الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

شيخ الأزهر يدعو إلى إحياء مفهوم السلام العادل وتبني قاعدة التعارف بين الشعوب

شيخ الأزهر يدعو إلى إحياء مفهوم السلام العادل وتبني قاعدة التعارف بين الشعوب
10 مارس 2014 16:48
أحمد عبدالعزيز (أبوظبي) - تقدم فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بخالص الشكر والتقدير والعرفان لدولة الإمارات العربية المتحدة على فطنتها لخطر موضوع السلم والأمن الاجتماعيين وحاجة العالم الآن إلى إحياء مفهوم السلام العادل الذي غاب فترة تزيد على نصف قرن. واستذكر فضيلته حكيم العرب وفارس العروبة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بطيب الثناء وخالص الدعاء أن يتغمده بواسع فضله وكرمه في أعلى عليين مع النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين. وتوجه فضيلته بخالص الدعاء لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، أن يديم الله عليه كامل الصحة والعافية وطول العمر وأن يحفظ الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية وإخوانه الكرام. وقال الإمام الأكبر فضيلة الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر: «إن الحديث عن السلام حديث متشعب النواحي والاتجاهات ولا يمكن أن تستقصى جوانبه في جلسة محدودة المساحة والزمن ولا تزال التساؤلات حول السلام ومعاناة ومعرفة العقول البشرية، مفتوحة بل وأصبح للسلام علم خاص به يبحث فيه عن السلام والحروب وأسبابها وارتباطها بالعلوم الاجتماعية والدراسات الاستراتيجية والعلوم العسكرية وعلوم الأخلاق وغيرها وتناول فلاسفة التاريخ علاقة السلام بالإنسان ومنهم من يذهب إلى أن التاريخ البشري إنما هو تاريخ بحيرات دموية، ومنهم من يذهب إلى أن السلام هو القاعدة في حياة البشر، وأن الحرب أو العنف هو الاستثناء وينبئنا التاريخ أن الإنسانية لم تنعم دهرا طويلا بالعيش في ظل سلام كامل ودائم حتى إن بعض الكتاب الأمريكيين يسجل أن البشرية عبر تاريخها المكتوب والذي يبلغ قرابة 3500 سنة فإن 268 سنة فقط سادها السلام أما باقي السنوات فكانت مشغولة بالحروب، ومن هنا استشهد جورج ويل الكاتب الأمريكي المعروف بأن السلام عاجز أن يحمي نفسه، وبالتالي فلابد من وجود جيش يحميه. وأضاف أنه يؤكد هذا الكلام أن الحضارات الكبرى المعاصرة الآن لا تجد بأسا إذا أعوزتها أسباب الفتن والحروب أن تخترع لها عدوا تدير عليه رحى الحرب وتنقل له بؤر التوتر والعدوان والقتال بعيدا عن أراضيها وهذا السلوك تتخذه بعض الكيانات السياسية المعاصرة ولا شك هو دعوة سافرة لوأد السلم وتشجيع للعدوان العالمي وخروج على كل الأطر الأخلاقية التي تجعل من السلام أبسط حق من حقوق البشر والمجتمع الإنساني. نظرية المؤامرة وتابع قائلاً: «إنني لا أعول على ما يدور في الشرق الأوسط على نظرية المؤامرة التي تجعل من التآمر الغربي باعثا رئيسا لمشكلاتنا في الأمن والاقتصاد والصحة والتعليم لكن المسرح الذي تتابع عليه هذه الأحداث البشعة هو مسرح عبثي وفوضوي تشير بكل قوة إلى هذه الأيادي السوداء التي تمسك بكل قوة اللعبة الماكرة وتحركها من وراء ستار». وأضاف أنه وعلى مدار نصف قرن أو يزيد تفرض هذا الفرض وكيف نفهم أن قارة أفريقيا الغنية بثرواتها المعدنية من ذهب وغيره والزراعية كيف أن تبقى قارة متخلفة لا تستطيع أن تلحق بركب التقدم والتطور وكيف باتت دول العالم الثالث بما تملكه من موارد طبيعية وطاقات بشرية في ذيل قافلة التطور العلمي والتكنولوجي. وأشار إلى أن القائمين على مؤسسات الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي حددوا فيه بكل وضوح في المادة