الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مرشد «الإخوان»... سبب الانقسام في مصر

مرشد «الإخوان»... سبب الانقسام في مصر
31 ديسمبر 2012 21:12
ستيفاني ماكرومان القاهرة خلال مظاهرات ليلية للمعارضة المصرية مؤخراً، كان المحتجون يرفعون شعارات وينددون بمسودة الدستور التي كان يدفع بها النظام، غير أن أقوى وأشرس الهتافات على الإطلاق هي تلك التي كانت موجهة لبيطري إسلامي يبلغ 69 عاماً، ويعتقد الكثيرون أنه يحكم مصر سراً. لقد كانوا يصيحون: «يسقط يسقط المرشد!». والإشارة هنا هي إلى محمد بديع، مرشد جماعة «الإخوان المسلمين»، وهو الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية التي باتت تشكل القوة السياسية الرئيسية في مصر ما بعد الثورة. وخلال قرابة العامين اللذين أعقبا الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس السلطوي السابق «مبارك»، تظاهر المصريون ضد ما اعتبروه سلسلة متوالية من التهديدات المحدقة بثورتهم. لكن، ومع تعزيز «الإخوان المسلمين» لسلطتهم على المدى الطويل، بانتخاب أحد أعضائهم رئيساً لمصر، واعتماد دستور جديد يفتح الباب أمام دولة إسلامية، قد يكون «بديع» أحد أبرز رموز الانقسام الذي بات يميز مصر مؤخراً. وبالنسبة لـ«لإخوان»، يمثل الرجل المعروف بـ«المرشد» مجرد زعيم روحي للأعضاء الذين باتوا يشعرون بأنهم أحرار أخيراً ليعبروا عن هويتهم الدينية المحافظة ويمارسوا السلطة الدينية، بعد أن كانت حركتهم التي ترفع شعار «الإسلام هو الحل»، محظورة على مدى عقود. وفي هذا الإطار، يقول عصام العريان، المسؤول في حزب «الإخوان» الذي سخر من الفكرة القائلة بأن «بديع» يقوم على نحو ما بتوجيه القرارات: «إن بديع رجل هادئ جداً، يحفظ القرآن عن ظهر قلب»، مضيفاً: «إذا رأيته في الشارع، فإنك لن تستطيع تمييزه عن بقية الناس». غير أنه بالنسبة للعديد من العلمانيين والمسيحيين والمسلمين المعتدلين، يمثل «بديع» رمزاً لطغيان إسلامي سياسي قادم، ورمزاً لأسوأ مخاوفهم ونظريات المؤامرة حول كيفية اشتغال «الإخوان المسلمين». لذلك، فمن الشائع جداً خلال احتجاجات الشارع رؤية صور بديع، الذي يرتدي عادة بذلة ونظارات ذات إطار معدني، يصور كرجل دين إيراني. كما يقدمه فيديو يلقى رواجاً واسعاً على موقع «يوتيوب» في دور مارلون براندو في فيلم «العراب» (الذي يحكي قصة عائلة مافيوية نيويوركية). وفي هذا الإطار، يقول رضوان بدوي، 59 عاماً، وهو واحد من بين المحتجين الذين تحدثوا خلال مظاهرة ليلية مؤخراً عما يعتقدون أنها مؤامرات يتزعمها بديع وتقضي بجلب ميليشيات من قطاع غزة أو إقامة خلافة إسلامية عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «إن المرشد هو الحاكم الحقيقي لمصر». لكن حقيقة تأثير بديع أكثر تعقيداً ومن الصعب معرفتها. وفي هذا الإطار، يرى بعض المحللين أن بديع شخصية غير كارزمية نسبياً، اختيرت لتقلد أعلى منصب في الجماعة عام 2010 لهذا السبب تحديداً: لأنه على مدى السنين، ميز نفسه بكونه غير قابل للتمييز عن أعضاء أقوى في الجماعة. وفي هذا السياق، يقول أشرف الشريف، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة: «إنه من السهل التحكم فيه؛ كما أنه من الناحية الأيديولوجية والفكرية، منسجم مع مجموعة الإرشاد»، في إشارة إلى الهيئة التي تضم 19 عضواً وتتولى تحديد السياسات وتمد الحكومة بمسؤولين أساسيين، مضيفاً: «لقد تقلد بديع هذا المنصب أولاً وقبل كل شيء