الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نجاة مكي: عمل الفنان يحمي الذاكرة الجمالية من الاندثار

نجاة مكي: عمل الفنان يحمي الذاكرة الجمالية من الاندثار
5 مارس 2011 20:50
تكشف الأعمال الجديدة للفنانة التشكيلية الإماراتية الرائدة الدكتورة نجاة مكي عن انشغالات لونية تستعيد الذاكرة الشخصية للفنانة، كما أنها تستدعي أيضا الذاكرة الجمعية المشمولة بخصوصية اللونين الأزرق والفيروزي، وبمكونات بصرية محاطة بسحر وطقس ومثال، هي في مجملها حالات وتنويعات يعكسها وهج البحر الملامس لضفاف الطفولة، والمتشكل لونيا وحركيا على إيقاع المد والجزر، والمتهادي والمتلاطم تبعا لتبدلات الليل والنهار، والهياج والسكون، والصخب والهدأة. ولا تهمل أعمال نجاة مكي أيضا النداءات اللونية المشعة لرمل الصحراء، والمُعبّرة عن النأي والهجر والعزلة، والصادرة أيضا عن عشق وانخطاف وخيالات صوفية تنحاز للتجريد لأنها في الأساس نابعة من حسّ جوّاني فاتن ومنفلت وعصي على القبض والاستحواذ والتأطير. في معرضها الأخير بعنوانه اللافت “رحلة” وبأعماله التي ضمت 20 لوحة قدمت مكي مجموعة من أعمالها القديمة بالإضافة إلى أعمال جديدة تداخلت في حوار بصري مع تكوينات نحتية بارزة صنعتها الضربات القوية لألوان الإكليريك، وسط عاصفة ناعمة من التموجات السارحة للألوان الزيتية بخفتها ولطافتها الملموسة والطافية على سطح اللوحة. المعرض افتتح يوم الأربعاء الماضي ويستمر حتى الخميس المقبل، في قاعة كلية الفنون الجميلة بجامعة الشارقة، وأقيم ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لإدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة لشهر مارس بالتعاون مع قسم البرامج التعليمية والمجتمعية من أجل تفعيل التبادل المعرفي والثقافي والجمالي بين أعمال وإنجازات الفنان الإماراتي وبين قطاعات تعليمية واجتماعية تستقطب هذه الأعمال وتشركها في حوار متواصل وجدل مستمر مع الأفراد والطلبة المنضوين لهذه القطاعات. “الاتحاد” التقت الفنانة الدكتورة نجاة مكي للتعرف على طبيعة معرضها الجديد، ورأيها في التطورات التي لامست المشهد التشكيلي المحلي في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى رؤيتها النقدية للتيارات الفنية الجديدة والشابة في مسارات هذا المشهد. فعن مغزى ودلالات كلمة “رحلة” الذي عنون معرضها الجديد قالت إنه عنوان يشير إلى الرحلة الفنية التي تلخص ملامح ومكونات المراحل المختلفة في تجربتها الطويلة والممتدة، وقالت “العنوان يشير أيضا إلى الرحلة التي أشارك فيها طلبة كلية الفنون الجميلة في الجامعة من أجل التواصل والنقاش حول المحطات اللونية والعناصر والتقنيات والمواضيع التي يتناولها الفنان، كما أن العنوان يبحث في معنى المغامرة البصرية، وقيمة وأهمية الفن التشكيلي في الارتقاء بذائقة الإنسان وتنمية الوعي الجمالي في المجتمعات الحديثة”. وفي سؤال حول التقنيات والأساليب التي تكرست في تجاربها الأخيرة، أوضحت مكي بأنه لا يمكن الرهان على كلمة “ تكريس” لأنها كلمة حاسمة تشير إلى الثبات واليباس أيضا، بينما الفنان ــ كما أشارت ــ هو في رحلة بصرية وروحية متدفقة لا تعرف الوقوف عند محطة واحدة ونهائية. وأردفت مكي بأن الفنون المعاصرة بكل ما تحمله من تنويعات وفضاءات شاسعة فيما يتعلق بالمواضيع والخامات والتقنيات الحديثة المستخدمة في إنتاج الفن، لا تترك للفنان فرصة للركون إلى اتجاه واحد ومكرر، لأن الفن الحديث مجبول على الحراك