الأولى حفظ السلم والأمن الدوليين ومبدأ المساواة بين الدول الأعضاء، وتحريم استخدام القوة أو مجرد التهديد بها في العلاقات الدولية، والامتناع التام عن التدخل بالشؤون الداخلية للدول وأنهم كانوا غير جادين فيما يقولون وفيما يضعون من مواثيق زعموا أنها من أجل سلام الإنسان وتقدمه ومن أجل الحفاظ على حقوق الدول ولا يتفاضل فيها الإنسان الغربي على الإنسان الشرقي، ولا غرابة في أن نرى الأمم المتحدة غير قادرة على منع العدوان بين الدول وفرض الاستقرار والسلم في ربوع الأمم والشعوب فإن القوى الكبرى في العالم لازالت تمنح السلام وتمنعه عنها حسب أهوائها وحسب مصالحها الشخصية وحسب نظام الهيمنة، وحسب منهج الظلم الذي تبرره القاعدة اللا أخلاقية عندهم وهي «الغاية تبرر الوسيلة». مؤسسات تدعم السلم وقال فضيلته في كلمته أمام المنتدى العالمي «تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة».. إنه آن الآوان لهذا المنتدى الذي يجمع نخبة متميزة من أهل العلم والحكمة والثقافة والرأي أن يخطو خطوات واسعة وواثقة نحو إحياء مفهوم السلام العادل والمنتدى العالمي «تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة».. والسعي من أجل بناء مؤسسات دولية فعالة تستبعد الحروب وتتجنبها وتتخطاها لايجاد بدائل سياسية ودبلوماسية وحوارية لحل النزاعات الدولية وفي مقدمتها النزاع في منطقتنا العربية والتوترات الكريهة التي أسفرت عن وجهها القبيح في بعض بلدان المنطقة ووجدت للأسف من ينفخ فيها من بني جلدتنا وممن يتكلم بلساننا». ودعا فضيلته المنتدى إلى تبنى قاعدة التعارف التي وردت في قوله تعالى «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله إتقاكم إن الله عليم خبير» - الحجرات 13-. وقال فضيلته «أفلا يكون من حقنا نحن حماة الحق والعدل والسلام أن نبشر بنظرية التعارف كأساس ثابت لا يتزحزح للعلاقات الدولية في عالمنا المعاصر». وتابع: «هنا تستوقفني مقارنة بين الميثاق الذي أقره النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع وقرر فيه حقوق السلم والعدل والمساواة بين الناس، وبين ميثاق الأمم المتحدة في هذا المجال، إلا أن الميثاق النبوي حقق أهدافه كاملة غير منقوصة في نشر السلام العالمي كما أخفق إعلان الأمم المتحدة في إنشاء مظلة تنصف المظلمومين من المتربصين بهم من خارج هذه المنظمة أو حتى من بين أعضائها أنفسهم والسبب عندي في هذه المفارقة أن النبي صلوات الله وسلامه عليه كان صادقاً في دعواه وفي نشر السلم وتحقيق العدل والمساواة بين الناس، ولم يكن يعمل من أجل الإنسان العربي أو المسلم فقط دون غيرهما من سائر الناس، بينما كان يكرر في خطابه هذا نداءه للناس جميعا ويصدره بين الحين والآخر بعبارة أيها الناس». وطالب فضيلته المنتدى بعلمائه وحكمائه بأن ينشط اليوم وليس غدا لتعزيز السلم في المجتمعات العربية والإسلامية، وأن يتوسل لذلك بفتح قنوات اتصال مباشر بين العلماء والحكماء وبين صناع القرار من السياسيين في الشرق والغرب، وأن يدعو إلى ترسيخ قيم السلام والأمان والإخوة والمحبة عبر برامج الحوار وبرامج تعليمية لتربية النشء والأطفال على اختيار الممارسات السلمية في الحياة اليومية. ودعا فضيلته المنتدى إلى التحرك فورا من أجل دعوة عامة لعلماء المسلمين للجلوس بقلوب صادقة ومخلصة لا تشوبها شوائب المصالح والأغراض والانتماءات الصغيرة التي كانت ولا تزال سبباً في تأخر أمتنا العربية والإسلامية.. وقال «ما لم يتفق العلماء على إقامة السلام العادل بينهم أولا فلا أمل في أن يسوسوا الناس بقيم الحق والخير والجمال».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©