لأنهم يعتقدون أنه واحد منهم». «بديع»، الذي ولد في بني سويف جنوب القاهرة، تزوج بابنة عضو من الجيل الأول في «الإخوان المسلمين». وهو «رجل صبور» يستشهد بآيات من القرآن «حتى عندما يتحدث عن كرة القدم»، حسب الموقع الرسمي للحركة على الإنترنت. وقد تدرج في المناصب داخل الجماعة حيث عمل في أدوار تركز على التعليم، متجنباً العمل الذي يركز على السياسة بشكل مباشر. لكن في عام 1965، تعرض بديع للتوقيف إلى جانب آلاف الأعضاء الآخرين لعلاقتهم بمحاكمة «سيد قطب»، المنظر الذي وضع حجر الأساس للعديد من المتشددين الإسلاميين المعاصرين. وقد أعدم قطب شنقاً بسبب تآمره المفترض ضد الدولة. وفي عام 1974 أُطلق سراح بديع وآخرين ليصبح مركز القوة الحديث للحركة. ويقول ضياء التوبكي، وهو طيار متقاعد وعضو في «الإخوان المسلمين» التقى بديع في السجن وقال إنه من شبه المؤكد أنه تعرض للتعذيب. ويتذكر التوبكي بديع كشاب «مؤمن» كان يحرص على تفقد أحوال زملائه السجناء في زنازينهم ومعالجة المصابين منهم. ويقول التوبكي في هذا الصدد: «إننا نحب أن نقول إن الإخوان المسلمين مثل المسامير… عندما تضرب هذا المسمار بالمطرقة، فإنه يتعمق في الخشب أكثر». وبعد الإفراج عنه، عمل بديع كمسؤول لـ«الإخوان» في بني سويف إلى أن انتُخب عضواً في مكتب إرشاد «الإخوان» في عام 1993. ويقول ناثان براون، أستاذ الشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن: «إنه شخص لم يكن له ظهور كبير خارج الحركة» ، مضيفاً: «لقد كان ثمة أشخاص في الحركة لا يؤيدون لعب دور سياسي بارز، حيث كانوا يرغبون في أن تتراجع الحركة لتنطوي على نفسها وتركز على وحدتها. وكانوا يشعرون بأن الوقت غير موات لممارسة حياة سياسية منظمة. وبديع كان ضمن هذا الفريق». وبعد أن التقى مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة، مع «بديع» في الآونة الأخيرة، قال: «عانقني (بديع) عدة مرات وكان مبتهجاً إلى حد كبير»، كما يقول السيد. ثم انخرطا في النقاش حول ما إن كان بوسع النساء والمسيحيين أن يتولوا رئاسة الدولة في مصر. ويقول السيد عن «بديع»: «إنه لم يكن ضد تمتع النساء والمسيحيين بالحقوق المدنية، ولكنه كان يؤمن بأن رئيس الدولة يجب أن يكون مسلماً ذكراً». وبينما تحول «الإخوان» نحو السياسة، غطت شخصيات أقوى في مكتب إرشاد الجماعة على «بديع»، كما يقول خبراء. ومن بين هؤلاء خيرت الشاطر، وهو رجل أعمال ثري ويعتبر الممول والمفكر الاستراتيجي للحركة، ومحمود عزت الذي يعد الساهر على فرض الانضباط داخل الحركة. وفي دوره كمرشد للجماعة، يقوم «بديع» بإلقاء الخطب الدينية والخطابات التي تعكس إجماعاً داخل الحركة، وليس أفكاره أو توجيهاته المستقلة. ويقول السيد في هذا الصدد: «إنك تسمع «بديع» يقول إن المظاهرات ضد الرئيس هي مؤامرة يقودها أشخاص من نظام مبارك»، مضيفاً: «وهذا هو بالضبط ما نسمع الرئيس يقوله». لكن التناغم بين «بديع» ومرسي والدستور الجديد المدعوم من الإسلاميين، جلب شعوراً بالارتياح العميق لأعضاء من «الإخوان» مثل التوبكي الذي يرى أن المفتاح لفهم نجاح «الإخوان» هو الثقة. فكل عضو يثق بأن «بديع» مخلص للإسلام، ويثق بأن النظام مخلص لـ«بديع». وهكذا، فإن مصر أخذت تسير أخيراً في الاتجاه الذي يريدونه لها. ويقول التوبكي من شقته المشمسة في ضواحي القاهرة: «في هذا البلد، كان لدينا مسلمون ولم يكن لدينا إسلام». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©