الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إثيوبيا: ضوابط صعبة للعمل الحقوقي

2 مارس 2013 00:16
ويليام ديفيدسون أديس أبابا من بين برامج التواصل العديدة التي تديرها مؤسسة «هينريك بول» الألمانية هنا في إثيوبيا، أثار برنامج واحد بشكل خاص حفيظة وكالة إثيوبية رسمية جديدة أخذت تعرقل وتقيد الترويج لأفكار المجتمع المدني. وبرنامج المؤسسة «فن من أجل الحق في حياة جيدة» كان يروج لأفكار العيش الناجح والذكي والصحي، ويشير إلى مفاهيم مغايرة تتعلق بالمنزل والطعام واختيار السلع الاستهلاكية -كل ذلك من خلال فني النحت والفيديو. وبالنسبة لمراقب غربي، يبدو ذلك شيئاً مفيداً لا ضرر فيه. ولكن المسؤولين في «وكالة المنظمات والجمعيات الخيرية» انزعجوا كثيراً عندما رأوا كلمة «حقوق» ضمن عنوان البرنامج. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول «باتريك برج»، مدير فرع المؤسسة السابق في إثيوبيا، الذي عاد إلى ألمانيا للتو بعد أن اقتنع بأن الوكالة وتطبيقها المبالغ فيه لقانون تقييدي جديد يجعل عملا حقيقياً للمنظمات الأجنبية مستحيلا في إثيوبيا: «لقد سألونا: لماذا هذه الكلمة موجودة في النص؟». وعلى مدى سنوات، شملت أنشطة مؤسسة «هينريك بول» تدريب البرلمانيين الإقليميين، وإدارة منتدى لمناقشة مواضيع النوع، وتنظيم اتحاد أفريقي نموذجي للطلبة. ولكن ليس أكثر من ذلك. والقانون الجديد، الذي تم تبنيه قبل سنوات ولكنه لم يدخل حيز التنفيذ إلا مؤخراً، يحظر على الجمعيات الخيرية التي تتلقى أكثر من 10 في المئة من تمويلها من الخارج الانخراط في الترويج لمجموعة متنوعة من أفكار حقوق الإنسان، مثل حقوق الأطفال وحقوق المعاقين، من أجل تعليم ديمقراطي، ومن أجل أشياء أساسية أخرى بالنسبة للمجتمع المدني. ويقول «برج» عن القانون الذي يحمل اسم «إعلان المنظمات والجمعيات الخيرية»: «في البداية أُجبرنا على التخلي عن الأنشطة التي لها علاقة بالحقوق، واليوم أصبح حتى الفن مشبوهاً». وبموجب القانون الجديد، أخذت الجمعيات الأجنبية والمنظمات غير الحكومية في إثيوبيا تخضع جميعها حالياً لعملية تدقيق سنوية لحساباتها من أجل التخلص من الأموال والأفكار التي تخرق القانون. ويعد القانون المثير للجدل تركة من تركات عهد رئيس الوزراء الراحل ميليس زيناوي الذي أراد كبح المنظمات الأجنبية التي تروج لقيمها الخاصة في مناطق حساسة من البلاد. وكان ذلك الزعيم الإثيوبي، الذي بقي في السلطة لـ21 سنة وتوفي في أغسطس الماضي، يقول إن المجتمعات الغربية تطورت بدون تدخل خارجي، وكذلك ينبغي أن يكون الحال بالنسبة لإثيوبيا. ولكن المنتقدين، إن كانوا يشيدون برغبة إثيوبيا في الاستقلالية، فإنهم يقولون إن ذلك القانون يُستعمل في الواقع كمطرقة سياسية من أجل إحباط وسحق أي معارضة. وفي هذا السياق، جادلت منظمة العفو الدولية في عام 2009 بأن القانون يعادي حرية التعبير والاجتماع ويؤذي المجتمع المدني الفتي في إثيوبيا. كما تقول بعض المنظمات غير الحكومية والمانحون إن حماس الوكالة الجديدة ومبالغتها يهددان بإبعاد وطرد المساعدات التي تفيد البلاد، ولاسيما، الأشخاص الذين يوجدون في وضع هش وضعيف. والجدير بالذكر في هذا الإطار أن نحو ثلث سكان إثيوبيا البالغ عددهم 90 مليون نسمة يعيشون بأقل من 1,25 دولا في اليوم، وهو ما يجعل منها واحداً من أفقر البلدان في العالم وواحداً من أوائل المستفيدين من المساعدات الخارجية. فقد تلقت 3,6 مليار دولار في عام 2011 من المانحين، وهو ما يعادل أكثر من 11 في المئة من الدخل الوطني، وفق منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وجزء من الشكاوى ضد القيود الرسمية الجديدة يتمثل في أن هذه الأخيرة تُفرض سواء رغبت في ذلك المنظمات أم لم ترغب، وفي أنها مربكة ومحيرة.ذلك أن العديد من المنظمات غير الحكومية تستعمل كلمة «حقوق» كمرتكز لقيم المجتمع المدني، مثل الحق في التعليم أو في الماء الصالح للشرب. غير أن مديراً في إحدى المنظمات غير الحكومية طلب عدم الكشف عن اسمه قال إن الوكالة الإثيوبية قالت لمنظمته ألا تروج لحقوق الفتيات والنساء في عدم الخضوع للختان أو في عدم إرغامهن على الزواج -ولكنها لفتت إلى أن الترويج لحقوق أخرى مقبول. ويقول هذا الأخير: «إن الجمعيات الخيرية مثل جمعيتنا موجودة هنا في إثيوبيا من أجل العمل والتعاون مع الحكومة للنهوض بمستوى معيشة الإثيوبيين»، مضيفاً «غير أن حالة عدم اليقين المحيطة بالقانون تتسبب في إضاعة وقت ثمين وتمنعنا من التركيز بشكل كامل على تطوير وإنجاز برامج جيدة». غير أن الحكومة البريطانية وُعدت هذا الشهر بتعهد كتابي بأن كل المنظمات العاملة على موضوع العنف ضد النساء ومواضيع مثل ختان الفتيات سيُسمح لها بالاستمرار. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©