الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هجمات «الدرونز».. نتائج استراتيجية محققة

21 مايو 2016 23:03
منذ عام 2001 تستخدم الولايات المتحدة الطائرات من دون طيار «الدرونز» ضد المقاتلين الإسلاميين في أفغانستان والعراق وسوريا والصومال واليمن وباكستان. ويعتقد مسؤولو إدارة أوباما أن استخدام الدرونز يمثل وسيلة فعالة، لأنها تحرم الإرهابيين من الملاذات التي يحتمون بها، وتقلص من قدرتهم على التخطيط للهجمات. ومع ذلك نجد أن منظمات حقوق الإنسان، بل وبعض القادة العسكريين الأميركيين السابقين، يرون أن هجمات الدرونز تؤدي، عن غير قصد، إلى مفاقمة الإرهاب، من خلال تسببها في «ردود فعل سلبية». والمنطق الذي يستند إليه هؤلاء بسيط: وهو أن الدرونز تقتل من المدنيين الأبرياء أكثر مما تقتل من الإرهابيين، مما يدفع أفراداً من عائلات الضحايا للتطرف والالتحاق بالجماعات الإرهابية للانتقام من الولايات المتحدة. وقد كتب خبير مقاومة الإرهاب الأميركي البارز «ديفيد كيلكولين»، وزميله الذي شاركه في تأليف كتاب عن الموضوع، يقولان: إن كل واحد من هؤلاء المدنيين غير المقاتلين، يمثل عائلة تكره الولايات المتحدة، وترغب في الثأر منها، ما يعني المزيد من المجندين للحركات المسلحة التي نمت كثيراً رغم زيادة عدد ضربات الدرونز». واستطلاعات الرأي مثل تلك التي أجراها مركز بيو للأبحاث منذ عام 2009، تظهر غضباً باكستانياً واسع النطاق تجاه هجمات الدرونز. فآخر استطلاع أجراه المركز عن هذه المسألة عام 2014 أظهر أن 67? من المشاركين يعارضون هجمات تلك الطائرات لأنها «تؤدي لقتل الكثير من الأبرياء»، لكن بيانات «بيو» عن الهجمات مضللة لحد كبير لأنها تختار عيناتها من المناطق الحضرية وليس من المناطق المتأثرة مباشرة بهجمات الدرونز، لأن السلطات العسكرية الباكستانية أو المقاتلين يحرمون أي اقتراب من مناطق القتال. ومع ذلك، تم إجراء استطلاع عام 2011 بواسطة منظمة غير حكومية فيما يعرف بـ«مناطق القبائل المدارة فيدرالياً» أظهر أن 63? من المستجيبين يعتقدون أن هجمات الدروز «ليست مبررة على الإطلاق»، لكن عندما جرى «تفكيك» تلك البيانات المجمعة، تبين أن الدعم لتلك الهجمات قد وصل لأعلى مستوى في منطقة «وزير ستان» التي نفذت فيها وكالة «سي آي إيه» معظم هجمات الدرونز المدمِرة. لإجراء تقييم للإدراكات المحلية المتعلقة بهجمات الدرونز، أجريت 147 مقابلة مع بالغين من سكان شمال وزير ستان في شتاء 2015، شملت شيوخ قبائل، ومخبرين صحفيين، ومحامين، ورجال أعمال، ونشطاء حقوق إنسان، ومدرسين وطلبة جامعيين، وأعضاء في الفروع المحلية لسبع أحزاب سياسية باكستانية. وعموماً فإن البيانات المتحصل عليها من تلك المقابلات لم تؤيد فرضية «رود الفعل السلبية» لاستخدام الدرونز، بل تعارضت تلك البيانات مع فرضية أن الهجمات تؤدي إلى تطرف السكان المحليين. ليس هذا فحسب، بل إن 79? من المشاركين في المقابلات أيدوا استخدام تلك الوسيلة، وهو ما مثل تناقضاً حاداً مع ادعاءات مصرع أعداد كبيرة من المدنيين جراء هجماتها، وكما أشارت مجموعة الأزمات و«وكريستين فير» من جامعة جورج تاون، فإن الكثير من سكان تلك المناطق يقولون إنهم يفضلون ضربات الدرونز لاستهداف المقاتلين المسلحين، على الهجمات البرية والجوية للجيش الباكستاني، التي تسبب دماراً لحياة المدنيين وممتلكاتهم. ليس هذا فحسب، بل إن الأعضاء المحليين لـ«الجماعة الإسلامية» و«حركة العدالة» المعارضين بشدة لهجمات الدرونز، قد اختلفوا مع مزاعم قياداتهم الوطنية عن الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين الأبرياء، جراء هجمات الطائرات بدون طيار، حيث اعتبر ثلثا المشاركين في المقابلات، أن معظم المدنيين غير المقاتلين الذين يلقون مصرعهم بسب تلك الهجمات هم من المتعاطفين مع المقاتلين أو المتعاونين معهم، وأعرب معظم المستجوبين عن اعتقادهم بأن هجمات الدرونز قد «كسرت ظهر حركة طالبان» التي كانت قد أقامت حكماً نشر الرعب في وزيرستان، وهو ما يتعارض مع المزاعم السائدة بأن هجمات الدرونز تحقق فحسب مكاسب تكتيكية من خلال قتلها لقادة قابلين للاستبدال. ليس هناك شك في أن حرب الدرونز في مناطق القبائل لها مشكلات عديدة، لكن -وكما تبين البيانات المتحصل عليها من خلال عدد كبير من المقابلات التي أجريتها- فإن رد الفعل السلبي لتلك الهجمات ليس أحد تلك المشكلات، بل الحقيقة أن نتائج تلك المقابلات تدل على أن العكس تماماً هو الصحيح. *أستاذ كرسي لسياسات جنوب آسيا في كلية الدراسات الدولية بجامعة أوكلاهوما ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©