الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من يدير الخوف.. في الثــقافة؟!

من يدير الخوف.. في الثــقافة؟!
12 ابريل 2017 19:05
الخوف؛ سؤال وجودي عميق، والأصعب من السؤال، هو مواجهة السؤال نفسه. الغريب أن الخوف يحضر في السرد النقاشي العام في الثقافة، كهامش، كحس ثانوي، كتابع للأمور في تحليلها، وربما يأتي ذلك من فكرة سرمدية درامية مفادها أننا لا نخاف، أو أن الخوف محصور ضمن فضاءات مباشرة تقيسها ردات فعلنا الطبيعية للأشياء، ولكن بتأمل بسيط ندرك أن الخوف مصدر رئيسي لجّل ردود الفعل، وأغلب وجهات النظر. بل أكاد أجزم أن الخوف هو من يدير عملية الوعي العام، بطريقة شفافة تكاد تكون واضحة، لكنها - للأسف - غير مرئية في التجسيد المادي، وربما لأننا لا نستطيع أن نلمس الخوف فينا، إلا بطريقة واحدة، وهي اكتشافنا لذواتنا، وبمعنى عملي أكثر، أن «نتقبل» الخوف بـ «وعي» في ذواتنا. لذلك فإن «معرفتنا» للخوف، كتيار ذاتي أو مخزون فكري في اللاوعي تأصل منذ فترة الطفولة الأولى، تمثل حاجة ضرورية لإحداث نقلة روحية عميقة، يوازيها استثمار فكري متنامي ومتطور. وبصراحة تامة؛ إذ ظل مفهوم الخوف لا يتجاوز الاعتقاد السائد باعتباره شعوراً فطرياً أو حساً مكتسباً، وظل هناك «قبول» غير واع للخوف، وتجنب الخوض في تفشيه كظاهرة تقيد الروح ووعي الفرد، فإن كل المبادرات والمشاريع الثقافية والمجتمعية، ستبقى على السطح، دونما تأثير فعلي على الأرض، وإعادة سؤالنا عن من يدير الخوف في الثقافة؟ يصل بنا إلى نقطة أننا إذا لم نكتشف مخاوفنا، فإن مخاوفنا ومخاوف الآخرين، ستديرنا وستتحكم بشكل الحياة بصورة بديهية غير قابلة للنقاش، وسنكتفي بوصفها حالة طبيعية، خاصة أننا نتحدث من موقع «لا ندري أننا لا ندري». عندما سُئل المفكر والكاتب ستيفن كينج عن الخوف، قال إنه على مستوى البشر، فإنهم يخافون من الفوضى، الآخر الغريب، الخوف من التغير، من توقف الأشياء التي اعتدناها. وما يفعله ستيفن عبر كتاباته هو كسر للمرآة، معتبراً أنه في الحياة تصل لنقطة يجب أن «تتعامل» فيها مع شيء غير مفهوم بالنسبة لك. مواجهة الخوف الحديث عن الخوف، يجب أن يتحول إلى مشروع ثقافي، أو مبادرة بحثية علمية مستدامة في كل مؤسسة ثقافية واجتماعية ومعرفية وخدمية، لأن الخوض في تفاصيله النوعية يحتاج إلى تكريس الجهود، وإعداد قاعدة بيانات علمية، تقوم على تساؤلات نوعية، في تجارب الأفراد الفردية، وتطلعاتهم الشخصية، عبر وضع مناهج ممتدة لرصد المعتقدات والأفكار، والرغبات الخاصة، مع التأكيد بأن لكل فرد تجربته ومخاوفه الخاصة، حيث إن تعميم شكل المخاوف، ليس النتيجة المطلوب منا الوصول إليها، ولكن تحديد آليات التعرف على تلك المخاوف، عبر تعزيز الأدوات الإدراكية لدى الفرد، هو ما يمكن وضعه في إطار عام، مبني على مقياس عالمي، واعتماد علمي. والهدف من هذا المشروع، بالمعنى الفعلي هو جعل الأفراد يحدثون نقلة وعي في اكتشافهم لذواتهم، وبذلك يعتبر المشروع الثقافي المختص في الحديث عن الخوف، هو جسر بين الخوف الداخلي وانعكاسه على