صابر فتحي يعمل بخمسة أصابع ويتعكّز على كرة سلة

على كرسيه المتحرك يتنقل صابر فتحي من إمارة إلى أخرى، ومن مهرجان إلى آخر، طلباً للرزق وستر الحال. على كرسيه المتحرك يجلس تقابله أحزمة من الورود متعددة الألوان، وسلّة من ربطات الشعر المصنوعة يدوياً، ورزمة مسابح وميداليات جاهزة للبيع، يبيعها للزبائن يقدمها لهم مع ابتسامة ملؤها الطيبة. ولم يحظ صابر بيدين كاملتين، بل بخمسة أصابع فقط في الاثنتين، ثلاثة في اليمين واثنان في اليسار، لكن الله بارك له فيهم وسخّرهم له ليصنع بهم ما تعجز عنه عشرة كاملة، كما أن الله عوضه عن قدميه بكرسي متحرك ينقله من مكان لآخر، و”بكرة سلّة” تعينه على الحركة وقضاء حاجاته داخل المنزل. يقول صابر “ينزع الله القوة من مكان لكنه يضعها في أماكن أخرى. ولقد منحني، عزّ وجلّ، خمسة أصابع قويّة أتمكن بفضلها من صناعة المسابح والميداليات وربطات الشعر، فأبيعها للناس ولا أحتاج معونة أحد”. وامتهن صابر، الذي يحمل صفة اسمه، بيع الهدايا في محله التجاري بمدينة العين حيث يقيم هذه المهنة لتعينه على ما ابتلاه الله به من إعاقة خلقية. إلى ذلك فهو يواظب على المشاركة في المعارض والمهرجانات المحلية التي تقام في الدولة بين الحين والآخر، بغية تحسين دخله وكفاية نفسه وعائلته، ولا سيما بعد إنجاب ابنته “زينب”، والتي تشغل الكثير من تفكيره، وتدفعه للأمل والتفاؤل بالحياة. يقول “تعوّدت على الحياة والناس، وأتقبل ما خلقني الله عليه من حال بل وأحمده كذلك، وأنا آكل وأشرب وأمارس حياتي بشكل طبيعي، وكل ما أحتاجه أقوم بعمله في البيت بنفسي، حيث أحلق ذقني وأستحمّ وحدي دون مساعدة من أحد. حتى أنني في البيت لا أستخدم الكرسيّ المتحرك وإنما يوجد لدّي “كرة سلة” أدحرجها متعكزّا عليها، وهي طريقة استخدمها منذ الصغر في الحركة والتنقل داخل المنزل”. صحيح أن ظروف حياة صابر لم تسمح له بإكمال تعليمه، لكنه بفضل الإرادة والصبر، تمكن من تعلمّ اللغة الإنجليزية، وكذلك اللغة الهندية من خلال تعامله وتواصله مع الناس، خاصة مع تنوّع الجنسيات في الإمارات. يقول صابر، وهو راضٍ كل الرضا عن حاله: “الصبر من عند الله، وكلّ أمنيتي في الحياة أن يرزقني الله الستر، وأن أبقى بصحتي وعافيتي لأكفي بيتي بنفسي فلا أحتاج إنسان”.