الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جازبروم وميدفيديف··· خط رفيع بين الدولة وقطاع الأعمال

جازبروم وميدفيديف··· خط رفيع بين الدولة وقطاع الأعمال
14 مايو 2008 01:30
في ليلة باردة من ليالي فبراير الماضي، كان مسرح قصر الكريملن أدفأ وأكثر مكان جاذبيةً في موسكو· لم يكن مصدر الجاذبية هو المغنية ''تينا تُرنر'' أو فرقة ''ديب بُربل''، وإنما ''جازبروم''، التي تعد أقوى وأكبر شركة روسية، والتي كانت تحتفل بعيد ميلادها الخامس عشر· والأكيد أنه كانت لشركة ''جازبروم'' أسباب وجيهة وقوية للاحتفال: فرئيسها ديمتري ميدفيديف كان متقدماً في الحملة الانتخابية باعتباره الشخص الذي انتقاه فلاديمير بوتين· ورغم أن ''جازبروم'' قدمت مبلغاً مالياً كبيراً لـ''ترنر'' و''ديب بربل''، الذي يعد الفريق الموسيقي المفضل لدى ميدفيديف، فإن المناسبة كانت بالنسبة للشركة، التي تعد أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، لا تقدر بثمن -أن يصبح رجلُها الزعيمَ المقبل لروسيا· ويوم الأربعاء الماضي تم تنصيب ميدفيديف رئيساً لروسياً بعد أن فاز في الانتخابات في مارس المنصرم، غير أن صعوده يؤكد أن الخط الذي يفصل بين مؤسسات الأعمال والدولة في روسيا اليوم أصبح رفيعاً إلى درجة أنه بات منعدماً تقريباً· والواقع أنه لطالما كانت العلاقة بين ''جازبروم'' والحكومة وثيقةً ومتينة، إلا أن الباب الدوار يدور بسرعة خاصة هذا العام: حيث عوض ''ميدفيديف''، البالغ 42 عاماً، بوتين في الرئاسة، وأصبح بوتين رئيساً للوزراء مكان ''فيكتور زوبكوف''، في ما يتوقع أن يحل ''زوبكوف'' محل ميدفيديف في رئاسة ''جازبروم'' خلال اجتماع عام لحملة الأسهم في يونيو المقبل· وفي هذا السياق، يقول ''جوناثان ستُرن''، محلل شؤون الطاقة البريطاني ومؤلف كتاب ''مستقبل الغاز الروسي وجازبروم''، إن ميدفيديف وبوتين ''أقرب من تشكيل فريق أحلام كانت ''جازبروم'' تتمنى حدوثه''· من الصعب الحديث عن دور ''جازبروم'' في الاقتصاد الروسي، فهي شركة عملاقة تتمدد في كل الاتجاهات، وتوظف 432000 شخص، جمعت العام الماضي 91 مليار دولار، وتدفع ضرائب تعادل 20 في المئة من الميزانية الروسية، وتمتلك شركات تابعة في قطاعات متنوعة ومختلفة مثل الزراعة والطيران· وإلى ذلك، تعد الشركة مزوداً رئيسياً لأوروبا بالغاز الطبيعي، كما أنها بصدد أن تصبح مَصدراً مهماً للغاز بالنسبة للأسواق الآسيوية سريعة النمو مثل الصين وكوريا الجنوبية· وفي 2005 اشترت، بإيعاز من الكريملن، خامس أكبر شركة نفطية روسية من رجل الأعمال الثري ''رومان أبراموفيتش''· وفي حال احتساب النفط والغاز الطبيعي معا، فيمكن القول إن إنتاج ''جازبروم'' اليومي من الطاقة أكبر من إنتاج السعودية· ومع ارتفاع أسعار الطاقة ووصولها إلى مستويات قياسية، تتمتع ''جازبروم'' بنفوذ أكبر من أي وقت مضى، داخلياً وخارجياً· وتقول ''جازبروم'' إنها تتوقع أن تتجاوز ''إيكسون موبيل'' كأكبر شركة أسهمها مطروحة للتداول في العالم قبل 2014 - وهو هدف دعمه ميدفيديف نفسُه قبل أن يصبح رئيساً· عندما كان بوتين ما يزال رئيساً للبلاد، استعمل ثروة ''جازبروم'' وقوتها الاقتصادية لمحاربة الخصوم السياسيين داخل روسيا، وإعادة فرض وتأكيد النفوذ على الجمهوريات السوفييتية السابقة، وكسب التأثير على بلدان أوروبا الغربية عبر زيادة