الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واشنطن.. هل فقد «الجمهوريون» رونقهم؟

11 مارس 2014 00:27
سألني صديقي «هل افتقدت واشنطن؟» فأجبت «ليس بعد»، إنه إحساس غريب، أن أترك المدينة التي عشت بها 70 عاماً، لأنهي 50 عاماً من العمل بصحيفة «واشنطن بوست،» وأدير ظهري للسيرك السياسي الذي فتنني لفترة طويلة. إنني لم افتقد واشنطن ولا أتوقع ذلك. لقد اعتدت الشعور بالإثارة حول القضايا الكبيرة التى أقوم بتغطيتها مثل الحقوق المدنية وتحرير المرأة وغيرها، كما أحببت الساسة الذين يجلبون هذه القضايا مثل «إيفرت ماكنلي ديكرسون» و«هوارد بيكر» و«بوب دول» وآخرين ممن كانوا يهتمون بالحكم. إن مشاهدة خلفائهم، أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب حالياً، يبعث على الاكتئاب. وقد صادفت هذا الشعور في أكتوبر الماضي عندما صوت الكونجرس بشأن رفع سقف الدين والابقاء على الحكومة من دون إغلاق. لقد كان ذلك مثيراً. ولكن ما حدث كان العكس، ففي 16 أكتوبر صوت 162 من أعضاء الكونجرس، و 144 من مجلس النواب و18 من مجلس الشيوخ بـ «لا» مما يعني دفع حكومتهم نحو الإفلاس عندما كانت هناك فرصة بأن تسود وجهة نظرهم، لقد كان ذلك يبعث على الغثيان. لقد عكس هذا التصويت العداء العميق الذي يشعر به النواب «الجمهوريون» نحو حكومة بلادهم. الأكاذيب والاختراعات الفكرية هي السمة التي تسيطر على الحياة العامة، والتى تجعل الحياة في واشنطن أمراً صعباً بالنسبة لي. إن كذب رجال السياسة لا يمثل صدمة، ولكن هناك فارقاً بين الكذب وارتكاب الأخطاء. لقد انخفضت القوة الفكرية في الكونجرس بصورة حادة خلال الفترة التي قضيتها بواشنطن. لقد أصبح النواب الذين يقرأون الكتب، ويهتمون بالقضايا السياسية ويؤمنون بحكومتهم أكثر ندرة من انتصارات الهنود الحمر. لكن التطور السياسي الأكثر أهمية في وقتي كان التحول الذي حدث في الحزب الكبير القديم الحزب «الجمهوري»، فعندما كنت صغيراً، كان لدينا «جمهوريون» أحبوا الحكم وقاوموا الأرثوذوكسية (التشدد) السياسية، وأقاموا صداقات قوية مع الديمقراطيين واتخذوا مواقف مبدئية حول القضايا الصعبة. لقد نسينا أن قوانين الحقوق المدنية التي قدمها «ليندون جونسون» كانت من أهم التشريعات، التي صدرت في واشنطن، وذلك بفضل أعضاء مجلس الشيوخ من «الجمهوريين» أمثال ديكرسون (ألينوي) وهوت سكوت (بنسلفانيا) وجاكوب جافيتس (نيويورك). أما الآن، فإن الجناح «اليميني» المناهض للحكومة يسيطر على أعضاء الحزب «الجمهوري»- من نادي النمو وحركة التراث من أجل أميركا- للقضاء على كل «جمهوري» في الكونجرس يفكر في التعاون مع «الديمقراطيين». ومن ناحية أخرى، فقد تغير الحزب «الديمقراطي» بصورة عميقة. لقد فقد أعضاءه من الجنوبيين البيض الذين أصبحوا جميعهم الآن «جمهوريين»، كما فقد جناحه المحافظ. «الديمقراطيون المعتدلون» في معظمهم هم تحالف أكثر ليبرالية من جماعات المصالح: مثل المرأة والنقابيين والمثليين والسود واللاتين، ومعظم المثقفين بالدولة. وتحقيق التوازن بين مصالح كل منهم يمثل تحدياً وفي بعض الأوقات يُعرض «الديمقراطيين» للخطر أثناء اجراء الانتخابات. لقد فاجأ الانتصار الساحق لريجان في 1980 «الديمقراطيين» في الكونجرس وتركهم في حيرة. ففي وقت ما كان لديهم قادة حقيقيون مثل همفري وروبرت كينيدي والذين استطاعوا التأكيد على برنامج ليبرالي يحظى بقبول واسع. وعندما أعلن ريجان أن «الحكومة ليست هي الحل لمشاكلنا، بل هي المشكلة،» بدا «الديمقراطيون» عاجزين عن الرد. واستسلموا بدلا من ذلك. وفي عام 1981، قدموا الأصوات في مجلسي الشيوخ والنواب والتي سنت تخفيضات الإنفاق والضرائب التي قدمها ريجان. لقد غيرت حقبة الثمانينات الولايات المتحدة. فقد شهدت هذه السنوات كفاح الشركات والأثرياء ضد القوى الليبرالية التى هيمنت خلال الستينيات والسبعينيات. وخلفت المصالح المتعلقة بالمال جماعات جديدة، خاصة لجان العمل السياسي التي كانت على استعداد لإنفاق مبالغ كبيرة لتحقيق أهدافها السياسية. وقد كان ذلك بداية لثلاثة عقود كان فيها المال أهم عنصر في الحياة العامة. وبينما أصبح المال أكثر أهمية بالنسبة لمرشحي الكونجرس، أصبح «الديمقراطيون»، خاصة في مجلس النواب، أقل فاعلية بالنسبة لدورهم التاريخي. ولكن نجاحاتهم الانتخابية كل عامين أضعفت من مهاراتهم التنافسية. ولم يعد لديهم ما يقدمونه للسياسات والأفكار الجديدة. وقد فهم «نيوت جينجريتش» الفرصة التي قدمها «الديمقراطيون» لـ«الجمهوريين» في الثمانينات. كان «جينجريتش» من أكثر السياسيين فاعلية وكان يؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة. وكانت الغاية هي سيطرة «الجمهوريين» على مجلس النواب. لا أحد ينكر أن المال جعل واشنطن أكثر مرحاً - بالنسبة لمن يملكه. وفي خلال الـ20 سنة الماضية أصبحت مدينة حقيقية، حيث تدفق عليها الشباب وازدهرت المؤسسات الثقافية وعاد دوري البيسبول. ولكن من ناحية أخرى، أصبح من السهل مغادرة واشنطن. فمنذ هجمات 11 سبتمبر، أصبح هاجس الأمن يتملك المدينة، حيث تنتشر الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش في كل مكان. وقد أحدث انتخاب أوباما في عام 2008 هزة في ثقافة واشنطن السياسية. وزاد انتخابه في عام 2010 الأمور سوءاً، حيث ساعد على تمكين الحركة المناهضة للحكومة والمتمثلة في «حزب الشاي». ‎روبرت قيصر محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©