والقلق والبحث وملاحقة الثورة البصرية التي شكلت خارطة معرفية جديدة للعالم وللمنشغلين والمنخرطين طوعا وكرها في هذا العالم المتخم بالمعلومات والوسائط المتدفقة والجامحة. وترى مكي أن التطورات العلمية والانعطافات الاجتماعية العنيفة وضعت الفنان في قلب الأحداث الهائجة من حوله فهو من جهة استفاد من التطور التقني في الوسائط السمعية والبصرية، ومن جهة أخرى عبّر وبشكل حيوي وصادق وصادم أيضا عن هواجسه وهمومه حول حنينه الفردي وانشغالاته الذاتية التي يريد أن يحميها وأن يترجمها أيضا بوسائل مبتكرة وموازية لخطابات الفن المعاصر. وحول ارتباط أعمالها الجديدة بالتجريد اللوني قالت مكي “أشعر بأني أعمل داخل مختبر لوني لا ينفك يقدم لي اقتراحات عديدة ومتشابكة، ومنضوية على هاجس كبير من البحث والتقصي في الطاقات الكامنة والمتحفزة للألوان الزيتية والإكليريك وكذلك في الأنماط والمسطحات المدهشة التي تتشكل من المزج بين الألوان والخامات المختلفة، للخروج بابتكارات بصرية تعزز من معنى التجريب في الفن، ومعنى الذهاب إلى أقصى ما يمكن الوصول إليه من افتتان ولعب ومغامرة”. وعن تناولها لجدلية العلاقة اللونية بين البحر والصحراء والأطياف المتخلقة من بنية وروح المكان أشارت مكي إلى أنها تستند في ذهابها إلى هذه المناطق اللونية على ذاكرتها الشخصية التي شبهتها بـ “الباليته” كونها المساحة الخصبة والمهيأة لترك البصمة الروحية المميزة التي تشرح علاقة الفنان بعوالم الطفولة والمخزون الزمني المتراكم فيه، وتقدمه للآخر بشكل مجرد ومليء بالأحاسيس الغامضة، لأنه وفي كل الأحوال يستحيل أن يقدم الفنان انفعالاته المبهمة في أشكال مجسدة وانطباعية أشبه بالصور الفوتوغرافية، وفي النهاية، كما قالت “فإن عمل الفنان يحمي الذاكرة الجمالية من الاندثار”. وفي سؤال حول التطورات التي لامست المشهد التشكيلي المحلي وظهور أسماء جديدة وواعدة في هذا المشهد قالت مكي”المشهد التشكيلي هنا متميز ويحسدنا عليه الآخرون وذلك لوجود مرافق ومؤسسات ومتاحف كثيرة في الإمارات تحتضن الفنان وتضعه في صلب الاتجاهات والتيارات المعاصرة من خلال أعمال قوية تثير حتى دهشة المحافل الفنية أثناء المشاركات الخارجية لفناني الدولة”. وعن الأسماء التشكيلية الجديدة قالت مكي “هذه الأسماء مبشرة وتمتلك قاعدة تستند وترجع إليها قوامها التجارب السابقة التي أسست للحركة محليا، ولكن ما يستحق وقفة نقدية هنا يتمثل في انجراف أعمال بعض هؤلاء الشبان نحو الفنون المفاهيمية والفيديو آرت بشكل مفرط ومبالغ به، ومن دون أن يختبروا التعامل مع الأنماط الأصيلة والمؤسسة للعمل الفني وبشكل متدرج على الأقل” وأضافت “أتمنى من هؤلاء الشباب أن يتعاملوا مع الخامات وأن يهتموا بالجانب المعرفي للفن، لأن هذا الشغل الحميمي يقربهم ويورطهم في المعنى الحقيقي لإنتاج اللوحة أو المنحوتة أو العمل التركيبي، لأننا في النهاية محاطون بالصورة المتحركة في كل الوسائل الإعلامية والترفيهية المحيطة بنا، وإذا لم ينج الفيديو آرت من هذا الازدحام البصري، ولم يتضمن محتوى فنيا مغايرا ومستقلا، فإنه لن يقدم جديدا في هذا السياق”. عن أعمالها لا تهمل أعمال نجاة مكي النداءات اللونية المشعة لرمل الصحراء، والمُعبّرة عن النأي والهجر والعزلة، والصادرة أيضا عن عشق وانخطاف وخيالات صوفية تنحاز للتجريد لأنها في الأساس نابعة من حسّ جوّاني فاتن ومنفلت وعصي على القبض والاستحواذ والتأطير.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©