الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

«زايد التراثي» يحتفي بموروثات العالم العربي

«زايد التراثي» يحتفي بموروثات العالم العربي
9 يناير 2018 23:19
أحمد السعداوي (أبوظبي) كثيرة هي العناصر التي تربط بين أبناء العالم العربي من المحيط إلى الخليج، سواء من حيث العادات والتقاليد والأفكار، أو حتى الأفكار التراثية، ويحفل مهرجان الشيخ زايد التراثي المقام حالياً بمنطقة الوثبة بأبوظبي والذي يستمر حتى 27 يناير، بعديد من هذه المظاهر المشتركة بين أبناء عالمنا العربي، لعل أبرزها صناعات منتجات النخيل، خاصة الخوص أو سعف النخيل بأشكاله المختلفة، لأن النخيل تنتشر زراعته في غالبية أنحاء الوطن العربي، كونه لا ينمو سوى في البيئات الصحراوية التي تغطي غالبية أنحاء المنطقة، حيث يمكن للرائي وبسهولة حين يجول بين الأجنحة المختلفة للدول العربية المشاركة بالمهرجان، ملاحظة التنافس في إبداع أشكال مختلفة من منتجات النخيل تعكس هوية وخصوصية كل دولة في عالمنا العربي تهتم بهذا اللون من الموروث العربي الأصيل. «السرود» و«المهفة» من الإمارات، يقول الوالد، حميد بن سيف الكعبي، الخبير التراثي المتخصص في عمل أشكال مختلفة من النخيل ومنتجاته، إن هذه الشجرة المباركة عرف أهل الإمارات فوائدها منذ مئات السنين، وتفننوا في إبداع أشكال عديدة من منتجاتها ومنها «الليف» الذي تُصنع منه الحبال، وكذلك الخوص أو سعف النخيل بأشكاله المختلفة، وأهم الأدوات المستخدمة في صنعه، اليدان والأسنان، والعظام والحجارة، وذلك بعد أن يتم تجهيز الخوص ليصبح ليناً في يد الصناع عن طريق غمره في الماء المغلي مصحوباً بألوان معينة بحسب ما يريد الحرفي، ثم تجفيفه بعد ذلك، أما بالنسبة للخوص الأبيض، فيتم تركه في الشمس حتى يجف ما به من ماء ويتحول لون الجريد من الأخضر إلى الأبيض. ومن أبرز منتجات الخوص «السرود» بأحجامه المختلفة، والذي يستخدم كمفارش تحت الطعام، «المهفة» المستعملة كمروحة لتلطيف حرارة الجو، وهناك «المخرفة» التي يعلقها الرجال في أعناقهم خلال صعودهم النخلة لجمع التمر فيها، و«الجفير» وهي أيضاً سلة صغيرة يتم فيها وضع التمر حين يتم نقله من مكان إلى آخر، أما «المكبة»، فتكون هرمية الشكل وتستعمل في غطاء للأواني لحفظ الطعام والشراب. ويلفت الكعبي إلى أنه يعمل في صناعة منتجات النخيل منذ عشرات السنين وتعلم هذه الحرفة بالوراثة مثل سائر أبناء جيله، الذين احترفوا مهن الآباء والأجداد، وحرصوا على الإبداع فيها والعمل على توصيلها إلى الأجيال الجديدة والآخرين من أبناء الجنسيات الأخرى عبر المشاركة في الفعاليات التراثية المختلفة، سواء داخل الدولة أو خارجها، ومنها مهرجان الشيخ زايد التراثي، الذي يعتبره أفضل هذه الفعاليات، كونه يحمل اسماً غالياً وعزيزاً على كل إماراتي وعربي، وهو المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. منتجات بحرينية لا زالت صناعة سعف النخل تعيش عصراً زاهياً رغم مظاهر الحداثة والتطور التي انتشرت في كل ركن وزاوية في دول الخليج، ومن جناح مملكة البحرين، تقول