية التي تدور رحاها بين دول المنطقة حول الموارد تعرضت مئات الآلاف من النساء والفتيات للاغتصاب والتعذيب، بحيث دمرت أجسادهن بطرق بشعة لا يمكن تخيلها لتتحول الكونجو التي ألهمت صدور القرار الأممي 1820 إلى مكان يجسد فشل القرار في بلوغ أهدافه. فمنذ العام 2008 تزايدت عمليات الاغتصاب كأسلوب من أساليب الحرب بشكل كبير، فقد أطلقت الحكومة حملة عسكرية في شمال «كيفو» بهدف معلن هو القبض على زعيم المتمردين «لورو نكوندا» والقضاء على تنظيمه المعروف باسم «المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب» بالإضافة إلى الميلشيات الرواندية التي تنتمي إلى عرقية «الهوتو» والمسؤولة عن مجازر الإبادة الرهيبة في رواندا. لكن حتى بعد صدور القرار الأممي، ظلت معاناة النساء في ظل المعارك الجارية على حالها، ولم يطرأ أي تحسن على أمنهم. وعن هذا المصير القاتم، أخبرتني «إنيك فان ودنبورج» من منظمة «هيومن رايتس ووتش» التي عادت لتوها من الجبهات الأمامية للقتال في شمال «كيفو» وجنوبها عن تضاعف جرائم الاغتصاب بواقع مرتين إلى ثلاث مرات كما تدلل على ذلك المراكز الصحية التي تستقبل الضحايا من النساء. والأكثر من ذلك أن جرائم الاغتصاب في ازدياد مطرد دون أن يعاقب عليها أحد، ففيما شهدت المتابعات القضائية ارتفاعاً طفيفاً بقيت في مجملها محصورة في نطاق ضيق ولا يتابع سوى الجنود من الرتب الدنيا، إذ لا يوجد ضابط واحد يتجاوز رتبة رائد تعرض للمساءلة القانونية في عموم الكونجو، والأسوأ من ذلك أن الجيش الحكومي متورط هو الآخر في جرائم الاغتصاب، وناهيك عن القوات الأممية المنتشرة في الكونجو والتي شاركت في دعم القوات الحكومية وتسهل تحركاتها في الميدان. ومع أن مجلس الأمن حصر قائمة سوداء بأسماء الضباط والعسكريين المتورطين في جرائم الاغتصاب وسلمها للرئيس كابيلا، ورغم الأدلة الدامغة التي تدينهم لم يحرك الرئيس ساكناً ليظل القادة العسكريون في أماكنهم دون عقاب. فكيف يمكن للأمم المتحدة التي أصدرت القرار 1820 لحماية النساء من الاغتصاب في البؤر الساخنة مثل الكونجو أن تتحول هي نفسها إلى شريك متورط في تلك الجرائم بمساعدة القادة المسؤولين عن الاغتصاب في التحرك وتسهيل عملياتهم العسكرية؟ والحقيقة أن الأجواء التفاؤلية التي سعى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بثها في مقاله المنشور على صفحات «هيرالد تريبيون» في الثامن من شهر مارس الماضي لم تجدِ نفعاً في تزييف الواقع المرير وإخفاء حقيقة ما تتعرض له النساء من اغتصاب وتنكيل في الكونجو. لذا يتعين التعامل مع القرار الأممي بجدية بأن يسارع مجلس الأمن والأمين العام لتنفيذ منطوقه وملاحقة المتورطين في جرائم الاغتصاب بصرف النظر عن مواقعهم ورتبهم العسكرية، كما يتعين وقف الدعم الذي تقدمه الأمم المتحدة للقوات الحكومية والتركيز بدلا من ذلك على الأسباب الاقتصادية التي تغذي الصراع لتتم معالجتها بإشراك قادة الدول الأفريقية المجاورة للكونجو بعدما بات معروفاً ضلوعهم في الحرب للاستفادة من الموارد الغنية التي تزخر بها، فضلا عن الشركات الغربية التي لا يخفى على أحد جريها وراء المعادن الثمينة. وفي هذا السياق يتعين على أوباما والسفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، إيصال رسالة واضحة إلى العالم فالولايات المتحدة باعتبارها عضواً فاعلا ومؤثراً في مجلس الأمن قادرة على إقرار إجراءات تنهي حالة الإفلات من العقاب السائدة على نطاق واسع وبلورة خطة ناجعة للسلام يستفيد منها الشعب الكونجولي ويحمي النساء من الإرهاب الجنسي. إيف إنسلير ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©