الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

للفاتيكان ذراعه السرية أيضا

للفاتيكان ذراعه السرية أيضا
14 ابريل 2010 19:49
عن الدار العربية للعلوم ناشرون وسان مارتين برس، صدر كتاب جديد تحت عنوان “الكيان، خمسة قرون من جاسوسية الفاتيكان السرية” للكاتب الفرنسي إريك فراتيني. يعرض فيه وضع البابوية كمؤسسة رسمية هي الأقدم في العالم، وهي السلطة العليا على رأس الكنيسة الكاثوليكية. وإنها المؤسسة الوحيدة التي ازدهرت في العصور الوسطى ولعبت دوراً رائداً في النهضة الأوروبية، وهي إحدى اللاعبين الرئيسيين في حركة الإصلاح الديني والحركة المضادة له، وفي الثورة الفرنسية، وعصرالصناعة، ونشوء الشيوعية وسقوطها، وطوال قرون، استخدم الباباوات كل نفوذهم المركزي بهدف البناء على النتائج الاجتماعية لأحداث تاريخية متكشّفة، مستفيدين بالكامل من عصمتهم الشهيرة عن الخطأ. يعرض الكتاب كيف كان الإمبراطور نابوليون بونابرت يعتبر البابوية إحدى أفضل الوظائف في العالم. ودعاها أدولف هتلر إحدى السياسات الدولية الأكثر خطورة ودقة. لقد شبه نابوليون قدرة بابا واحد بقدرة جيش مؤلف من 200.000 رجل. في الواقع، كان للبابوية على مر التاريخ مظهرين: مظهر القيادة العالمية للكنيسة الكاثوليكية، ومظهر إحدى أفضل المنظمات السياسية على وجه الأرض. وبينما كان الباباوات يمنحون بركتهم لجماعة المؤمنين، كانوا يستقبلون باليد الأخرى سفراء أجانب ورؤساء دول ويرسلون موفدين وسفراء بابويين في مهام خاصة. حمل هذا النفوذ العديدين على اعتبار الباباوات كهنة الأمراء أكثر منهم ممثلي المسيح على الأرض. بدءاً بالقرن الثامن، سعى الأحبار العظام حتى العام 1931 إلى إضفاء طابع السلطة الرسمية العليا على بياناتهم من خلال إنشاء راديو الفاتيكان. وفي أثناء حركة الإصلاح الديني، هاجم مارتن لوثر البابوية واصفاً إياها بالآفة الإنسانية وأعلن بعد رحلة إلى روما أن النفوذ يفسد، والنفوذ التام يفسد تماماً. الحلف المقدس لا يمكن سرد تاريخ الحلف المقدس (أطلق عليه اسم الكيان في العام 1930)، أي جهاز مخابرات التجسس التابع للفاتيكان، من دون سرد تاريخ الباباوات، ولا يمكن سرد تاريخ الباباوات من دون سرد تاريخ الكنيسة الكاثوليكية. من الواضح أن الباباوات ما كانوا ليوجدوا لولا وجود الكنيسة الكاثوليكية. وكما كتب بولس الرابع في تعميمه البابوي بعنوان كنيسته، أزيلوا السلطة العليا للحبر تنتف كاثوليكية الكنيسة الكاثوليكية. ومن دون النفوذ الفعلي للباباوات، لما وجد الحلف المقدس ومنظمة التجسس المضاد (جمعية بيوس)، وهما جزء من الآلية التي ساهما أيضاً في صياغتها: تأسيس الحلف المقدس عام 1566 بطلب من البابا بيوس الخامس، وتأسيس منظمة التجسس المضاد عام 1913 بطلب من بيوس العاشر. كتب كارلو كاستيليوني، وهو مؤرخ إحدى أفضل الموسوعات عن البابوية: مما لا شك فيه أن التاج ثلاثي الأطراف الذي يضعه الباباوات يرمز إلى النفوذ الذي يمارسونه في السماء والأرض والعالم السفلي. من القرن السادس عشر حتى القرن الثامن عشر، كانت المبادئ الليبرالية، والدستورية، والديمقراطية، والجمهورية، والاشتراكية العدو الذي كان على البابوية والحلف المقدس مواجهته. في