الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حلول

حلول
4 مارس 2011 21:16
(1) على ذمة الساخر عزيز نيسين ، فإن سكان دولة ما تعرضوا لوباء ما ، فصار قسم من أبناء تلك الدولة يتضخمون باستمرار وقسم آخر يتضاءلون باستمرار. وكان عدد المتضخمين أقل بكثير من عدد المتضائلين، لكن المتضخمين والمتضائلين معا لم يكونوا يشعرون بالتغيرات التي تطرأ على أجسادهم. صار أولاد المتضائلين يولدون صغاراً ، وأولاد المتضخمين يولدون كباراً ، ولم يشعر الأولاد من الجهتين بأن هناك شيئاً غريباً، فقد ولدوا هكذا واعتبروا أن الأمور طبيعية تماما. أما الصغار فقد ظلوا يتضاءلون حتى لم يعودوا يرون بالعين، وصاروا يدخلون ويخرجون دون أن يشعر بهم أحد، لكنهم اعتبروا الأمر طبيعيا. أما المتضخمون فقد كبروا حتى لم تعد بيوتهم تتسع لهم والشوارع تضيق بهم ، فصاروا يشتغلون ويشتغلون حتى يتكيفوا مع واقعهم الجديد ، فأنشأوا بيوتا أكبر وأسرة اطول وأضخم، وشوارع اكثر اتساعا.... وخلافه. الى أن جاء يوم بدأ المتضخمون ينحلون ويهزلون ويقصرون بشكل سريع، فصاروا يصرخون في الشوارع ويولولون. ثم اجتمعوا ليجدوا طريقا للخلاص، فنصحهم الأطباء بتناول أدوية السمنة والمشهيات ، لكنهم ازدادوا نحولا يوما بعد يوم وصارت أمنياتهم أن يتوقف هزالهم فقط، لا أن يعودوا كما كانوا. اخيرا قرروا استقدام خبير سمنة من الخارج. جاء الرجل وطمأنهم بأن هذا النحول حصل في أكثر من دولة في العالم ، وأنه عالجه بنجاح..و قال بأنه سيقيم بينهم شهراً كاملاً وأن عليهم أن يراقبوه ويفعلوا كما يفعل فيتوقف هزالهم، ثم وزن نفسه وقاس طوله ، حتى يتأكدوا عند مغادرته. عند نهاية الشهر اجتمعوا عند الميناء لوداعه ..فقام بوزن نفسه وقاس طوله أمامهم، وكان ذات وزنه وطوله عندما وصل اليهم . المشكلة انهم راقبوا الخبير تماماً ، لكنه لم يكن يفعل شيئاً ، كان يـأكل وينام فقط. قال لهم الخبير وهو على الباخرة: -افعلوا كما فعلت تماماً ..أهه؟ لم يعرفوا ما فعل . وكان الخبير قد قام مبكراً صباح هذا اليوم، فتثاءب أمامهم من النعاس حتى بانت لهاية حلقه. فقال الناس فورا وبسرور: - لقد فهمنا ..علينا أن نتثاءب ونتمطى مثلك ! لم يسمعهم الخبير وغادر مع السفينة فشرع الناس يتثاءبون ويتثاءبون طوال الوقت...وبعد أسابيع وزنوا أنفسهم وقاسوا أطوالهم، فاكتشفوا فعلا أن أوزانهم وأطوالهم ثابتة تماماً. (2) في أكثر من صف دراسي قبل الثانوية كان يجبروننا على حفظ قصيدة أبي تمام في مدح المعتصم بعد تخليص فتاة (وامعتصماه) من عمورية، وهي القصيدة التي تبدأ بـ: السيف أصدق إنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب وقد جاء في القصيدة بيت ينتقد المتنبئين والمنجمين الذين نصحوا المعتصم بأن يؤخر حملتة على عمورية حتى الخريف، حين ينضج التين والعنب ،لكنه لم يأبه بهم : نتحدث هنا عن هذه الثورة الشعبية العارمة التي تجتاج العالم العربي ، حيث كانت جميع الظروف مهيأة للثورات وللتغيير .المنجمون العتاولة والمنجمات ذوات البراطم المنفوخة بالبوتيكس، لم يتنبأ أي منهم بنصف ولا بربع ما حصل، وهذه ليست مشكلة كبيرة...لكن المشكلة أن الأيدولوجيات والعقائد وجميع الأحزاب المتصارعة لم تتنبأ أي منها بما حصل . يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©