فدوى عبدالله، مسؤولة منتجات الخوص، مشيرة إلى أن أجمل ما في الخوص، أن كل دولة لها بصمة خاصة في إبداع منتجاتها المرتبطة ببيئتها وتراثها، وهذا يعكس الروابط القوية بين الحاضر وماضي تلك البلدان على اختلاف مراحل تاريخها وتكوينها، وأوضحت أنها سبق وأن شاركت في مهرجانات ومعارض في كل من الشارقة ودبي، وللمرة الأولى تشارك في هذا الحدث الكبير الذي تميز بوجود عدد لافت من الدول العربية ودول العالم، لترسم لوحة جميلة بمفردات تراثها، وكان لها الشرف بعرض ملامح من التراث السعفي للبحرين، بعد إضافة لمسات حداثية عليه تزيد من إقبال الأجيال الجديدة على شرائه واقتنائه، ومن ذلك تصغير حجم «السفرة» وتزيينها بألوان مبهجة، وكذا عمل حقائب يد صغيرة تناسب الشابات والفتيات لتضفي على أناقتهن لمسة أصالة عربية مميزة. «الخوص» في الجزائر ومن منطقة الخليج العربي نتجه إلى أقصى العالم العربي، وتحديداً إلى دولة الجزائر، حيث يقول عابد إلياس، المسؤول عن ركن بيع منتجات الخوص في الجناح الجزائري، إن أشهر مدن الجزائر التي تقوم بصناعة منتجات النخيل هي مدينتي «قليعة وإدرار» في جنوب الجزائر، حيث تنتشر زراعة النخيل هناك، ومن أشهر منتجاته الذي لا تزال كثير من الأسر تستخدمه في المناطق غير الحضرية «القفة» التي تستعمل في نقل الأمتعة وبعض البضائع البسيطة من مكان لآخر، كما نصنع منه أبسطة المنازل والدواوين. ويلفت إلياس إلى أن هذه المنتجات صارت مقصداً لكثير من السائحين الباحثين عن لمسة البداوة الأصيلة حين يزورون الجزائر، كما أن كثيراً من الحرفيات العاملات في هذه المهنة يحرصن على نقلها لبناتهن وفتيات العائلة حفظاً لهذا التراث، وفي الوقت ذاته كمصدر دخل يستفيد منه بعضهن، موضحاً أن طريقة إعداد الخوص لعمل أشكال مختلفة، تتشابه مع نفس الطريقة الإماراتية، كون المصدر واحد وهو النخلة التي يعرف العالم العربي فوائد لا حصر لها سواء كان غذائيا، أو إبداع أدوات نستخدمها في حياتنا اليومية، مشيراً إلى أن البيئة الجزائرية غنية أيضاً بمادة الخيزران التي تستخدم في صناعة أشكال عديدة مماثلة تماماً لاستخدامات سعف النخيل. «سعفيات» السودان أما في السودان، حيث القلب من العالم العربي، يقول أبوبكر ساكن، المسؤول عن ركن السعفيات في الجناح السوداني، إن هذه الصناعة قديمة في المجتمع السوداني ولحقتها تطورات عديدة على مر العصور، حتى صارت تستخدم بشكل يوازي أحدث الصيحات العصرية عن طريق عمل أشكال مستحدثة من سعف النخيل، مثل الحقائب النسائية، وحاويات للهواتف المحمولة، فضلاً عن الصناعات التقليدية من السعف المتمثلة في «البروش» التي تستخدم كأبسطة في البيوت، أو «القفف» جمع «قفة» وهي 3 أنواع أولها القفة الصغيرة، القفة الجاب دلو، القفة ذات الأذنين، وهي أكبرهم حجماً وغالباً تحتاج إلى شخصين كي يحملا ما بها من أغذية أو أشياء يراد حملها ونقلها من مكان إلى آخر. زينة وديكور من داخل الجناح المصري، يحدثنا عاطف محمد قوطة، مؤكداً التواصل بين أقطار العالم العربي في كثير من الملامح التراثية، خاصة في صناعات سعف