الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأحلاف المذهبية الجديدة

31 ديسمبر 2012 21:15
محمد أ. صالح أربيل - العراق في شهر سبتمبر الماضي، وعندما وصلت العلاقات بين العراق وتركيا إلى أدنى مستوياتها خلال سنوات، دعت أنقرة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني للحضور كضيف شرف في مؤتمر عقده «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا. ومن المعروف أن حكومة إقليم كردستان شبه المستقل، والذي يقع في شمال العراق، والحكومة الفيدرالية في بغداد لم تتفقا على العديد من الأمور خلال سنوات، وهو ما أدى إلى زيادة الفجوة بينهما بشكل مستمر، خصوصاً فيما يتعلق بمسائل السياسة الخارجية. وقد برزت الفجوة بشكل واضح للغاية بسبب تداعيات الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، والتي أدت إلى تغيير حظوظ أكراد العراق. فمنذ عقد من الزمان، كان العراق يحكم من قبل ديكتاتورية، يهيمن عليها العرب السنة، وتعاني من مشكلات مشابهة للمشكلات التي كانت تعاني منها تركيا السنية الواقعة في شماله. وفي ذلك الوقت كانت كلتا الدولتين تعاني من وجود حركات انفصالية مثيرة للاضطراب تابعة للأقلية الكردية التي كانت تعيش في كل منها كما كانت علاقتيهما متوترة مع إيران الشيعية المجاورة. واليوم تغيرت تلك المعادلة، حيث تحكم العراق حكومة ذات أغلبية شيعية وثيقة الصلة بإيران، وتدعم نظام الأسد في دمشق خلال الحرب الأهلية الدائرة في سوريا. وفي نفس الوقت نجد أن الحكومة التركية التي ما زالت حريصة على كبح الرغبات الانفصالية للأقلية الكردية الكبيرة التي تعيش في تركيا، قد باتت ترى في أكراد العراق حليفاً محتملا لها في موقفها المناوئ لكل من طهران، وبغداد، ودمشق. وتلك الأحلاف المذهبية الجديدة دفعت كلا من بغداد وأربيل إلى الزج بنفسيهما في معسكرين متضادين في الحرب الدائرة في سوريا، وهو ما أدى إلى تضارب المصالح بينهما رغم انتمائهما لبلد واحد على ما يفترض. وفي الوقت الذي يوجه فيه الدبلوماسيون الغربيون أصابع الاتهام إلى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لوقوفه إلى جانب نظام الأسد المحاط بالعديد من المشكلات والصعوبات في الوقت الراهن، وهو ما ينفيه المالكي بشكل مستمر، فإن أكراد العراق يتدخلون -على نحو متزايد- إلى جانب المعارضة لنظامه، على أمل أن يتمكن أشقاؤهم الأكراد الذين يعيشون في سوريا من تحقيق درجة من الاستقلال الذاتي، مثلما فعلوا هم، عقب سقوط نظامه، مما يمكن حكومتهم (حكومة إقليم كردستان العراق) من توسيع دائرة نفوذها ومدها إلى سوريا المجاورة. ورغم أن الغالبية العظمى من الأكراد ينتمون إلى المذهب السني، فإن اهتمام حكومة إقليم كردستان العراق الرئيسي لا يتركز على الدين والمذهب، وإنما على تعزيز أهدافهم القومية. فكما يقول «جوست هيلترمان»، الخبير المتخصص بالشأن العراقي في مجموعة الأزمات الدولية، فقد «كان لدى الأكراد منذ زمن طويل طموحات للاستقلال، وهذه الطموحات تترجم اليوم عن طريق وضع أنفسهم في نفس المعسكر مع تركيا التي تشجعهم على النأي عن بغداد». ورغم أن الدستور العراقي يعطي حكومة إقليم كردستان العراق سيطرة نظرية على سياستها الخارجية، فإن ما يحدث في غالبية الأحيان هو أن حكومة الإقليم نادرا ما ترجع إلى بغداد في أي شأن من شؤون علاقاتها الخارجية. ويؤدي هذا إلى إثارة ثائرة حكومة بغداد وأنصارها كما يتبين على سبيل المثال من التصريح الذي أدلى به «سعد المطلبي» عضو التحالف الوطني عن قائمة «دولة القانون» التي يرأسها المالكي، والذي يتهم الأكراد بأنهم «يفعلون ما يشاءون، وأنهم وضعوا أنفسهم على طريق صدام مع الحكومة الفيدرالية في بغداد»، ويضيف المطلبي: «مما يؤسف له أن حكومة إقليم كردستان العراق تتصرف كما لو كانت دولة مستقلة وتحدد سياساتها الدولية حسبما تراه من دون أدنى اعتبار للحكومة المركزية». ومن المعروف أن الساسة في بغداد يشعرون بغضب شديد تجاه حكومة إقليم كردستان العراق بسبب محاولتها توثيق علاقاتها مع تركيا التي استضافت نائب رئيس الجمهورية السني طارق الهاشمي بعد أن هرب من بغداد في بدايات هذا العام، على خلفية اتهامه في قضية صدر حولها بحقه حكم بالإعدام من جانب القضاء العراقي. لكن أربيل ترى أن أنقرة تمثل قوة موازنة حيوية لازمة للوقوف في وجه بغداد التي تتهمها الحكومة الكردية باتباع سياسات قمعية تزداد قسوة على الدوام. ويقول« سفين دزيي»، المتحدث باسم حكومة كردستان العراق ملمحاً إلى رئيس الوزراء المالكي وحزب «الدعوة» الذي يرأسه: «للأسف فإن سياسة العراق الخارجية لاتتحدد من قبل مؤسسات الدولة، وإنما من جانب أشخاص معينين داخل الدولة أو داخل حزب معين». ورغم ذلك يقول خبراء في الشأن العراقي إن الموقف الذي تتخذه حكومة كردستان العراق بتوثيق علاقاتها مع تركيا، قد لا يجدي نفعاً في نهاية المطاف، خصوصاً في دولة مثل العراق ذات تاريخ طويل من الصراعات الداخلية. وحول هذه النقطة يقول «أحمد علي»، المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في جامعة جورج تاون: «إن بغداد وأربيل تتخذان قرارات تعتقدان أنها ستؤدي إلى تعزيز مصالحهما الداخلية والإقليمية، لكن نظراً لأن المنطقة معروفة بتغير التحالفات فيها باستمرار، فإن هناك خطورة في إقدام أي طرف على سياسة داخلية بناءً على اعتقاد مؤداه أن التحالفات الإقليمية سوف تكون دائمة وسوف تساعده على تنفيذ خططه وتحقيق طموحاته». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©