السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الباعة المتجولون ينفردون بطريقة خاصة في المناداة على الزبائن

الباعة المتجولون ينفردون بطريقة خاصة في المناداة على الزبائن
28 يونيو 2009 00:13
تنتشر في موريتانيا ظاهرة المهن الموسمية، حيث تتلون الأسواق والشوارع في كل موسم بباعة وعمال يعرضون بضائعهم وخدماتهم بشكل دوري حسب ارتفاع الطلب عليها، ولا يجد هؤلاء الباعة صعوبة في تغيير نشاطهم، فهم يجددون حيويتهم مع كل تغيير جديد على نشاطهم التجاري، حيث بائع الذرة المشوية قد يتحول بين ليلة وضحاها إلى بائع مثلجات، وبائع الفواكه الموسمية يتحول إلى بائع حلويات ومشروبات، كما يغير الكهربائي نشاطه من إصلاح المكيفات في فصل الصيف الى مختص في إصلاح أجهزة المطبخ الكهربائية في شهر رمضان، وإصلاح أجهزة التدفئة في الشتاء. وفي نواكشوط التي تعاني أسواقها من فوضى كبيرة تدفع بعض الباعة إلى الابتعاد عنها بحثاً عن مواقع استراتيجية في المدينة لعرض بضاعتهم، ينتشر محترفو المهن الموسمية في الساحات العامة وأمام المساجد والبنايات الحكومية وفي الأسواق، والغريب أنَّ هؤلاء الباعة والعمال يحتفظون بنفس المواقع وأماكن البيع لكنهم يغيرون نشاطهم بشكل موسمي مستغلين إقبال الناس على بضاعة أو احتياجهم الى خدمة معينة، ورغم ما يتعرضون له من مضايقات ومصادرة شبه يومية لبضائعهم وأنشطتهم غير الخاضعة للترخيص فإن إصرارهم على متابعة أنشطتهم التجارية يتفوق على هذه المضايقات. ومؤخراً دخل الطلبة مجال المهن الموسمية بقوة عند حلول إجازة الصيف، فهم يستغلون هذه الفترة للعمل والتجارة لتحقيق أحلامهم بدخول سوق العمل، وتحصيل أموال تعينهم على تحمل تكاليف الدراسة، ورغم أنَّ فصل الصيف يرتبط في ذاكرة الجميع بمشاريع السفر والاصطياف رفقة الأهل أو الأصدقاء لاكتشاف مناطق داخلية أو بلدان أخرى أو حضور المهرجانات والمواسم أو القيام بزيارات للأهل، إلا أن نسبة كبيرة من الشباب الموريتاني أصبحت تستغل فرصة الإجازة الصيفية لكسب المال، لاسيما بعد ارتفاع تكاليف المعيشة وعجز بعض الأسر عن تأمين متطلبات أبنائها. تعدد المواهب يقول محمد سعيد الداه (طالب في الثانوية العامة) إنه يعمل في الصيف وفي اجازة نصف السنة لمساعدة عائلته وتأمين احتياجاته من مصاريف وكتب الدراسة فهو يستغل الإقبال الكبير على خدمة أو بضاعة معينة لتحقيق هامش ربح كبير، ويضيف «نشأت في احدى القرى المعروفة بنشاطها الفلاحي، وساعدتني هذه النشأة في تعلم الكثير من الحرف، فبعد انتقال العائلة الى العاصمة نواكشوط بدأت في العمل في الإجازات في مهن وحرف كثيرة حيث أتاجر بالأغنام في موسم عيد الأضحى، وأعمل جزارا يوم العيد، وفي الصيف استغل خبرتي في الفلاحة للمتاجرة بالفواكه الموسمية، وفي أيام الدراسة استغل بعض الوقت للمضاربة في سوق الخضر». ويرى محمد أن عمله لا يؤثر على تحصيله العلمي ورغم أن ظروفه العائلية كانت السبب في خروجه للعمل لأنه اضطر لمساعدة أبيه في تغطية مصاريف العائلة إلا أنه سعيد بما حققه، ويعتبر أن تغيير نشاطه في كل موسم يساعده على عدم الشعور بالملل ويقول «سأستغل اجازة الصيف الحالية في تحصيل مبلغ كبير