النخيل، التي تصنع في مصر بمدينة الفيوم تحديداً والتي توجد بها أعداد هائلة من النخيل، لافتاً إلى أن أكثر هذه المنتجات صار يباع الآن كأغراض تراثية للزينة والديكور، ولم يعد الاعتماد عليها كأدوات حياة رئيسية كما كان الحال في السابق، خاصة بعد ظهور الأدوات البلاستيكية وغيرها من المنتجات التي تعتمد على الصناعات الحديثة، ولكنها تفتقد إلى حد كبير إلى الأصالة والجمال الذي تتمتع بها الأشغال اليدوية التقليدية التي عرفها أبناء البيئات العربية. «الخواصة» لصناعة الحصير ذهب الوالد محمد أحمد المرزوقي بالجناح السعودي، في رحلة بعيدة إلى عوالم التراث الخليجي المرتبط بصناعة السعفيات، معتمداً على مهارته اليدوية، وقدرته على إنجاز تصميمات بديعة، قائلاً: «إن هذه الحرفة في السعودية تسمى «الخواصة»، ولا تزال تستعمل في صناعة الحصير بمختلف أحجامه، إضافة إلى جراب للتمور، وسفرة الطعام، وأيضاً أحجام مختلفة من السلال». تراث سعودي وحضارة مصرية أبوظبي (الاتحاد) يحرص مهرجان الشيخ زايد التراثي على حفظ التراث الخليجي والعربي، حيث خصص حياً خليجياً وآخر عربياً تفوح أركان أجنحتهما بعبق الماضي الخليجي والعربي الأصيل، لتحيي الكثير من الحرف التقليدية في معظم البلاد الخليجية والعربية. يضم الجناح السعودي أركاناً عدة تعرض منتجات حرف يدوية تمثل تراث مناطق المملكة العربية السعودية كافة، وذلك ضمن البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية «بارع» التابع لهيئة السياحة والتراث الوطني. ويتمتع زائر الجناح السعودي بجماليات وروح الثقافات في مناطق المملكة كافة عبر 12 محلاً تجسد منتجاتها الحرف اليدوية التراثية داخل المملكة. واللافت في الجناح السعودي بالدورة الحالية هذا التطور الملحوظ في المنتجات المعروضة المصنعة من السعف وخوص النخيل، ومنتجات حرفة الخياطة والتطريز والحقائب والملابس المطورة التي تدمج بين الماضي والحاضر في منتج عصري. كما اهتم الجناح بالأكلات الشعبية السعودية، حيث يعرض عدداً من الأطعمة المعلبة التي تشتهر بها بعض مناطق المملكة مثل تمور ومعمول القصيم، كذلك يعرض منتجات حرفة صناعة السجاد من جدة وشراشف الصلاة التي حيكت يدوياً، بالإضافة إلى منتجات السدو من القصيم. وتضم المحال منتجات حرفة الخزف بمشاركة مصنع البوارق العربية المدعوم من «بارع»، يجاوره محل منتجات حرفة السبح اليدوية من مكة المكرمة، التي تلقى رواجاً وإقبالاً كبيراً في مواسم الحج والعمرة. وتشارك إحدى الفنانات التشكيليات من المدينة المنورة بلوحات تحاكي التراث الحجازي بشكل عام والمدينة المنورة بشكل خاص، وذلك من خلال عدد من اللوحات للحرم النبوي الشريف، وقباب أشهر سبعة مساجد في المدينة المنورة. وعلى جانب آخر في الحي العربي يتميز الجناح المصري بمنتجات الحرف اليدوية التي تعبر عن الحضارة الفرعونية، وأضحت مهناً تراثية لا يعرف قيمتها إلا من يمارسونها، من بينها حرفة التطعيم بالصدف والحفر على النحاس والأطباق وحياكة الجلباب المصري وسجاد أخميم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©