السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحاكم الإسبانية: تحجيم «السلطة القضائية الدولية»

المحاكم الإسبانية: تحجيم «السلطة القضائية الدولية»
30 يونيو 2009 00:16
في الوقت الراهن، تعمل المحاكم الإسبانية التي كانت بمثابة الحصن الأخير لمحاكمة مرتكبي الجرائم في أي مكان في العالم، على تقييد مدى صلاحياتها القانونية الدولية في أعقاب التصويت الذي تم بهذا الخصوص في مجلس النواب الإسباني أمس الاثنين. فمن المعروف أن إسبانيا كانت ولزمن طويل المدافعة الأولى عن محاكمة الجرائم البشعة وفقا للمفهوم المعروف بـ «السلطة القضائية الدولية»، والتي وجهت في إطاره تهماً جنائية لأسامة بن لادن، والجنرال»أوجستو بينوشيه» رئيس شيلي، كما فتح قاض إسباني الربيع الماضي تحقيقاً في أعمال التعذيب التي كانت تجري في معتقل جوانتانامو، مركزاً في ذلك على مسؤولية موظفين كبار في إدارة بوش. وهذا الأمر تغير الآن كما يقول المحللون، وذلك بعد أن اتبعت إسبانيا اتجاها قانونيا دوليا ينأى عن مبدأ السماح للمحاكم الوطنية بمحاكمة أي شخص، بما في ذلك هؤلاء الذين يرتكبون جرائم في أماكن أخرى. في نفس الوقت اتخذت محاكم في فرنسا، وفنلندا، وهولندا، وبلجيكا، وألمانيا خطوات مماثلة من أجل الحد من ممارسة مفهوم«السلطة القضائية الدولية». وبموجب القانون الجديد، المتوقع تمريره بسرعة في مجلس الشيوخ، يفترض أن تضيق إسبانيا من مجال سلطتها القضائية الدولية، على الرغم من أن هناك طائفة متنوعة من القضايا التي تنشأ في الخارج، قد تستمر في التدفق للنظر فيها في إسبانيا، إلا إن القانون الجديد يشترط أن تكون هذه القضايا متعلقة بمظالم لحقت بمواطنين إسبان. وهذه الخطوة من جانب المحاكم الإسبانية، منحت المحكمة الجنائية الدولية في «هيج» مجالا أكبر من حيث حرية العمل كما يقول أحد الخبراء. بيد أن هذا القول يجد من يعارضه على أساس أن القضايا التي يتم النظر فيها في المحكمة الجنائية الدولية تتعلق بجرائم الحرب، والمذابح الجماعية في أفريقيا. وقد أبدت الجماعات الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان أسفها لنتيجة التصويت على القانون داخل مجلس النواب الإسباني. وكانت هذه الجماعات قد ثمنت من قبل إسبانيا لتقدمها لملء الفراغ من خلال قبولها النظر في جرائم الحرب، والسياسات غير الإنسانية، التي تمارس في دول أخرى في الوقت الذي لم يكن مرجحاً أن تُقدم فيها دول أخرى على ذلك، خصوصاً بعد رفض الكثير من الدول لمفهوم «السلطة القضائية الدولية» من حيث المبدأ. ومن المعروف أن المحاكم الإسبانية تحت رئاسة القاضي«بالتاسار جارزون» قد شرعت في سلسلة تحقيقات حول قصف المدنيين في غزة، وحول سوء معاملة السلطات الصينية لسكان إقليم التبت، وكذلك المذابح الجماعية في رواندا وجوانتانامو. وهذه القضايا المفتوحة بالفعل سوف يتم أعفاؤها من شروط القانون الجديد وبالتالي سيستمر النظر فيها. وعلى الرغم من أن الدعوى المتعلقة بوقائع التعذيب في معتقل جوانتانامو تضم دعوى خاصة بمواطن إسباني واحد، فإنه لا يوجد طعن ضد الفريق القانوني لإدارة بوش، وليس واضحاً ما إذا كانت المحاكم الإسبانية ستستمر في نظر تلك الدعوى أم لا. وكانت إدارة أوباما قد توخت الحذر في تأييدها للجهود الرامية لمحاكمة مسؤولي البيت الأبيض السابقين لضلوعهم في قضايا التعذيب، لإدراكها بأن ذلك التأييد يمكن أن يتطور إلى معارك حزبية شرسة. ويشار في هذا السياق أن جماعات حقوق الإنسان قد اتهمت إسبانيا بشكل مباشر بالخضوع للضغوط الأميركية، وهو ما يتضح من البيان المشترك الصادر عن منظمة العفو الدولية، ومنظمة«هيومان رايتس ووتش» واتحاد العمل الإسباني، الذي جاء فيه:«إن إسبانيا مهتمة بعدم إغضاب بعض الحكومات أكثر من اهتمامها بإنهاء الحصانة التي يستفيد منها المجرمون». ولكن«مارك إيليس» المدير التنفيذي لاتحاد المحامين الدولي في لندن، يقول إن مبدأ السلطة القضائية الدولية ينتقل في الوقت الراهن من كونه مفهوما مطلقا مجسدا في إسبانيا، إلى مفهوم أكثر شَرْطية، أي يتوقف تطبيقه على شروط معينة». وهو يرى أن هذا القانون ربما يحتاج إلى تعديل على ضوء الديناميات السياسية الصعبة داخل وحول الدول التي تدعو إلى مبدأ سيادة الدولة. كما يرى أنه إذا ما ترك لكل دولة حرية تطبيق مبدأ «السلطة القضائية الدولية» كما تريد، فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى حالة من الفوضى الشاملة التي ستقود إلى نتائج غير مقصودة منها على سبيل المثال «إضعاف المحكمة الجنائية الدولية». يرد المدافعون عن استمرار العمل بنظام السلطة القضائية الدولية على ذلك بالقول إن مؤسسات مثل المحكمة الجنائية الدولية، لم يكن لها ذكر منذ عقد أو أكثر. وهم يبدون اندهاشاً من هذه الطفرة في محاكمات رؤساء الدول، وفي القضايا المرفوعة ضد زعماء مثل زعيم صرب البوسنة«رادوفان كارادزيتش». الكثيرون يتفقون مع أوباما في موقفه بخصوص مفهوم السلطة القضائية الدولية، وهناك من يرى أن محاكم إسبانيا المفتوحة كانت تعد بمثابة جرس إنذار لزعماء الدول القوية والدول الأقل قوة على حد سواء بأن العدالة الدولية سوف تطبق على الجميع على قدم المساواة. ويقول «ريتشارد ديكر» من منظمة «هيومان رايتس ووتش» في نيويورك إن القانون الجديد»هو في الحقيقة خطوة مؤسفة للوراء بالنسبة لإسبانيا، كما أنه في ذات الوقت خطوة أكثر خطورة بالنسبة للضحايا الذين، كانوا يتطلعون إلى المحاكم الإسبانية باعتبارها الحصن الذي سيحميهم ويرد لهم حقوقهم، وليس من شك في أن المحاكم الدولية التي تستخدم مفهوم السلطة القضائية الدولية تعتبر جزءاً مهماً من منظومة محاسبة الأشخاص الذين ربما يكونون مسؤولين عن ارتكاب جرائم بشعة». روبرت ماركواند محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©