الواقع الخارجي، وصولاً إلى إحداث القبول الذاتي، من قبل المجتمع لمخاوفه بالعموم، من خلال المساهمة في بناء فضاءات من المواجهة الحقيقية عبر الحوارات المفتوحة، فالصراع الفعلي بين مختلف الأفكار والمعتقدات قائم على مبدأ الخوف، والحوار بطبيعته يساعد على إسقاط جل الأفكار والمعتقدات، وبالتالي تنشأ مساحة مفتوحة من الفراغ في ذوات الأفراد، مما يسمح بإمكانية إضفاء الحب فيه، لتؤكد أغلب التجارب الإنسانية أن ما يقابل الحب ليست الكراهية، وإنما الخوف، بكل أشكاله ومظاهره المختلفة، وحان الوقت لتتحمل الثقافة دورها المحوري، في إلهام الناس والمجتمع، نحو الوعي بأهمية أن الجهل بالذات لا يزال هو الخوف الذي يدير الثقافة. هنا؛ يأتي الخوف كجزء من التكوين الشعوري، وليس نداً أو مرضاً أو عاهة يجب التخلص منها، ولكنها تمثل محركاً وتحدياً للذات، وفي الوقت نفسه هي دافع للذات، للنمو والتطور، لذلك يفضل أن يتم التعامل معها كظاهرة إنسانية، ضمن مبدأ احترام الخوف في الإنسان، بمثل احترامنا للحب، ومعاملته كضيف في دواخلنا، وصولاً إلى تحقيق رحيله من ذواتنا الداخلية بالقبول الهادئ، من قبل الفرد نفسه. والعملية، في تفاصيلها التجربية صعب إنجازها على المستوى العام، ولكن إلهام الناس نحوها يساهم في استدراجنا إلى حلول تفاعلية. والثقافة بقوتها الخلاقة تستطيع تحقيق ذلك، باعتبارها رمز البحث الأسمى لمنظومة الفكر البشري، فالثقافة تمتلك الفنون الإنسانية، التي تمثل لغات الاتصال الفكرية، والخوف يحمل بطبيعته نزعة عقلية وذاتية، والثقافة بأدواتها النوعية تتسرب إلى الروح كفعل الموسيقى تماماً، وتبدأ بتحطيم الجدران الوهمية، وإسقاط المبررات المختلفة، وتضعك أمام نفسك، ولا شيء سوى نفسك. ولكن السؤال هنا أيضاً، عن مدى قدرة الثقافة على اختراق الحدود المزيفة للذات في الأفراد بالمجتمع؟! وهل القائمين على الثقافة المحلية بنفسها، يدركون القوة التي يمتلكونها، وما مدى استعدادهم لتأسيس قرارات جريئة، تساهم في إحداث النهوض بالأفراد. لنأخذ الكاتب والكتاب ودار النشر، إحدى الأعمدة الرئيسية للثقافة، كمثال في اكتشافنا لمن يدير الخوف في الثقافة، خاصة أنهم يواجهون أكبر التحديات المعرفية، وهي كثرة الوصايا المجتمعية على الإنتاجات الأدبية، وتحديد مسألة الخوف النسبية، من مقطع موسيقي أو قصيدة شعرية أو رواية أو لوحة فنية تناولت لغة كونية مختلفة. وتعددت الأسئلة في هذا الجانب أهمها: الخوف كمفهوم في الثقافة الإبداعية، هل لها تعريفها الخاص؟ الشكل العملي للخوف في المنتج الأدبي؟ إذا كان هناك خوف كيف تعرفه، ككاتب، وكصاحب دار نشر، وما هي طبيعة ممارساته في الواقع الاجتماعي؟ متى تخاف دار نشر على سمعتها؟ كيف ترون دوركم في تقبل الخوف والتكامل معه كتجربة إنسانية؟! الخوف ماذا يدير بالضبط؟ عملياً تلاشي الخوف، متى يتجلى في التجربة الإبداعية؟ هل ردات فعل القراء تقيس الخوف؟ ما هي مقاييس الخوف في الثقافة المحلية؟ «الثقافة ليست للخوافين» جمال الشحي، صاحب دار كتاب للنشر والتوزيع، يحضر في الفترة الحالية كمُنتج في منظومة النشر الإماراتية، وسؤاله عن الخوف وإدارته في تشكيل الثقافة المحلية إنما جاء نظراً لقربه للوسط بين جيلين مختلفين في الحياة الثقافية، سواء المفكريين الكبار أو الكتاب الشباب، حيث اعتبر أن الخوض في المسألة تستدعي إدراكاً عميقاً لمعنى المغامرة، فصاحب دار النشر هو بطبيعته يغامر دون تحديد نتائج مسبقه لكل منتج، حتى ولو تم إعداد دراسة ميدانية مسبقة، فذائقة الجمهور ميزتها أنها متحررة وحيّة ومتحركة، ولا يمكن تحديدها إلا في منظور عام، مبيناً الشحي في حديثه حول الخوف أن «الثقافة ليست للخوافين»، وأنها تحتاج إلى قرارات جريئة، وطالما أنه ينظر إليها على أنها تمثل ريادة للأعمال (بزنس)، فإن التطوير هو مطلب رئيسي، لذلك فإن المهنية الفعلية في شكل طرح الثقافة يستدعي احترافية، وذكاءً قادراً على قراءة المجتمع، رغم أن مسألة الإرضاء تبقى غاية لا تدرك، ونستطيع أن نقر بأن خوف الجمهور أو القارئ الفرد، كمنظومة داخلية تبقى حالة طبيعية، ولكن كيفية إدارة الخوف هي المسألة الأساسية في التجربة الإنسانية، والعاملون على إنتاج الثقافة يجب أن يدركوا المسألة بحذافيرها العميقة جداً، لأنهم مسؤولون عن بيئات ذات حساسية عالية، لأنها تصنع الإبداع، وحضور الخوف فيها بشكل غير مدروس أو واعي لن يساهم في إحداث خطوة جديدة في الحياة الثقافية، وأضاف الشحي أن البعد الإداري في صناعة الكتاب يحتاج إلى «توازن» من خلال إدراك مناطق الخوف لدى المتلقي لضمان الاستمرارية بشكلها المقبول، وصاحب دار النشر يسعى إلى استدراج القُراء نحو التغير، وفي الوقت يحافظ على توفير ما يناسب مستوى وعيهم اللحظي، مؤمناً أن المسألة لن تظل بهذا الشكل الأفقي على الدوام، فالثقافة قادمة وبقوة جامحة لإحداث التغير والتطوير، وذلك لأن الثقافة تستطيع أن تسوي كل تحد أمامها بمثل استواء الإسفلت المستقيم، وبتالي تتحرك المركبات (السيارات) في طريقها الجديد والمختلف. ويرى جمال الشحي أن الخوف يبقى «وجهة نظر»، فبالنظر إلى مستوى الحرية المفتوحة للكاتب اليوم مقارنة بفترات سابقة، فإن الأمر اليوم اختلف، وتبقى مسألة الخوف من الكتابة في بعض التحولات المجتمعية في الرواية على سبيل المثال مسألة خوف مرتبطة بالكاتب نفسه، الذي قد لا يكون على قدر من الوعي في الفضاءات الفسيحة من حوله، مضيفاً أن الفضاء الذي بدأت دولة الإمارات تتيحه للكتاب والمبدع أصبح يصنع أفقاً مختلفاً أفرز العديد من الكتاب والمهتمين بالثقافة، وهو جزء أساسي في تلاشي الخوف، مما سيصل بالكاتب الإماراتي إلى خارج حدود مكانه، إلى اعتباره مُنتجاً لإبداع كوني وعالمي. «أخاف من الإحباط» لطالما كانت للكاتبة والأديبة لولوة المنصوري، إيقاعات شاعرية مبهرة في الكتابة المسترسلة عن الوجودية بأبهى أشكالها، وتكمن قوتها في قدرتها المدهشة على الإدراك الواعي لمفهوم الخوف في المخيلة المجتمعية والإنسانية، فالمتابع لخطوط لولوة الأدبية، يستوعب عمق التلاقي الرفيع في مضامين حواراتها المتعددة، ونسقها المتناهي مع النص المفتوح، وعند سؤالها عن الخوف، تقول إنها تراه كمعنى قريب للقلق، ذلك الهاجس الذي يتردد بين الفنية والأخرى. فالخوف بالنسبة لها ككاتبة يتمحور حول خوفها من ما هو قادم، القارئ القادم الذي يأتي في المستقبل، موضحة أنها تشعر بالخوف من ذلك البعيد الآتي. هل سيُقرأ نصها الحالي بروح مفتونة تسعى لمحاكات اللحظة الراهنة التي لن تتكرر؟