الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فلنرقص شعراً.. ليلة رأس السنة!

فلنرقص شعراً.. ليلة رأس السنة!
22 مارس 2018 09:51
د. خزعل الماجدي لطالما لفت انتباهي ترافق يوم الشعر مع يوم رأس السنة في العالم القديم بأكمله، وكنت أتساءل، مع نفسي: هل يُعقل أن خبراء اليونسكو كانوا يعرفون، عن قصدٍ، بهذه الحقيقة وسعوا لوضع هذا اليوم 21 (آذار) مارس كيومٍ للشعر؟ والحقيقة أني ما زلت أجهل ذلك، لكني، عموماً، أرى أن هذه المصادفة تفتح الذهن لإلقاء الضوء على المناسبتين بطريقة جديدة. أول الشعوب القديمة التي احتفلت بهذا اليوم كعيدٍ لرأس السنة هو الشعب السومريّ، حيث أدرك السومريون، من خلال مراقبتهم لطول الليل والنهار، أنهما يتساويان مرتين في السنة. المرة الأولى في 21 آذار (مارس) والمرة الثانية في 21 أيلول (سبتمبر)، ويقل طول الليل بعد 21 آذار ويزداد النهار، بينما يزداد طول الليل بعد 21 أيلول ويقل النهار، ولذلك جعلوا عيد رأس السنة السومرية في 21 آذار (ويسمى شهر آذار عند السومريين: شيكوركو) وأسموه عيد (زكَمك الأول)، الذي يعني عيد الولادة والتجدد وهو عيد الاعتدال الربيعي، حيث يصادف الحصاد ونشاط ولادة الحيوانات وانتعاش الرغبات الجنسية عند الإنسان، ولذلك أصبح أسطورياً عيد بعث وولادة دموزي وزواجه من الإلهة إنانا في زواج مقدس يقوم به الملك والكاهنة العليا رمزياً بين المعبد والقصر. أما في 21 أيلول (ويسمى شهر أيلول عند السومريين آكيتي) فيحصل الاعتدال الخريفي، حيث يكون عيد (زكَمك الثاني) الذي يعني الموت والبذار (دفن البذور)، وموت دموزي ونزول إنانا ودموزي إلى العالم الأسفل ومواكب العزاء الجماعي. وراثة ورث البابليون هذا العيد وأسموه (آكيتو) التي تعني (الاستسقاء) وهذه الكلمة هي مصدر جذر كلمة (حج، حاجيتو)، لأنها تتضمن ذهاب وفود من المدن البابلية إلى العاصمة بابل لأداء طقوس رأس السنة البابلية. وورثه الآشوريون، وورثه الفرس والتركمان وأسموه (نوروز)، وكذلك الأكراد، والإيزيديون أسموه (سرصالي)، والمندائيون أسموه (البنجه)، والمسيحيون (عيد الفصح، إيستر)... إلخ. جوهر عيد رأس السنة كان يقوم على أساس العوْد الأبدي الذي هو التكرار الدائم للظاهرة وما يرافقها من طقوس وشعائر، تؤكد هذا التكرار وتوضِّحه، وتحتفي به أملاً في الخلاص أو العودة إلى زمن أسطوري لا يمارس فيه الزمن التاريخي فاعلية قسرية في حياة الإنسان الهارب من هذا الزمن التاريخي الدنيوي، والملتجئُ إلى الزمن الأسطوري الديني. فالعود الأبدي زمن ساكن مطلق قياساً إلى التاريخ الذي هو زمن دنيوي تحركه الصيرورة، ولذلك كانت تتلى فيه النصوص الشعرية التي تجسد أساطير الخليقة وترافقها طقوس تجسد هذه النصوص. كان عيد رأس السنة هو أهم أعياد الشعوب القديمة، وكان فرصة للفرح والممارسات الشعبية التي تودع عاماً منتهياً وتستقبل عاماً جديداً، فهو مثل ولادة جديدة للإنسان والأرض كل عام، إنه جوهر إبداعهما العمليّ. تداعيات هذه التداعيات التي أذكرها هنا