كيفورك مراد يعرض «خط الزمن» في دمشق

يعرض الفنان التشكيلي السوري المغترب كيفورك مراد حاليا في العاصمة السورية، دمشق وتحت عنوان «خط الزمن» أربعاً وثلاثين لوحة يعطي للخط فيها بعداً زمانياً ومكانيا، محاكيا الموسيقى بالرسم، من خلال دمج اللغة البصرية التشكيلية بإيقاعات النغمة الموسيقية. ففي معرضه الجديد في صالة «رفيا» للفنون الجميلة بدمشق عرضت اللوحات في أجواء إنارة خافتة، لتأتي منسجمة مع انحياز الفنان للألوان القاتمة إلى جانب اللون الأساسي عنده الأسود. أما موضوعاته فاعتمد فيها على التوليف بين الخط والزخرفة العربية والمنمنمات والنقوش الأرمنية، فجاءت لوحات مراد ذي الأصول الأرمنية والمولود في مدينة القامشلي السورية تعبيراً عن تمازج ثقافتين وبيئتين، وبدت ألوانه الترابية وكأنها قادمة من عمق التاريخ، محملة بدلالات ثقافية موغلة في القدم، فيها الكثير من المحاكاة للأجواء الفراتية، ولاسيما في تكويناته الغنية بالتفاصيل الدالة على الأرض والشجر، ودمجه لها بالجسد الإنساني، فكيفورك مراد يحاول أن يؤنسن الأشياء في لوحته. وهكذا لا يبدو جذع الشجرة عنده خشباً بارداً، ولا الحجر جسماً صلباً لا حياة فيه. يشكل مراد لوحته في مستويين مختلفين، يفصلهما خط الأفق الذي يولد فراغين مقصودين بغرض ترك الخيال للمتلقي لاستكمالهما، وكأنه ينسج سجادة شرقية، وهو لا ينكر اقتباسه للفكرة من السجاد الشرقي الذي يمكن تقسيمه إلى مستويين لا منتهيين على حد تعبيره. وقد استفاد كثيراً من اغترابه في الولايات المتحدة الأمريكية، فلوحته لا تمزج بين ثقافتين فحسب وإنما تذهب بهما لمحاكاة التيارات التشكيلية العالمية، فهو ورغم اطلاعه على اتجاهات فنية بعيدة عنه، إلا أنه لم يقطع صلته بالشرق الذي ما زال يسحره على حد تعبيره، وهناك دائماً ما يعيده إليه بشكل خفي. يستخدم مراد في لوحاته الإكرليك ويمزج معه الزيتي القابل للانحلال بالماء، ليعطي بعداً ثالثاً للوحة، ولكل لوحة من لوحاته بداية ونهاية كأنها صوت (!)، وإذا ما تتبع المشاهد هذا الخط في كل لوحة، فإنه يوحي له بصوت له حدة وقوة وسرعة معينة، كما المقطوعة الموسيقية، وهو يعمل على لوحته بعفوية ارتجالية وعقلانية في آن معاً، فالعفوية عنده تبرز الأثر النفسي للموسيقى على اللون والخط وحركة الفرشاة، أما العقلانية فتتبدى في التزامه بخط زمني متسلسل. أنجز كيفورك مراد لوحات عديدة بمصاحبة موسيقى حية لعازفين عالميين، حيث يتفق مع المؤلف الموسيقي على موضوع معين، ويبدآن الرسم والعزف معاً بتلقائية، لتتراقص خطوطه وألوانه على سطح اللوحة وتتمايل مع انسياب الموسيقى. كما يعمل في اتجاه آخر على محاكاة الرقص التعبيري، بالإضافة إلى مشروع جديد مبتكر لاستخراج الأصوات من حركة الريشة. كيفورك مراد من مواليد مدينة القامشلي السورية، ويقيم ويعمل حالياً في نيويورك. تخرج من معهد يريفان للفنون الجميلة في أرمينيا، وأقام العديد من المعارض في عدد من دول العالم