، هل سيدوم نصها الأدبي؟، هل سيعيش خلوداً سرمدياً نوعياً يضفي للحياة على مر تكويناتها العظيمة، موسيقى من النشوة التامة مع الحياة. إذاً فإن هناك خوفاً من قبلها في إمكانية أن تُنسى، وهو صراع مستدام بين الكاتب ونفسه يعيشه بهدوء غير ملحوظ، ولكنه يمثل قوة غريبة تحتاج منا أن نستوعب مداها، ونقرأ تأثيرها على كتابنا في البيئة المحلية، تسمر لولوة في مواجهاتها اليومية، وهذا يستدعي احتواء تام لخوفها، باعتباره «دافعاً»، وفي الوقت نفسه يمثل «هاجساً»، وعملية الاهتمام بخوف الكاتب ومتابعته هي مسؤولية مشتركة، يقودها الوعي العام، في إتاحة مزيد من اللغة الحوارية المفتوحة، لتلمس أهم المقومات الرئيسية في تشكل تلك المخاوف، وآلية قراءتها بشكل دقيق وعلمي، خاصة أن الكاتبة لولوة صرحت بأنها تخاف من أن تتوقف عن الكتابة في يوم ما، وهذا بطبيعته تصريح خطير وملفت ومهم، وهو منبع السؤال لـ لماذا التوقف؟! ولماذا الخوف أساساً من التوقف؟! إذا أرادت أن تتوقف عن الكتابة، فلتتوقف وتنهي الموضوع، لماذا الخوف أساساً يحضر كأصل لمشكلة التوقف، والمهم في هذه المسألة الإمعان في ما أشارت إليه لولوة وهو شعور «الإحباط»، ودوره في إيصالها لقرار التوقف عن الكتابة.. ليؤدي بنا ذلك إلى سؤال أنفسنا كوعي عام، عن شعور الإحباط الذي يخال الكاتب في مجتمعنا، كوننا نشترك مع الكاتب في تكوين محيطه، بيئته، تفاصيله، طاقته الكونية. ورغم أن مكاشفة الخوف في موقف الكاتبة والأديبة لولوة المنصوري، هي بمثابة مساهمة مشتركة بين الكاتب ونفسه ومجتمعه، إلا أن التكامل مع هذا الخوف بشكل رئيسي يبدأ من الكاتب نفسه، يبدأ من مستوى قبوله وتكامله مع هذا الخوف، الذي يُعبر عنه من خلال الكتابة الإبداعية، واللافت في هذا الأمر، بدرجة أساسية، أن لولوة ترى الكتابة المتنفس الوحيد، وقرارها تجاه هذا الخوف كان شجاعاً ومتمرداً، من خلال رفضها لمختلف عروض العمل لتتفرغ للكتابة، وترجع لولوة ذلك إلى طبيعتها الذاتية، التي تفضل التركيز على فضاءات الكتابة بشكل كامل، غير متقطع بين وظيفة اعتيادية، وكتابة أدبية، التي تحتاج إلى تشكيل عوالم متخيلة، متصلة بالحراك الكوني العظيم، لتأتي هنا الكتابة اختياراً، لا إجباراً. اختيار الأديبة لولوة المنصوري، الكتابة، رغم صراع الخوف في داخلها، أحد أوجه إدارة الخوف، الاتصال معه، الدخول في حوار متناه ممتد، ينتج منه اكتشاف نوعي لذات الكاتب، وتحرير مدهش للخوف عبر النص للحياة. ومن جهة أخرى، يأتي خوف الآخرين، الواضح أحياناً في الوصايا التي يفرضونها على النص، حيث تتعامل معها لولوة المنصوري بصمت، ويأتي قرار الصمت لاستيعاب لولوة مستوى وعي الأفراد، فمنهم من اعتاد على النص الجاهز، في القراءة