تحاول أن تقيم بين هذا العيد وبين عيد الشعر علاقة الإبداع والتجدد، بغض النظر عن كون هذا التوقيت كان مقصوداً أم لا من قبل خبراء اليونسكو، لكني على ثقة أن الفكرة لها علاقة ببداية تساوي الليل والنهار والربيع والشجرة وعيد الأم، فقد أرادوا للشعر أن يكون مع ربيع السنة، فهو جوهر الإبداع وعلامته. حين أعلنت منظمة اليونسكو عام 1999 يوم 21 مارس (اليوم العالمي للشعر)، وكان الهدف من ذلك، كما ذكرت بياناتهم، تعزيز القراءة والكتابة ونشر وتدريس الشعر في جميع أنحاء العالم.. صرّحوا بأن الهدف هو «تجديد الاعتراف بالشعر وإعطاء زخم للحركات الشعرية الوطنية والإقليمية والدولية». أمل في آخر احتفال بيوم الشعر العالمي في 2017 جاء في رسالة المدير العام لليونسكو إيرينا بوكوفا، ما يلي: «ليس لدينا أجنحة، ولا يمكننا أن نرتفع لكنّ لدينا أقداماً تقيسُ وتتسلق القممَ الغائمةَ لعصرنا بخطوات بطيئة، تتزايد أكثر وأكثر. وفي الوقت الذي تبدو فيه التحديات التي نواجهها -من تغير المناخ وعدم المساواة والفقر إلى التطرف العنيف- شديدة الانحدار، فإن كلمات الشاعر هنري وادسورث لونغفيلو تعطينا الأمل. مرتب في كلمات، ملون مع الصور، ضارب بقياسٍ مرهفٍ، هكذا هو الشعر المشحون بالطاقة.. فهو قادرٌ على انتزاعنا من الحياة اليومية وتذكيرنا بالجمال الذي يحيط بنا وبمرونة الروح الإنسانية المشتركة. الشعر هو نافذة مشرعة على تنوع الحياة البشرية. وبالنسبة إلى اللغة نفسها، يظل الشعر أكثر حيوية من أي وقت مضى، في زمن الاضطراب، كمصدر للأمل، وكوسيلة لتقاسم ما يعنيه العيش في هذا العالم. كتب الشاعر بابلو نيرودا «الشعر هو عمل سلام». الشعر فريد من نوعه في قدرته على التحدث، عبر الزمان والمكان والثقافة، للوصول مباشرة إلى قلوب الناس في كل مكان. وهو سبيل للحوار والتفاهم، وقد كان دائماً قوة لتحدي الظلم والنهوض بالحرية. وكما قال سفير اليونسكو الجديد للنوايا الحسنة والإبداع الفني دياه خان، فإن كل الفن، بما في ذلك الشعر «لديه القدرة الاستثنائية على التعبير عن المقاومة والتمرد والاحتجاج والأمل». الشعر ليس ترفاً. إنه يقع في قلوبنا نحن، نساءً ورجالاً، فالذين يعيشون معاً اليوم، مستفيدين من تراث الأجيال السابقة، أمناء على هذا العالم لنقله لأطفالنا وأحفادنا. من خلال الاحتفال بالشعر اليوم، نحتفل بقدرتنا على الانضمام معاً، بروح من التضامن، من أجل توسيع وتسلق «القمم الغائمة لعصرنا». نحن بحاجة إلى هذا من أجل المضي قدماً في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، لتنفيذ تفاهم باريس، لضمان عدم ترك أي امرأة أو رجل خلفها». المصدر: إيرينا بوكوفا http:/‏‏/‏‏www.un.org/‏‏en/‏‏events/‏‏poetryday/‏‏sgmessage.shtml تقاليد قبل عام 1999 كان يحتفى بهذا اليوم، عموماً، في شهر تشرين الأول (أكتوبر)، أحياناً في اليوم الخامس منه، لكن في نهايات القرن العشرين، احتفل العالم به في 15 تشرين الأول (أكتوبر) وهذا اليوم يصادف ذكرى ميلاد الشاعر الملحمي الروماني فرجيل (70- 19 ق.