الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المعارضة البورمية المسلحة... قلعة ساقطة

المعارضة البورمية المسلحة... قلعة ساقطة
28 يونيو 2009 00:20
حمل هجوم عسكري طيلة أربعة أسابيع في شرق بورما (ميانمار) متمردي مجموعة «الكارن» الإثنية على التراجع، وأرغم آلاف اللاجئين على الفرار عبر الحدود إلى تايلاند. وتُبرز هذه الحملة العسكرية تصميم النظام البورمي على إنهاء فلول المعارضة المسلحة قبل الانتخابات المقررة العام المقبل. وتوجد بورما منذ فترة تحت الأضواء الكاشفة للمجتمع الدولي، وذلك على خلفية معاملتها لزعيمة المعارضة أونج سان سو كيي، التي تخضع حالياً للمحاكمة بتهمة خرق شروط إقامتها الجبرية بعد أن استطاع أميركيٌ العبور سباحةً من أجل زيارتها ضداً على رغبتها. ومن المقرر أن تُستأنف المحاكمة في الثالث من يوليو المقبل. وعلاوة على ذلك، فإن بورما هي الزبون المفترض لشحنة الأسلحة القادمة على متن السفينة الكورية الشمالية التي تتعقبها البحرية الأميركية حالياً. وكانت وسائل الإعلام الرسمية في بورما قد أعلنت يوم الخميس أن السلطات لا علم لها بالسفينة. وكان المجلس العسكري الحاكم في بورما قد بدأ خلال الأشهر الأخيرة الضغط على منظمات متمردة كان قد وقّع معها من قبل اتفاقات لوقف إطلاق النار ووضع مقاتليها تحت القيادة العسكرية كحرس للحدود. فإذا كان من المتوقع أن تتنافس معظم هذه المنظمات في الانتخابات المقبلة، مما يظهر رغبتها في المشاركة في العملية، فإنها ترفض وضع أسلحتها بعد عقود من الكفاح مع جيش تهيمن عليه الأغلبية الإثنية البورمية. وفي هذا الإطار، ترفض أكبر منظمة وقعت اتفاق وقف إطلاق النار، وهي «جيش ولاية وا المتحد»، مقترحات النظام. وتتوفر هذه المنظمة على نحو 20 ألف مقاتل وتُتهم بالمشاركة في تهريب المخدرات في شمال بورما التي تعد الثانية بعد أفغانستان من حيث إنتاج الأفيون. وتعد «اتحاد الكارن الوطني» واحدة من من المنظمات التي وقعت اتفاقات وقف إطلاق النار مع النظام، وكان جناحها المسلح، «الجيش الوطني لتحرير الكارن»، يقاتل منذ ستة عقود بعد أن فشلت بريطانيا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوفاء بوعد الحكم الذاتي لشعب الكارن الذي يقدر عدده بنحو سبعة ملايين نسمة. وعادة ما تتكثف الهجمات العسكرية البورمية ضد المتمردين خلال الموسم الجاف. لكن، وفي تغيير تكتيكي، يأتي الهجوم الحالي في موسم الأمطار التي تبطئ تقدم القوات. ومنذ أوائل يونيو، أرغمت القوات البورمية، مدعومة بمليشيا منشقة من الكارن، «الجيشَ الوطني لتحرير الكارن» على التخلي عن عدد من قواعده بمحاذاة الحدود مع تايلاند، وهو ما أدى إلى عرقلة طرق التموين وأثار المخاوف من انهيار أكبر لدفاعاته، ما قد يتسبب في تدفق أكبر للاجئين؛ حيث عبر أكثر من 4500 قروي الحدود فراراً من القتال وخوفاً من التعرض للاستغلال من قبل الجنود، كما تقول زيبورا سين، أمين عام «اتحاد الكارن الوطني»؛ فلجأ أكثر من 1000 شخص إلى المعابد البوذية، في حين التجأ آخرون إلى أقارب أو مخيمات مؤقتة. وحالياً، يتحدث زعماء الكارن مع السلطات التايلاندية ووكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة حول ما ينبغي عمله؛ حيث يعيش أكثر من 140 ألف لاجئ، معظمهم من الكارن، في مخيمات بمحاذاة الحدود. وتقول سين: «إن عودة الناس إلى ديارهم ليست آمنة بعد؛ وبالتالي فإنهم سيرسَلون إلى هذه المخيمات». من جهة أخرى، يقول دبلوماسيون تايلنديون في المجالس الخاصة إن توقيت الهجوم مقصود ويأتي لمعاقبة تايلاند لأنها انتقدت محاكمة سو كيي. فمن خلال إثارة الاضطراب على الحدود، تسعى بورما إلى تحذير تايلاند، منافستها التاريخية، من مغبة التدخل في شؤونها السياسية. ومما يذكر في هذا الإطار أن رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، والتي تعد بورما أحد أعضائها وترأسها تايلاند حالياً، حذرت من أن المحاكمة تؤثر على «شرف ومصداقية» بورما. غير أن البيان الذي صدر باسم تايلاند أثار رد فعل غاضبا من قبل وسائل الإعلام الرسمية في بورما والتي ادعت أنه يمثل تدخلا من الجار التايلاندي في الشؤون الداخلية للبلاد. ومعلوم أن «آسيان» كانت تحرص في السابق على الامتناع عن اتخاذ مواقف صريحة مما يجري في البلدان الأعضاء فيها. ويقول بو هلا تينت، المتحدث باسم «الحكومة الائتلافية لاتحاد بورما الوطني»، وهي منظمة منفية، إن بورما «تبعث برسالة واضحة إلى تايلاند وبلدان أخرى من آسيان حتى تأخذها على محمل الجد. فالمحاكمة أهم بالنسبة لها من هزيمة اتحاد كارن الوطني». هذا ويقول دبلوماسيون غربيون إن تايلاند لا ترغب في أن يرخي المأزق السياسي في بورما بظلاله على قمة إقليمية تستضيفها الشهر المقبل، ومن المتوقع أن تشارك فيها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. وفي أبريل الماضي، تقرر إرجاء القمة في آخر لحظة بسبب الاضطرابات السياسية التي كانت تشهدها تايلاند. في هذه الأثناء، يبدو «الجيش الوطني لتحرير الكارن»، الذي يعاني من الاقتتال الداخلي، في وضع هش، فهو أقل تسليحاً وأقل عدداً. غير أن المؤيدين يقولون إن المقاتلين الذين نظموا أنفسهم في إطار وحدات عسكرية تقليدية، قد يعودون إلى حرب العصابات على اعتبار أن السيطرة على الأراضي ستصبح أمراً أكثر صعوبة. على أن الزعماء السياسيين يستطيعون أيضاً السعي وراء السلام، رغم أن ذلك قد يفتح مزيداً من التشققات والتصدعات في الحركة. ويقول مسؤول في الاستخبارات التايلاندية: «على المدى الطويل، لا نعرف كيف سيستطيع اتحاد الكارن الوطني الصمود والاستمرار. فطيلة العقد الماضي فقدوا معسكراتهم الواحد تلو الآخر». سايمون مونتليك -بانكوك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©