الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صحوة «أحرار» كندا

14 ابريل 2010 21:21
في محاولة للخروج من حالة الركود السياسي والتراجع في شعبيته، دعا ميشل إمناتيف رئيس حزب "الأحرار الفيدرالي" الكندي نخبة من الساسة والمفكرين وأساتذة العلوم السياسية إلى ما أسماه "المؤتمر السياسي"، الذي شارك فيه عدد من رؤساء الحزب والحكومات الكندية السابقين. الهدف الذي أعلنه في دعوته لهذه النخبة المتميزة من الكنديين نابع من إحساس قيادة "الأحرار" بأن كندا - تعيش أزمة فكر، وتحتاج إلى تجديد مواقفها داخلياً وخارجياً. على مدى أيام المؤتمر الثلاثة، تحدث كثيرون، وطرحوا أفكاراً كثيرة، وبدا كأنما الحزب العتيد يعلن للجميع أن "الأحرار"، الذي مزّقته الخلافات الداخلية والتكتلات الحزبية، بدأ في توحيد صفوفه. لكن مفاجأة المؤتمر كانت تلك "القنبلة"، التي فجّرها الوزير والمستشار "فولر"، وقبل أن نتحدث عن قنبلته، يستحسن أن نتعرف عليه أولاً. "فولر" الذي بلغ الرابعة والستين من العمر، بدأ حياته العملية مستشاراً لرئيس وزراء كندا الأشهر "بيير ترودو" في قضايا السلم العالمي، وذلك إبان اشتداد الحرب الباردة. في عام 2008 عينه الأمين العام للأمم المتحدة مبعوثاً خاصاً له في النيجر التي كانت الحرب الأهلية (حرب العصابات الإجرامية) على أشدها أيامها. وهناك قامت مجموعة من "القاعدة" باختطافه، وظل رهينة لديها لخمسة أشهر، وفجأة أعلنت الإفراج عنه ومن المؤكد لا كندا ولا أسرته ولا الأمم المتحدة قدمت "فدية" مقابل الإفراج عنه. هذا عن "روبرت فولر" الذي قدمه رئيس حزب الأحرار للمؤتمرين على أنه "بطل كندي". فماذا قال البطل الذي فجّر سجالاً في الصحف وتعليقات القراء؟ بدأ "فولر" حديثه حول أزمة السياسة الخارجية الكندية، فـ"ثمة قضايا تشغل الرأي العام الكندي وأولها مشكلتنا في أفغانستان خاصة في مواجهة الضغوط الأميركية. مهمتنا في أفغانستان يحيط بها غموض شديد، وليس واضحاً فعلاً ماذا نريد أن نحقق في أفغانستان. ولن ننتصر هناك، ذلك وببساطة لأننا لسنا مستعدين أو قادرين لدفع الثمن الغالي من الدم والمال، مما سيقود بالضرورة أن نصبح قوة استعمار أجنبي، ونحاول استبدال ثقافتنا لتحل محل الثقافة الوطنية لأهل البلد. ويبدو أن ذلك ما نحاوله ومن تشاركنا فيه طالبان".وبكل هدوء وثقة خاطب "فولر" المؤتمر قائلاً: "لقد حان الوقت أن نغادر أفغانستان وأن لا نضيع أرواحاً أخرى ونبدد أموالاً أخرى". وعن الصراع العربي- الإسرائيلي قال "فولر": "علينا أن نتقبل الحقيقة ونفهم استمرار العنف الدموي في الشرق الأوسط من ناحية وتنامى الإرهاب الدولي من ناحية أخرى. والحقيقة أن كل من يتحدث بوضوح عن العلاقة بين احتلال اسرائيل لأراضي الفلسطينيين وبناء مزيد من المستعمرات بالمخالفة لقرارات الأمم المتحدة، سيجد نفسه متهماً بمعاداة السامية. وواهم من يتصور أن عشرة ملايين فلسطيني سينسون مع مرور الزمن أرضهم وحقوقهم، وأن يعيش الجيل الرابع منهم في المخيمات والملاجئ... ذلك وهم خطير، فالصراع في الشرق الأوسط سيغذي -وقد فعل ذلك- حركة "القاعدة" في شمال أفريقيا والصومال. وفي مؤتمر حزب "الأحرار"، قال "فولر": "يبدو أن الحزب باع روحه التاريخية التي ميّزته، وأنه الآن أصبح يجري وراء أصوات الناخبين مهما كان الثمن... إن انحياز هاربر (رئيس الحكومة المحافظ) لإسرائيل في الحق والباطل، يعني أننا نبيع سمعتنا الطيبة في العالم والمؤسسة على أن كندا كانت دائماً مع العدل والسلام. والحقيقة أن هذا التحول المؤسف لم يبدأه "هاربر" وإنما بدأه "بول مارتن" (رئيس الوزراء الكندي السابق الذي كان ضمن الحضور). إننا نحاول أن نجلس في مجلس الأمن خلال الفترة من 2011 إلى2012، لكن كندا لا تستحق هذا الشرف بسبب السياسات والمواقف المخجلة، التي هي نتاج "لرهن السياسيين" للمصالح الانتخابية المحلية... كندا كانت تحُترم في نظر شعوب العالم، لأن قيمها ومثلها التي أسست عليها السياسة الخارجية الكندية من عقود، كانت تمثل أحلام البشر في السلام والعدل والمساواة. وحسب التغطية الصحفية للمؤتمر، فإنه عندما فرغ "فولر" من كلمته، ران صمت ثقيل في القاعة، ولم يبدأ الحاضرون التصفيق له إلا بعد أن قام رئيس الحزب بمعانقته، وقال في مكبر الصوت: جئنا هنا لنسمع مثل هذا النقد البنّاء والحديث الواضح! عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©