م) واسمه الحقيقيّ هو (بوبليوس ورغيليوس مارو) مؤلف ملحمة الإنيادة. والحائز على جائزة أوغستان للأدب. جاء في كلمة صفحة: اليوم العالمي للشِعر 21 آذار (مارس) ما يلي: «يؤكد الشعر، من جديد، إنسانيتنا المشتركة بأن يكشف لنا أن الأفراد، في كل مكان في العالم، يتشاطرون نفس الأسئلة والمشاعر. الشعر هو الدعامة الأساسية للتقاليد الشفوية، وعلى مر القرون يمكن، من خلاله، تواصل القيم الأعمق للثقافات المتنوعة. بالاحتفال بيوم الشعر العالمي، في 21 مارس، تعترف اليونسكو بقدرة الشعر الفريدة من نوعها لالتقاط الروح الإبداعية للعقل البشري. وقد اعتمد قرار إعلان يوم 21 آذار (مارس) يوماً شعرياً عالمياً خلال الدورة الثلاثين لليونسكو التي عقدت في باريس في عام 1999. ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية لهذا اليوم في دعم التنوع اللغوي من خلال التعبير الشعري، وإتاحة الفرصة للغات المهددة بالانقراض للاستماع إليها في مجتمعاتها المحلية. ويهدف الاحتفال باليوم العالمي للشعر أيضاً إلى تشجيع العودة إلى التقليد الشفاهي في احتفالات الشعر، وتعزيز تدريس الشعر، واستعادة الحوار بين الشعر والفنون الأخرى مثل المسرح والرقص والموسيقا والرسم، وإلى دعم الناشرين الصغار وخلق صورة جذابة من الشعر في وسائل الإعلام، ولكي يتم التأكيد على أن فن الشعر لم يعد نموذجاً فنياً عفا عليه الزمن، بل هو إحدى الوسائل التي تُمكّن المجتمع ككل لاستعادة وهويته». المصدر: http:/‏‏/‏‏www.un.org/‏‏en/‏‏events/‏‏poetryday/‏‏ مطالب الجدير بالذكر أن تحديد يوم الشعر العالمي جاء بعد مطالبات من شعراء عرب بصورة متكررة، ففي شهر مايو 1997 انعقد مهرجان ربيع الثقافة الفلسطينية لمدة أسبوعين في فرنسا بمشاركة ثلاثة شعراء فلسطينيين هم: فدوى طوقان، محمود درويش، وعز الدين المناصرة، ووجهوا فيه نداءً إلى مدير العام اليونسكو فيديريكو مايور بعنوان «الشعر روح الإنسانية - الشعر جسد العالم» طالبوا فيه بـ«ضرورة تسمية يوم عالمي خاص بالشعر». وفي عام 1998 تابع مثقفون مغاربة في (اللجنة الوطنية المغربية) تنفيذ الفكرة الفلسطينية، حيث قدموا طلباً مماثلاً. حتى صدر قرار تسمية يوم 21 مارس يوماً عالمياً للشعر. دعوة فلسطينية في شهر مايو 1997 انعقد مهرجان ربيع الثقافة الفلسطينية لمدة أسبوعين في فرنسا، بمشاركة ثلاثة شعراء فلسطينيين هم: فدوى طوقان، محمود درويش، وعز الدين المناصرة، ووجهوا فيه نداءً الى مدير العام اليونسكو فيديريكو مايور بعنوان «الشعر روح الإنسانية - الشعر جسد العالم» طالبوا فيه بـ«ضرورة تسمية يوم عالمي خاص بالشعر». الإمارات وقبرص وفيتنام تشمل قائمة اليونسكو الممثلة للتراث الثقافي غير المادي للبشرية عشرات أشكال التعبير الشفوي والشعر، من التغرودة البدوية التقليدية التي تتردد في الشعر الإماراتي، والمبارزة الشعرية تسياتيستا من قبرص، وشعر الكرو تونغ سونغ لفيتنام.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©