اعتمادها على الغاز الروسي· واليوم وفي وقت تسعى فيه روسيا إلى استرجاع القوة الجيوسياسية التي كانت تتمتع بها في العهد السوفييتي، فإنها تستعمل مواردها الطاقية الكبيرة، وليس الأسلحة، لإعادة فرض نفسها· وفي كثير من الأحيان، تعد ''جازبروم'' وسيلتها الأقوى والأنجع في ذلك· في مؤتمر صحافي العام الماضي، نفى بوتين استعمال روسيا لقوتها الاقتصادية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية، غير أن آخرين يختلفون معه، ومنهم فلاديمير ميلوف، رئيس ''معهد سياسة الطاقة''، وهو منظمة بحوث مستقلة في موسكو، ونائب سابق لوزير الطاقة، والذي يقول:''لا ينبغي أن تُستعمل الطاقة كوسيلة للسياسة، ولكنها كذلك''، مضيفاً أن ''جازبروم'' استُعملت في مرات عديدة ''وسيلةً لعقاب البلدان المجاورة''· في حقل ''يوزنو-راسكوي'' في سيبيريا لوحده تشير التقديرات إلى أنه يحوي احتياطات تبلغ 800 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، أو ما يكفي لسد احتياجات الولايات المتحدة من الغاز لأكثر من عام، والواقع أنه ليس سوى الأول من بين نحو ستة مشاريع تطوير كبرى يجري التخطيط لها في الشمال· ولهذا الغرض، تخطط ''جازبروم'' لمضاعفة حجم الاستثمارات في نشاطها الرئيسي- التنقيب عن الغاز واستخراجه ونقله- بثلاث مرات على مدى العامين المقبلين، وذلك للحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية، حيث يتوقع أن ترتفع الاستثمارات من 14 مليار دولار العام الماضي إلى 45 مليار دولار في ·2010 وللمساعدة على تمويل التوسع إلى المنطقة القطبية، تبحث ''جازبروم'' سبل رفع أسعار الغاز الطبيعي في روسيا وفي سوق التصدير، حيث طرحت العام الماضي فكرةَ إنشاء منظمة للدول المصدرة للغاز الطبيعي، على غرار منظمة ''أوبك'' التي تجمع الدول المصدرة للنفط· أيدت إيران الفكرة، ولكن الجزائر وقطر وغيرهما لم تلتزما بشيء· وإذا كان من شأن مثل هذه المنظمة أن تسمح لروسيا بزيادة نفوذها في أسواق الطاقة العالمية، إلا أنه من غير الواضح حتى الآن حجم الوسائل التي ستسخرها للدفع بهذه الفكرة إلى الأمام· من جهة أخرى، بدأت علاقات ''جازبروم'' مع الحكومة تأتي ثمارها في السوق الداخلية منذ بعض الوقت، فوفق سياسة تزعمها ميدفيديف حين كان نائباً لرئيس الوزراء، يتوقع أن يبدأ المستهلكون الروس في دفع أسعار أعلى مقابل الغاز الطبيعي مستقبلاً، إذ من المرتقب أن ترتفع الأسعار بنحو 25 في المئة سنوياً بدءا من هذا العام، وذلك بهدف مواكبة أسعار الطاقة العالمية بحلول ·2011 بيد أن مثل هذه السياسات تعني أن المواطن الروسي العادي لن يستمر في التمتع بالطاقة الرخيصة تقليدياً، كما أنها تقدم مثالاً لرغبة واستعداد الحكومة لمنح ''جازبروم'' امتيازاً -بصرف النظر عن التداعيات الاجتماعية· بعد تنصيب ميدفيديف الأسبوع الماضي، تجاوزت قيمة ''جازبروم'' قيمة ''جنرال إليكتريك'' و''تشاينا موبايل''، ما يجعل من ''جازبروم'' ثالث أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية· وفي هذا السياق، يقول جيمس فينكنر، الشريك المفوض بالإدارة في ''ريد ستار مانجمَنت''، ''إذا استطاعوا القيام بذلك، فإن لهذه الشركة فرصةً حقيقية في أن تصبح أكبر شركة في العالم· والواقع أن ذاك اليوم ليس ببعيد''· آندرو كريمر - موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©