الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإخاء الإنساني مبدأ إسلامي أصيل

الإخاء الإنساني مبدأ إسلامي أصيل
15 ابريل 2010 20:56
يقول الحق سبحانه {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات 13). ويقف النبي - صلى الله عليه وسلم - موجهاً أصحابه في حجة الوداع، فلا ينسيه هذا الموقف أن يرسي دعائم الإخاء الإنساني بين البشرية جمعاء، فيقول فيما وعظ به أصحابه “يا أيها الناس كلكم لآدم، وآدم من تراب، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح” بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوضح في أقواله المطهرة أن ما أرساه من دعائم الأخوة الإنسانية، وأوصى به أتباعه من الأمور التي يُسأل عنها المؤمن يوم القيامة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إذا كان يوم القيامة أمر الله منادياً ينادي: ألا إني جعلت نسباً، وجعلتم نسباً، فجعلت أكرمكم أتقاكم، فأبيتم إلا أن تقولوا: فلان ابن فلان، فاليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم”. وبالتأمل في هذه النصوص الإلهية والتوجيهات النبوية نجد أن الإسلام يؤكد على أنه لا مبرر في حكم العقل والمنطق أن يعيش الناس في هذه الحياة مختلفين متناحرين تحكمهم الأهواء وتزلزلهم العصبية. إذ إن الأحكام الصادقة والعقول المنصفة تحتم أن يعيش الناس منتمين إلى أسرة إنسانية واحدة يسودها التكافل وتحفها المحبة والتراحم، ولا غرابة في ذلك إذ بينت النصوص المقدسة السابقة أن الخلق في أنسابهم وأجناسهم ينتمون إلى أب واحد، وأم واحدة: فالناس من جهة التمثيل أكفاء الأب آدم، والأم حواء فإن يكن لهم في أصلهم نس ب فالطين والماء وبالنظر إلى هذه الوحدة في الأصل والجنس فإن من الواجب أن يتشابك الناس في علاقات إنسانية، وصلات موثقة، إذ التعارف لا التنافر، والتناحر هو أساس العلاقة بين الخلق أجمعين كما بين ذلك رب العالمين، ومن الواقعية بمكان أن نعى أنه قد تطرأ عوائق تحول بين الناس وبين هذا التعارف والتواد والتراحم، وقد يثور النزاع ويحتدم الصدام بين الناس متدافعين على موارد الحياة، ومختلفين في فهم الحق وتحديد ماهيته ومداه. إلا أن هذا التدافع والصدام ينبغى ألا ينسي الإنسان الحكمة الإلهية التي من أجلها خلق، حيث بينها الحق سبحانه وتعالى بقوله {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} هود:61. أي طلب منكم عمارة الكون والحياة، ومن ثم فإن كل جهد يوطد التعارف الإنساني والإخاء بين البشر، تجد الإسلام يأخذ بناصيته، ومن ثم يجب على المسلم أن يسعى إلى دعمه وتأكيده، وهذا الفهم للإخاء الإنساني معناه أن الإسلام ليس رابطة تجمع بين عدد من الناس قلوا أو كثروا فحسب، ولكنه يرتقي فوق ذلك كله، فالإسلام في نهجه جملة من الحقائق التي تقر المعاملات الصحيحة بين الناس وربهم عز وجل، بل وبين الناس أجمعين شعاره في ذلك (أينما تكون المصلحة فثم شرع الله) ومن ثم فالإخاء الإنساني مبدأ إسلامي أصيل دلت عليه آيات القرآن الكريم، يقول سبحانه {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} النساء :1 . فالأرحام في الآية الكريمة تشمل في معناها الرحم الإنسانية العامة، لتتوافق بذلك مع بداية الخطاب في الآية {يَا أَيُّهَا النَّاسُ}. ومع ذكر النفس الواحدة التي خلق الحق سبحانه وتعالى منها عموم الخلق، وجميع الناس، ويستشعر النبي صلى الله عليه وسلم ما ورد في الآية الكريمة فيؤكد على مبدأ الإخاء الإنساني في دعائه عقب كل صلاة خمس مرات في اليوم والليلة فيقول في دعائه “اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه أنا شهيد أنك الله وحدك لا شريك لك... اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة” وهكذا قرن النبي -صلى الله عليه وسلم - بين الإخاء الإنساني، وبين الشهادة للحق سبحانه بالانفراد بالتوحيد والعبادة ليدلل بذلك على أهمية هذا المبدأ وحيويته في حياة الناس. د. محمد عبدالرحيم البيومي أستاذ بكلية الشريعة والقانون -جامعة الإمارات
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©