الكلاسيكية، والعائد أيضاً إلى الخلفية الثقافية للشخص الذي يناقش موضوع النص، وبمجرد تفاعل الكاتب مع النقاشات النابعة من خوف الأشخاص لقلة وعيهم، يمثل ذلك خيانة للنص، كما تصفها لولوة، فالنص بحسب تعبيرها كتب للتأمل، ويحوي على دلالات عديدة، يراها كل فرد بطبيعة مختلفة عن فرد آخر، وهنا تكمن جمالية النص، لذلك يفضل أن يصمت الكاتب بعد انتهاء عملية الكتابة، ولا يحاول أن يبرر شيئاً. واللافت في حديث الأديبة لولوة المنصوري، هو سردها لتلاشي فكرة أو شعور الخوف خلال ممارسة متعة الكتابة، حيث تبدأ الدخول في الرواية، كاندماج تام وانصهار كلي مع الشخصيات والحدث، كل شيء يسري بانسيابية مذهلة، وما تلاحظه بعدها على مستوى الخوف، هو طبيعة خوف وصراعات الشخصيات في العمل الروائي. والذوبان الكامل في رحلة الرواية، تنسي الكاتب كل مخاوفه. وبعد عملية الكتابة، تغلق الكاتبة لولوة الصفحة الأخيرة، كمن تخلص من ثقل كبير وضخم، تصفها لؤلؤة كعملية الصلاة تماماً، في تطهيرها للروح. يأتي الخوف لدى لولوة المنصوري كسبيل لإحداث الجمال، فالنص الصادم بطبيعته يحرك ويغير، لذلك فإننا في الكثير من الأحيان نحتاج للخوف لنكتب، وهو ما يمكن تعريفه بأن الخوف يقابله الحب، وترى لولوة أن العملية برمتها في الكتابة تصل بنا إلى الحب. ويعود تناقض الحب والخوف الذي يحضر في حياة الكاتب إلى عدة دلالات روحية. فالكتابة تنظيف للتراكم النابع من الخوف أو التحدي، كعملية التفريغ المذهلة، شبهتها الكاتبة لولوة بـ «التأمل»، متيحاً بعد كل منجز أدبي، مساحة من الفراغ الداخلي، الذي يقدم فسحة لحضور الحب، بكافة أبعاده وأشكاله وتصوراته، الحب المطلق غير المشروط، عاكساً شعور النشوة القصوى للكاتب في كل مرحلة من مراحل حياته، وبها ينجز كفرد نقلة في النمو الروحي. من جهتها اعتبرت لولوة المنصوري أن دولة الإمارات، تؤسس لوعي ثقافي، بعد تشكيل موقعها كمركز عالمي للتعايش بين الثقافات، والأهم في المرحلة الحالية هو الاهتمام بالوعي العام، من خلال السعي لارتقاء القارئ، وإرجاع الرؤية الفلسفية التي ظُلمت لفترات طويلة، كأولى المقومات الداعمة لمسألة فتح الحوار الثقافي، وإدراك أهمية النصوص الكونية، التي تعمل بشكل عام على إحداث القبول للآخر، والتسامح والتعايش الأسمى. نثق بـ«الوطني للإعلام» الناشر الإماراتي حسن الزعابي مؤسس دار مداد للنشر والتوزيع، التي نالت أخيراً، أفضل دار محلية في الدورة الـ 35 من معرض الشارقة الدولي للكتاب للعام 2016، يؤكد ثقته برؤية القائمين على إجازة النصوص في المجلس الوطني للإعلام، وما سيعمدون إليه هو السعي للأفضل، مع فهم وإدراك كبير لحاجة المجتمع، معتبراً أن الدار مستمرة في تبنيها لكتاب إماراتيين جدد، رغم النجاحات الجديدة التي حققتها في صياغة شراكات استراتيجية مع كتاب كبار ومخضرمين في الوطن العربي، معتبراً أن دار مداد للنشر تستشرف المستقبل بعين الرؤية الخلاقة لتوجهات الدولة السامية، نحو تأسيس بيئة معرفية وقاعدة نشر عالمية، ترتكز في ثقلها العالمي والاحترافي على مكانة الإمارات