القرنين التاسع عشر والعشرين، بات العدو هو الولاء للداروينية، والولايات المتحدة، والعرقية، والفاشية، والشيوعية، والتوتاليتارية، والثورة الجنسية. أما العدو في القرن الحادي والعشرين فسيكون التدخل العلمي في المسائل الدينية، ونفوذ القطب الواحد على الصعيد العالمي، والازدياد السكاني المفرط، والحركة النسوية للمساواة بين الجنسين، واللاإدارية الإجتماعية. داخل السياسة تظهر هذه الأمثلة أن النشاط السياسي للفاتيكان غالباً ما حدث بالتوازي مع نشاط جهاز مخابراته السرية وباعتماد وسائل مختلفة لتحقيق الهدف نفسه. فمن جهة، أجرى الباباوات مفاوضات للتخفيف من حدة بعض التدابير الموجهة ضد روما أو إبطالها؛ منذ قيام المفتش في محاكم التفتيش بيوس الخامس بتأسيس جهاز التجسس التابع للفاتيكان في القرن السادس عشر بهدف وضع حد لحياة ملكة إنجلترا المهرطقة إليزابيت الأولى ودعم ملكة الإسكتلنديين الكاثوليكية ماري. لم تعترف دولة الفاتيكان أبداً بوجود الحلف المقدس وذراعه التجسسية المتمثلة بمنظمة التجسس المضاد، علماً أنه بالإمكان القول إن عمليات هاتين المنظمتين كانت سراً مكشوفاً. وأعلن سيمون ويزنثال، وهو مطارد النازيين الشهير، في إحدى المقابلات أن أفضل جهاز تجسس في العالم عرفته يوماً والأكثر فعالية هو جهاز الفاتيكان. ونفذ الكاردينال لويجي بوغي، الملقب بجاسوس البابا يوحنا بولس الثاني، أكبر عمليات تحديث للحلف المقدس، وبفضله استطاعت المخابرات الإسرائيلية إحباط هجوم مخطط له ضد رئيسة الوزراء غولدا مأيير في أثناء زيارتها إلى إيطاليا. وتسلم بوغي أيضاً مسؤولية إرسال مخصصات مالية من الفاتيكان، عن طريق معهد المؤلفات الدينية ومصرف الفاتيكان برئاسة بول مارسينكوس، لتمويل نقابة التضامن العمالية بقيادة ليش فاليسا. وكانت عملية مشتركة بين الحلف المقدس وال”سي آي أيه” بقيادة وليام كاسي. على مر خمسة قرون من التاريخ، كان الظل الممتد للحلف المقدس ملحوظاً في مؤمرات حيكت ضد اليزابيت الأولى ملكة انجلترا، وفي المجزرة التي ارتكبت في فرنسا ليلة ذكرى سان برتولوميو، في مغامرة الأسطول الكبير وعمليات اغتيال الأمير الهولندي وليام أمير أورنج والملك الفرنسي هنري الرابع؛ في حرب الخلافة الإسبانية والمواجهات مع الكردينالين ريشليو ومازاران في باريس؛ في محاولة اغتيال ملك البرتغال جوزيف الأول؛ في الثورة الفرنسية ومعركة أوسترليتز، وظهور نابوليون وسقوطه؛ في حرب كوبا ضد اسبانيا والإنشقاقات في أميركا الجنوبية؛ في العلاقات السرية مع القيصر ويلهلم الثاني إبان الحرب العالمية الأولى، وآودولف هتلر في الحرب العالمية الثانية، وقضية الذهب الكرواتي المرتبطة بالنازيين، وقضية منظمة أوديسا التي تلت القضية الأولى مباشرة، في المعارك ضد مجموعة أيلول الأسود الإرهابية؛ وكارلوس الثعلب، والشيوعية؛ في عمليات التمويل الغامضة لمعهد المؤلفات الدينية وصلاتها الأكثر غموضاً بالبنائين الأحرار (الماسونيين)، وعناصر المافيا، ومهرّبي الأسلحة؛ في إنشاء شركات تموينية في الفردوسات المالية، وفي تمويل الحكام المستبدين اليمينيين مثل اناستازيو سوموزا وخورخي فيديلا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©