يساعدني على الالتحاق بالجامعة السنة المقبلة وهي بمدينة غير التي يقيم بها أهلي مما سيجعلني ملزما بالكثير من المصاريف كالسكن والتنقل، لذلك فضلت العمل على قضاء الإجازة في السفر والاستمتاع وحين يبدأ العام الدراسي أجد نفسي أمام مشكلة كبيرة». نشاطات متبدلة تستقطب المهن الموسمية الكثير من الشباب والفتيات يعملون كباعة ومشرفين في المتاجر والمطاعم، وحلاقين وحراس أمن ومندوبي مبيعات وصيادين وباعة للسمك ونادلين بالمطاعم وحاملين للحقائب، وحتى في الحدادة والنجارة والخياطة، وفي محطات الوقود ومواقف السيارات. ومن أهم فئات أصحاب المهن الموسمية الباعة الجوالين كباعة المأكولات السريعة والعصائر والفواكه حيث يتخصص هؤلاء بتحضير أكلات شعبية معروفة أو فطائر وحلويات، يبيعونها من على عرباتهم الجوالة، ويقول أحمد شياخ (بائع الذرة) «أغيّر نشاطي التجاري من موسم لآخر حيث إنني أبيع فاكهة البطيخ في عز موسمها ثم أبيع الذرة المشوية والمسلوقة في مثل هذا الموسم من كل عام، وفي الشتاء أبيع الحمص المسلوق وسندويشات الفول، وفي الصيف أحضر مثلجات وعصير برتقال، باختصار أغيّر نشاط عربتي حسب البضائع الدارجة كل موسم». وعن التجهيزات التي تحتاجها هذه التجارة يقول أحمد «عربتي تحتوي على كل شيء من أوان ومطبخ صغير ومواد أولية، كما أنني أقدم لزبائني كراسي صغيرة ليجلسوا عليها ويستمتعوا بالأكل وبمنظر حركة الشارع»، وأضاف «حمداً لله هذه العربة تعيل أسرة مكونة من ثمانية أفراد بينهم شخص مريض وأطفال في المدرسة». وعن أحلامه يقول أحمد «أتمنى أن أحصل على متجر في موقع استراتيجي بالمدينة، ولأنَّ هذا الحلم بعيد المنال حالياً، أتمنى من السلطات أن تخفف من مراقبتها على أنشطتنا فنحن لا نخرق القانون ولا نشغل الطريق ولا نلوث البيئة، حيث إنني وزملائي نختار مكاناً واسعا لا توجد فيه حركة سير، ونحرص على نظافته أكثر من رجال البلدية». تجارة مربحة الى جانب أحمد يوجد عمر (بائع فواكه) الذي يتفنن في تزيين عربته بالفواكه الطازجة مما يثير المارة ويدفعهم الى الاقتراب من العربة وشراء حاجياتهم منها، ويقول عمر «أبيع الفواكه بشتى أنواعها وأخصص جزءاً من عربتي لعرض الفواكه الموسمية كالصبارة والكرز والعنب». وعن مستوى دخله اليومي يقول «بيع الفواكه تجارة مربحة لاسيما إذا كانت فاكهة الصيف اللذيذة حيث يقبل الزبائن بكثرة على شرائها في موسمها، ويخضع الربح اليومي لتقلبات السوق». ويدافع عمر بشدة عن الباعة الجوالين، وينتقد الاتهامات الموجهة لهم بأنهم يشكلون خطراً على صحة المواطن، على اعتبار أن المواد الغذائية التي يتم بيعها في الطرقات وعلى الأرصفة تكون فاسدة، ويقول «هذه اتهامات باطلة فأغلب الباعة الجوالين يتحركون في مناطق معروفة ومن السهل الوصول اليهم إذا حدثت أي مشكلة، ثم إننا نسجنا علاقات طيبة مع الزبائن الذين يتجاوزون المحال ويبحثون عن عرباتنا، كما أنه ليس من مصلحتنا أن نبيع بضائع فاسدة، لأنَّ التجارة تقوم أساس على الأمانة والسمعة الحسنة، فهل من الضروري أن نرفع سعر بضائعنا حتى يصدق الجميع أننا نبيع بضائع ذات جودة عالية»
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©