النموذجية، وفي مسألة خوف أو تردد دور النشر، فإن التحدي بالنسبة للناشر حسن الزعابي هو السعي لتغير مفهوم النشر، موضحاً أن الخوف إذا ما تسرب في أي مشروع، فإنه يعمل على فشله، فمنذ دخوله في عالم النشر وهو يتحرك وفق خطة متكاملة قائمة على دراسة السوق، بشكل عام، ويظل التحدي هو الفهم المستمر لتوجهات الجمهور ورغباته. الاطلاع على حديث الناشر الزعابي يقودنا إلى بانوراما من الاستدلال النموذجي للتحديات التي يواجها دور النشر أمام مختلف شرائح المجتمع، وربما يرى البعض أن سياسة دور النشر الداخلية تحتاج لإحداث التوازن بين «التسويق التجاري» و«الخدمة المعرفية»، ولكن يظل وعي دور النشر نفسه يحتاج إلى دراسة متكاملة، خاصة أن دار النشر تمثل انعكاساً موازياً لتوجهات القراء والمجتمع، وقراراتها تأتي بناء على احترام السوق والعميل، كمنظومة متكاملة. وجهة نظر يرى جمال الشحي أن الخوف يبقى «وجهة نظر»، فبالنظر إلى مستوى الحرية المفتوحة للكاتب اليوم مقارنة بفترات سابقة، فإن الأمر اليوم اختلف، وتبقى مسألة الخوف من الكتابة في بعض التحولات المجتمعية في الرواية على سبيل المثال مسألة خوف مرتبطة بالكاتب نفسه، الذي قد لا يكون على قدر من الوعي في الفضاءات الفسيحة من حوله، مضيفاً أن الفضاء الذي بدأت دولة الإمارات تتيحه للكتاب والمبدع أصبح يصنع أفقاً مختلفاً أفرز العديد من الكتاب والمهتمين بالثقافة، وهو جزء أساسي في تلاشي الخوف، مما سيصل بالكاتب الإماراتي إلى خارج حدود مكانه، إلى اعتباره مُنتجاً لإبداع كوني وعالمي. الآخر الغريب عندما سُئل المفكر والكاتب ستيفن كينج عن الخوف، قال إنه على مستوى البشر، فإنهم يخافون من الفوضى، الآخر الغريب، الخوف من التغير، من توقف الأشياء التي اعتدناها. وما يفعله ستيفن عبر كتاباته هو كسر للمرآة، معتبراً أنه في الحياة تصل لنقطة يجب أن «تتعامل» فيها مع شيء غير مفهوم بالنسبة لك. الخوف يقابله الحب يأتي الخوف لدى لولوة المنصوري كسبيل لإحداث الجمال، فالنص الصادم بطبيعته يحرك ويغير، لذلك فإننا في الكثير من الأحيان نحتاج للخوف لنكتب، وهو ما يمكن تعريفه بأن الخوف يقابله الحب، وترى لولوة أن العملية برمتها في الكتابة تصل بنا إلى الحب. ويعود تناقض الحب والخوف الذي يحضر في حياة الكاتب إلى عدة دلالات روحية. توجهات الجمهور ورغباته التحدي بالنسبة للناشر حسن الزعابي هو السعي لتغير مفهوم النشر، موضحاً أن الخوف إذا ما تسرب في أي مشروع، فإنه يعمل على فشله، فمنذ دخوله في عالم النشر وهو يتحرك وفق خطة متكاملة قائمة على دراسة السوق، بشكل عام، ويظل التحدي هو الفهم المستمر لتوجهات الجمهور ورغباته. نزعة عقلية وذاتية نزعة عقلية وذاتية الثقافة تمتلك الفنون الإنسانية، التي تمثل لغات الاتصال الفكرية، والخوف يحمل بطبيعته نزعة عقلية وذاتية، والثقافة بأدواتها النوعية تتسرب إلى الروح كفعل الموسيقى تماماً، وتبدأ بتحطيم الجدران الوهمية، وإسقاط المبررات المختلفة، وتضعك أمام نفسك، ولا شيء سوى نفسك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©