الصحف المجانية تعاني من تراجع التوزيع

فيما كان الخبراء يتوقعون أن تسجل الصحف المجانية نجاحاً كبيراً في الأسواق بسبب الإقبال عليها، إلا أنها أصيبت بدورها بأعراض داء تراجع الدخول الإعلانية· وقالت مصادر في مجلس تحرير صحيفة ''مترو إنترناشونال'' اليومية التي توزع على المستوى العالمي، إن مداخيلها الإعلانية تراجعت بمعدل 6,1% إلى 73,4 مليون يورو (116 مليون دولار) في الربع الأول من العام الجاري 2008 بالمقارنة مع الفترة الموافقة من العام الماضي· وتعرضت ''مترو إنترناشونال'' التي توزع يومياً 23 مليون نسخة في 23 دولة، لهزّة شبيهة بتلك التي تعرّضت لها الصحف التقليدية عندما هبطت عوائدها الإعلانية فضلاً عن المنافسة التي تتعرض لها من الصحف المجانية المنافسة· ولم يجد المشرفون على إدارة الصحيفة بدّاً من اللجوء إلى إلغاء العديد من الوظائف وحجب بعض الصفحات التي ترتفع تكاليف تحريرها ووضع خطط عاجلة لإطلاق نشاطاتها على مواقع الإنترنت· وقبل شهر، عمدت الصحيفة إلى إطلاق أول موقع لها وأعلنت أنها تأمل بجمع عدد كبير من الإعلانات الإلكترونية بحيث تغطي تراجع مدخولها من صحيفتها الورقية· وقال بير مايكل جينسن رئيس تحريرها: ''ربما كانت حال السوق الأميركية الآن هي الأسوأ منذ أعوام الثلاثينات من القرن الماضي بالنسبة لشركات الصحافة''· ومنذ إطلاق التابلويد ''مترو إنترناشونال'' في شوارع المدن عام ،1995 راحت هذه الصحف تنمو وتتطور بسرعة كبيرة إلى أن تمكنت من الاستئثار بعدد كبير من القراء والمعلنين، وحققت عوائد ضخمة بعد أن رسمت خطتها الناجحة التي تعتمد على التوزيع النشيط في كافة الأماكن العمومية ونشر المقالات والتقارير القصيرة المرفقة بالصور الكبيرة الواضحة، وهي الشروط التي تبيّن من خلال الاستطلاعات أنها من أهم شروط نجاح الصحيفة المجانية· ومن المعلوم أن الصحف تعتمد بشكل تام على الإعلان مما جعلها في مواجهة كابوس ثقيل عندما بدأت مواقع الإنترنت تسرق منها الجزء الأكبر من حصتها الإعلانية· وقال جينسن إن شركة ''مترو إنترناشونال'' تفكر الآن ببيع طبعاتها اليومية التي تصدر في نيويورك وبوسطن وفيلادلفيا إلى من يريد شراءها من الشركات العاملة في صناعة الصحافة· وبلغت مجمل خسائر الطبعات الثلاث 6 ملايين دولار خلال الربع الأول من العام الجاري· وهبطت مبيعاتها ''مترو إنترناشونال'' بمعدل 12% في فيلادلفيا، و8% في بوسطن، علماً بأن طبعة بوسطن تصدر بالشراكة مع شركة نيويورك تايمز· وفي محاولة للتخفيف من التكاليف، تخلّت الصحيفة عن 27 محرراً وموظفاً في الولايات المتحدة لتكتفي بفريق من الموظفين والمحررين لا يزيد عن ،100 ووجدت نفسها مجبرة بعد ذلك على إغلاق إحدى طبعاتها وبيع جزء من طبعة أخرى إلى شركة ثانية· ويذكر أن ''مترو إنترناشونال'' مسجلة في لوكسمبورج ويوجد مقرها الرئيسي في لندن؛ وكانت قد أعلنت عن أن مجمل خسائرها عن الربع الأول من العام الجاري بلغت 5,6 مليون يورو بالمقارنة مع خسارة بلغت 10 ملايين يورو عن الفترة ذاتها من العام الماضي، وقد انخفضت أسعار أسهمها المدرجة في بورصة استوكهولم بمعدل 48% خلال السنة الماضية· وكانت فكرة نشر وتوزيع الصحف اليومية المجانية قد وجدت مؤخراً حظوتها عند أصحاب الإمبراطوريات الإعلامية في العديد من دول العالم بعد أن لاحظ الخبراء في شؤون النشر والتوزيع التراجع الواضح للإقبال على قراءة الصحف وما يترتّب عنه من تراجع موازٍ في العوائد الإعلانية· وهي الظاهرة التي حثّت أصحاب القرار في كبريات الصحف لإصدار طبعات مجانية يومية من أجل تنشيط سوقها الإعلانية التي سرقتها منها مواقع الإنترنت والأقنية التلفزية· وخلال العام الماضي، بلغت عوائد قطاع الإعلان التلفزيوني في إيطاليا 56% من مجمل السوق هناك مقابل 30% في كل من بريطانيا وفرنسا وفقاً لما توصل إليه بيريتي، وهذا يدلّ على أن التلفزيون لا يتوقف عن سحب البساط من تحت أرجل الصحف في مجال الاستئثار بالعوائد الإعلانية، وكان من الطبيعي أن تجد الصحف المجانية نفسها في وضع حرج بعد أن وجدت نفسها أمام مواجهة خاسرة مع المواقع المجانية على الإنترنت والتي تستأثر بحصة متزايدة من السوق الإعلانية· عن ذي وول ستريت جورنال