الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجربة السودان

1 مارس 2012
"الغنوشي" رئيس الحركة الإسلامية في تونس وأحد قادة ما يعرف بالتيار التجريدي والتحديثي في الحركة الإسلامية ومنهم السوداني "الترابي" والجزائري "بلحاج" عن التجربة الإسلامية في السودان، حظي حديثه عن الحركات الإسلامية باهتمام كبير، وتم نشره على نطاق واسع، واعتبره خصوم حكومة "البشير" أنه أهم وثيقة في نقد المجموعة الحاكمة في السودان باسم "المؤتمر الوطني"، وسارعوا في نشره على نطاق واسع، وصدرت تعليقات كثيرة لسان حالها يقول: "وشهد شاهد من أهلها". أما أصحاب السلطة الحاكمة التي وجه إليها "الغنوشي" أشد وأفتك سهامه وأعلن فشلها وفسادها، فقد اعتبروا حديث "الغنوشي" تحاملاً واستمراراً لعدوهم اللدود "الترابي" وأحدث زلزالاً في صفوفهم خاصة قواعدهم وبعض قادتهم التاريخيين الذين لم يشاركوهم في "الغنائم". ما دعاني للعودة إلى حديث "الغنوشي" النقدي عن التجربة الإسلامية السودانية، وقرأته مرة ومرات أخرى، هو الحديث التلفزيوني الذي أذيع للبشير بعد أيام من حديث "الغنوشي"، وأحدث ضجة سياسية كثيرة وتعليقات أكثر في السودان في أوساط الأحزاب المعارضة وعامة السودانيين الذين كان البشير يوجه حديثه غير الموفق إليهم والحدة الشديدة التي أبداها البشير في حديثه ليس ضد خصومه السياسيين، بل رفاقه وأعضاء حزبه الذين سماهم أصحاب المذكرات التصحيحية، وتوعدهم بالمحاسبة والعقاب الشديد. وبرغم أن البشير في حديثه المذاع لم يتعرض للغنوشي، ولم يرد اسمه على لسانه، فقد استقر في ذهني أن البشير، وهو يعد العدة لحديثه المثير ذلك كانت في ذهنه دائماً صورة "الغنوشي" ونقده المر للتجربة الفاشلة خاصة ما ورد فيه ما يعرف البشير ومجموعته أنهم هم المعنيين بالحديث عن الأقارب والأهل الذين كانوا مدار أحاديث السودانيين الذين يرون رؤية العين أدلة الفساد والنهب المنظم لثروات البلد، حتى أصبح السودان اليوم في مقدمة الدول التي يرد اسمها في تقارير منظمة الشفافية العالمية وفي الجماعات والمنظمة التي تهتم وتسجل فساد الحكم في كثير من بلدان العالم. إن كثيراً مما ذكره "الغنوشي" عن السودان من معلومات ووقائع أوصلته للقناعة بفشل التجربة الإسلامية الثانية في السودان، ولعله بالتجربة الأولى تجربة النميري، التي أخرجت قوانين سبتمبر، وجعلت النميري إماماً للمسلمين، وبايعه الترابي وأتباعه على ذلك، وهذه قصة معروفة ومعلومة للخاصة والعامة في السودان، والأمر كذلك ينطبق على حديثه عن تراجع الترابي وإعادة التفكير في مسيرة نظامه، والعودة بالمشروع الحضاري إلى أصوله وإعداد الدستور الديمقراطي، الذي يكفل لكل السودان الحرية والحق في اختيار حكامهم ونظام حكمه والذي رجاه (تلاميذه) أن يؤجله قليلاً وما انتهى به أدخله السجن والمفاصلة وحكايتها في حكاية لا يتفق السودانيون حولها مع "الغنوشي" برغم أنها واقعة حقيقية نعيشها اليوم. وما أردت أن أقوله للغنوشي إن الترابي قد فَقَدَ ثقة السودانيين فيه ساعة أن عرفوا وتأكدوا بأن انقلاب "الإنقاذ" هو من صنع يديه ووليدة أفكاره وتعبيره الصريح عن رفضه للديمقراطية وحبه الشديد للسلطة والسلطان. وبرغم أن الترابي اليوم يُعد من قادة المعارضة ضد سلطة "الإنقاذ" الاستبدادية فهو يمثل لقيادات الأحزاب المعارضة مشكلة داخلية ومحور خلاف كبير في أوساط قواعدهم بل وبعض قياداتهم. نعم أن "الغنوشي" يبدو اليوم وكأنه يهدف إلى قيادة حركة تجديد وتحديث الحركة الإسلامية، ونعم أنه قد وجه في حديثه نقداً مريراً ضد نظام البشير لم يصل إلى مستواه حتى بعض زعماء المعارضة الديمقراطية، لكن أن يعيد سبب فشل تجربة "الإخوان" السودانيين ،وكل تجارب ومحاولات الحركات السياسية العربية من أقصى "اليمين" إلى أقصى "اليسار"، لأمر في تركيبة الذهن والعقل السياسي العربي بمعنى آخر بسبب في التركيبة الجينية للأمة، فذلك أمر فيه أكثر من ظلم وافتراء على الأمة العربية، والدليل على ذلك موجود أمامه في الأحداث التي بدأت في تونس وتبعها الشعب المصري والشعب الليبي والشعب اليمني. عبدالله عبيد حسن كاتب سوداني مقيم في كندا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©