الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جزائريٌ شاب يبتكر «بئراً بترولية» مصغرة لأغراض الدراسة

جزائريٌ شاب يبتكر «بئراً بترولية» مصغرة لأغراض الدراسة
6 يناير 2013 20:16
حسين محمد (الجزائر) - تمكن الشاب الجزائري بلال طالبي، من ابتكار جهاز صغير يحلل الخواص الفيزيائية لصخرة البترول (الحاضنة له) المُكتشف، دون الحاجة إلى القيام بذلك في البئر النفطية التي يتمّ اكتشافها، كما هو معمول به عادة لدى مختلف الشركات البترولية في العالم. ويأمل الشاب الذي لا يتجاوز الـ27 من العمر، والمتخرج حديثاً في جامعة ورقلة جنوب الجزائر، أن تمدّ له السلطاتُ يد العون لتصنيع جهازه قصد سدّ الحاجيات المحلية للباحثين وشركات النفط على السواء وتصديره إلى الخارج. فكرة الاختراع حينما التحق بلال بكلية العلوم والهندسة، فرع المحروقات لجامعة ورقلة، لم تكن فكرة الاختراع والابتكار تدور في ذهنه، على الرغم من ميله للاختراعات منذ صِغره، ولكن بما أن الحاجة أمُّ الاختراع كما يقال، فقد شعر بضرورة ابتكار جهاز يغني طلبة المحروقات عن التنقل إلى مختلف الآبار البترولية التي تزخر بها هذه المنطقة لدراسة الخواص الفيزيائية لصخرة البترول؛ وخاصة المسامية والنفاذية، وبدأ العملَ منذ عامين لإنجاز هذا الجهاز الذي وضع تصميمه على الورق، وكان في كل مرحلة يُخضعه إلى عدة تجارب أثبتت كلها فعاليته، وكان يعرضها أيضاً على مدير الجامعة البروفيسور أحمد بوطرفاية، الذي تنبه إلى أنه أمام اختراع استثنائي فريد من نوعه، فدعَّمه بكل قوة، ماديا ومعنويا، إلى أن أكمل طالبي إنجازه وحصل بعدها على براءة اختراعه من «المعهد الجزائري لحماية الملكية الصناعية» في يناير الماضي. ويصف طالبي جهازه، الذي كلفه اللجوء إلى الاقتراض أحياناً لاقتناء بعض التجهيزات الضرورية، بأنه بمثابة «بئرٌ مُصغرة» تتيح للطلبة والباحثين في المحروقات، متابعة كيفية إجراء التحاليل الفيزيائية على مكوِّنات صخرة البترول المُكتشف دون الحاجة إلى الانتقال إلى آبار النفط التي تزخر بها منطقة «حاسي مسعود» بولاية ورقلة في صحراء الجزائر. ويضيف «أحياناً تكون الشركات النفطية مشغولة باكتشافاتها وباستغلال النفط ولا تتحمس لاستقبال الطلبة والباحثين في المحروقات لإجراء بحوثهم، ففكرتُ في صنع هذا الجهاز لأغنيهم عن مشقة التنقل إلى آبار النفط ولأسهِّل لهم الأمر وفي نفس الوقت أجنّبهم شتى الأخطار». وعن طبيعة هذه الأخطار، يشرح «قد يتسبب الضغط العالي للنفط المستخرَج من مختلف الحقول في حوادث خطيرة للمحيطين به، وهو ما فكّرت في حل له من خلال هذه الآلة التي لا يزيد ضغط تدفق البترول فيها عن 10 آبار، ما يجعل الباحثين يتابعون التحاليل الفيزيائية للمادة الخام النفطية بعيدا عن أي خطر، بل إنه يمكّن الشركات النفطية أيضاً من دراسة الخصائص الفيزيائية المسامية والنفاذية لصخرة النفط تحت ضغط منخفض يجبنها الحوادث والحرائق المهولة التي تسبّب خسائرَ فادحة، ما يعني أن هذا الجهاز صمامُ أمان لها، كما سيتيح لها تخفيض تكاليف دراستها وتحليلها لعينات من الصخرة البترولية المكتشفة من خلال الاعتماد على هذا الجهاز الصغير عوض الآلات الضخمة المعتمدة حالياً في الحقول النفطية». معارض واهتمام بعد حصوله على براءة اختراع في يناير الماضي، فكر الشاب المبتكِر في طريقة للترويج لاختراعه لعله يلقى الدعم اللازم الذي سيمكِّنه من تصنيعه وتسويقه، فاهتدى إلى المشاركة في معرضين دوليين للتجهيزات البترولية نظمتهما الشركة الجزائرية للمحروقات «سوناطراك» في فبراير ومارس الماضيين، وهناك عرض طالبي آلته وسط عدد كبير من أحدث التجهيزات التي عرضتها الشركات النفطية العملاقة المعروفة في العالم. ومع ذلك لفتت آلته الصغيرة انتباه أكثر من شركة عالمية فاعترفت له بدقتها وفائدتها العملية، وأكثر من ذلك، عرضت عليه شركتا «شلومبيرجي» و«آنا داركو» الأميركيتان تبنِّي اختراعه وطلبتا منه القدوم إلى الولايات المتحدة للتحاور حول صيغة شراكة مناسبة للاستفادة من هذا الاختراع وتصنيعه. ومع أن هذين العرضين مغريان جدا، ماديا ومعرفياً، إلا أن الباحث الجزائري الشاب أبدى تحفظه وفضل التريّث ريثما يتصل بالشركة الجزائرية للمحروقات والسلطات المعنية وفي مقدمتها وزارة الطاقة، وقد وجد بلال دعما قويا من مدير جامعة ورقلة، الذي كرّمه في 16 أبريل الماضي بمناسبة «يوم العلم»، ثم عرض الأمرَ على والي ولاية ورقلة ناصر معسكر قصد دعمه، فلم يتردد الوالي في مراسلة وزارة الطاقة في مايو الماضي طالباً منها منح كل أشكال الدعم للمخترع بلال لتجسيد اختراعه وتصنيعه محلياً، إلا أن طالبي لا يزال ينتظر إلى حد الساعة تحقيق حلمه. ويأمل طالبي أن تستجيب سلطات بلده لطلبه بتصنيع هذا الجهاز محليا وتمكينه من مواصلة دراساته العليا في المحروقات حتى يتمكن من تطوير معارفه، وينجز اختراعاتٍ أخرى. في هذا السياق، يقول «لديّ العديد من المشاريع، ولكن إذا لم أتلقّ أي صدى أو تشجيع في بلدي، فسأضطر إلى الهجرة إلى الخارج لتطوير معارفي وللبحث عن صيغة شراكة مناسبة لمشروعي، وقد اقبل عروض الشركات النفطية الكبرى التي عرضت عليّ الالتحاق بمراكز بحثها وكذا التكفل بتصنيع جهازي، ولكن قبل ذلك لا يزال الأملُ يراودني بأن تتكفل وزارتا الطاقة والتعليم العالي بمشروعي وباستكمال دراساتي العليا معاً، فالأولوية لبلدي إذا شجعني ودعمني».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©