الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جديد باكستان... أخضر

30 يونيو 2009 00:17
منذ فترة قصيرة، كان يوم عطلتي الأسبوعية أفضل ما يكون، لقد بدأت بصحيفتي اليومية، وهي في العادة تجربة مزعجة، لكني رأيت اليوم في الجزء الخاص بعطلة نهاية الأسبوع صوراً لأناس في مناسبتين مختلفتين يلبسون الأشرطة الخضراء التي قمت بتصميمها كتعبير عن الدعم لقواتنا العسكرية ولأمتنا. أناس يظهرون عادة في قسم «الشخصيات» في المجلات، وهم يمارسون نشاطاتهم الاجتماعية في الأماكن البارزة المكلفة. إلا أنهم بدوا مختلفين هذا الأحد، ولو لمرة واحدة، ليس فقط لأنهم من باكستان وإنما كذلك لأنهم يهتمون بباكستان. رأيت في خضمّ الأخبار المزعجة حول القتل والنزوح، وفي صحيفة أخرى، ذكراً لـِ»هم الباكستانيون»، وهي منظمة تشكل مظلّة، أعمل من خلالها، تجمع أكثر من 20 منظمة غير ربحية لمساعدة النازحين وضحايا الحرب في سوات. تم حتى الآن إرسال بضائع تبلغ قيمتها 100 ألف دولار إلى «ماردان» وغيرها من المناطق المتأثرة، وسوف نقوم قريباً بإرسال المزيد. هناك تقارير عن قرى بأكملها قرب سوات حمل سكانها السلاح ضد «طالبان»، وساعدوا الجيش على دحرهم. وهناك أيضاً قصة عن منظمة سنية في لاهور تحتج ضد «طالبان». وفي اليوم السابق، رأيت مجموعة من رجال الدين ينشدون شعارات ضد «طالبان» في شارع مول، وهو أحد شوارع لاهور الأكثر نشاطاً واكتظاظاً. فكرت قائلة: الأوقات تتغير بالتأكيد. وهنا في لاهور تُعتَبر فترة الغداء يوم الأحد بشكل عام وقتاً نتناول فيه ما يزيد عن حاجتنا من الطعام ونقضي بقية النهار في حالة استرخاء. لكني قررت هذا الأحد الانضمام إلى أصدقائي الذين بدأوا حركة «الكتلة الحرجة»، وهي جزء من الحركة العالمية الخضراء تضم مجموعة من الدراجين من أصدقاء البيئة، يريدون وقف اعتمادنا على استخدام النفط بشراهة وعلى السيارات التي تنفث الدخان الأسود. أدركت في اللحظة التي بدأنا، أنا و25 دراجاً، نقود فيها دراجاتنا، أن هناك أكثر من مجرد الفكرة الخضراء فيما يتعلق بهذه الحركة. كانت أسلوباً للتواصل والترابط مع هذه المدينة وسكانها بأسلوب يعتبر ببساطة مستحيلا في السيارة. إنها طريقة خوض تجربة أصوات وروائح المدينة التي نحب، لكنها كانت تجربة في فقاعة. كانت في معظم الحالات أسلوباً للتغلب على مخاوفي من أن تكون لاهور مدينة غير آمنة. صادفنا أثناء ذلك مجموعة أخرى واعية اجتماعياً، هي مجموعة «المواطنين المسؤولين»، تقوم بكنس القمامة أمام متجر. وكما كتب مراسل «نيويورك تايمز» الذي أصابته الحيرة، فقد «كان أمراً غريباً يفعله أي إنسان، وخاصة لطلاب كهؤلاء من مدارس النخبة الخاصة، يقضون عادة أمسيات يوم الأحد في منازلهم ذات الهواء المكيّف». لكن رغم ذلك تحدّى هؤلاء الشباب الباكستانيون، مسلّحين بالمعاول وأكياس القمامة، وهم يكنسون شوارع لاهور، تحدّوا حرّ شهر يونيو، سعياً لتحقيق تغييرات ملموسة. ما كانوا يحاولون عمله هو رعاية الروح الاجتماعية التي تأتي من خلال العمل كتفاً بكتف مع الآخرين، بغض النظر عما إذا كان ذلك إزالة قمامة تكدست عبر عام كامل في الأسواق أو المساعدة على شراء الكتب للتلاميذ. وهم يؤمنون أن ترسيخ الشعور بالواجب الاجتماعي في نفوس مواطني باكستان هو أمر حاسم، ويقولون إنهم يسعون لجمع الناس معاً وتعليمهم حب تراب وطنهم بنفس الحرارة التي يحبون بها منازلهم وبيوتهم. نعم، تشكّل رؤية هؤلاء الناس الذين يلبسون ثياباً منمقة جميلة، وهم يكنسون شوارع لاهور، منظراً «غريباً» بالنسبة للكثيرين. لكن هناك الكثير من الأمور الغريبة تحصل في باكستان هذه الأيام. ومن المؤكد أن رؤية 25 منا يقودون دراجاتهم في شوارع لاهور يشكل منظراً غريباً. وأعلم كذلك أن نجاح حملة الشريط الأخضر، الذي يرمز إلى دعمنا لجنودنا ولأمتنا، هو أمر جديد من أمور عدة. كان منظر مجموعة من رجال الدين ينشدون شعارات مضادة للطالبان على شارع مول منظراً غريباً، بالنسبة لي على الأقل. كذلك كانت رؤية فتاة مراهقة الأسبوع الماضي في سوق «ليبرتي» بمنطقة تسوق هي الأكثر اكتظاظاً في لاهور، وهي تلبس قميصاً كتب عليه «لن يغادر أحد الوطن. أنا أحب باكستان»، كان ذلك منظراً لم أره من قبل. واقع الأمر أن هذا الشعور بالفخر والذي يبدو أنه بدأ يترسخ في الأمة هو أمر جديد. نعم، هناك أمور غريبة تحصل في باكستان، وقد حان الوقت لذلك. عائدة نكفي صحفيّة تقيم وتعمل في لاهور ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©