الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«حكايات شهريار» ابتداء من الليلة 1002

«حكايات شهريار» ابتداء من الليلة 1002
14 ابريل 2010 19:47
“أنا الحكواتي “شهريار”... لا تستغربوا اسمي ومهنتي... فقد مرت “ألف ليلة وليلة”، وأنا الملك “شهريار” الذي يريد أن ينتقم من جميع النساء، وكنت آمر سيّافي “سرور” بقتل إمرأة كل ليلة. إلى أن جاءت “شهرزاد” وراهنتني بأنها ستعيش معي أكثر من ألف ليلة وليلة.. وها هي تكسب الرهان! وصارت هي الملكة شهرزاد وأنا خادمها الذي سيحكي لها الحكايات بدءاً من الليلة 1002، واذا لم تعجبها حكاياتي ستآمر سياّفتها “مسرورة” بفصل رأسي عن جسدي”. بهذه الكلمات كانت بداية العرض المسرحي “حكايات شهريار” الذي حظي بنجاح كبير واقبال وتجاوب جماهيري واسع في أمسية فنية رائعة لمجموعة “مسرح الحكواتي” في اختتام فعاليات البرنامج المجتمعي لمهرجان أبوظبي 2010، تحت رعاية هيئة أبوظبي للثقافة والفنون بالتعاون مع مسرح الشارقة الوطني، يوم الجمعة الماضي على المسرح الرئيسي لشركة أبوظبي العاملة في المناطق البحرية “أدما”، وقدمت فيه مجموعة العمل بقيادة المخرج أحمد يوسف، وبطولة الإعلامية نهي رأفت، ومجموعة من المواهب الشابة الواعدة عملاً مسرحياً متميزاً من فصل واحد امتد لساعة ونصف تقريباً، أعاد فيه المخرج ذاكرة الجمهور إلى ليالي” ألف ليلة وليلة”، وإحياء فن سرد الحكايات بصور ومشاهد ومؤثرات مسرحية مستوحاة من الأدب الشعبي القديم. باعتبار أن “الحكواتي” لا يزال من أشهر رواة القصص القديمة في الثقافة العربية، وهو يشكل جزءاً أساسياً منها، من خلال رواية القصص الشعبية المشوقة والقريبة من تفاصيل المجتمعات المحلية. ربما خلا العرض من مظاهر الإبهار أو المؤثرات البصرية أو الموسيقية أو الحركية الصادمة أو المثيرة، إلا أنه استطاع أن يتميز من خلال توظيف القصة السردية بشكل جديد. يبدأ شهريار بسرد حكاية “الدنيا أرزاق” أو “السلطنية”، الشهيرة في الأدب الشعبي، والتي ترمي إلى تكريس المفهوم والعقيدة الدينية بأن الله سبحانه وتعالى قسم الأرزاق بين العباد بالعدل، ولم يغب عن الكاتب تذكير المشاهد بمضمون المثل الشعبي القائل: “إجري ياعبدي جري الوحوش.. وغير رزقك لن تحوش”، ثم انتقل إلى حكي قصة “النول”، مشيراً إلى أن هناك فئة من الناس استسهلوا واحترفوا طريق بيع الوهم لعامة الناس البسطاء في سبيل الوصول إلى أهداف غير مشروعة، وأن هناك من يستمتع بالضحك والنصب والدجل على الناس، وأن هناك كثيرين من يتبنون هذه الثقافة حتى الآن. وقد نجح المخرج في توظيف الكلمة البسيطة الدارجة في لغة فصحى مفهومة لا تخلو من الطرافة، دون إغفال لكوميديا الموقف دون إسفاف، مما جعل لغة العرض مناسبة للصغار والكبار من جميع الأعمار. وقد استعان المخرج باكسسوارات وديكورات بسيطة ومعبرة عن ثقافة الزمن والمكان بأضيق الحدود ودون تكلف أو إبهار، وإن جاء توظيف الملابس معبراً ليخدم سياق النص والأحداث، ولا سيما ملابس بطلة العرض “شهرزاد”، وبقية أطراف العمل، إلا أنه لم يوظف المؤثرات الموسيقية توظيفاً ملموساً في كثير من جوانب العمل، وكان من الممكن أن يلعب هذا التأثير دوراً مؤثراً بشكل مضاعف في أكثر من موقف درامي، واعتمد على سياق “ريتم” هادئ لا يتناسب ووقع الأحداث أكثر من مرة “عند غرق السفينة” على سبيل المثال. كما أن هناك فقرا ملموسا في استخدام المؤثرات الضوئية، وتوظيف الإضاءة في المواقف المتباينة ما بين “الكوميدي، والمأساوي، والجاد، والهزلي”، رغم أن المسرحية من فصل واحد، وكان يمكن أن تلعب المؤثرات الصوتية والإضاءة دوراً أكبر من ذلك، لكنه في النهاية قدم وجبة مسرحية خفيفة خالية من الإبهار وأن لاقت استحسان الجمهور الذي شاهد العرض. المخرج وفريق العمل “حكايات شهريار” من إعداد وتمثيل وإخراج الفنان أحمد يوسف، وتقوم بدور البطولة “شهرزاد” الإعلامية نهى رأفت، في أول تجربة مسرحية تخوضها، حيث يراهن عليها المخرج يوسف، في تقديم عمل مسرحي جاد ومتميز، ويشاركهما في البطولة كل من الفنانين: محمد غباشي، وسيف منظور ورامي مجدي، ومحمود سليمان، وأدهم أشرف، ومصطفى الليثي، وصمم الاستعراضات الفنان حمدي حشيش. بالإضافة الى مجموعة الإدارة المسرحية المكونة من سمر اويت ومريم جيراو. ومن أشهر أعمال المخرج “أوبريت العشرة الطيبة”، و”أوبريت شهرزاد”، و”أوبريت الليلة الآثمة”، و”أنت الذي قتلت الوحش”. قص «الحكايا» يعتبر قص الحكايا عنصراً تراثياً قديماً، لكنه يقدم في المسرحية بشكل يتناسب مع الخطوات المتسارعة في حياتنا اليومية، وفي المسرحية يقرأ الحكواتي من كتاب القصص القديمة، وحيث يقوم المخرج برسم صوره بحيث يبدو أنه يعود إلى زمن بعيد قبل مئات السنين، بينما يقدم الممثلون المشاهد باستخدام مؤثرات صوتية، وملابس وإكسسوارات ومستلزمات تقليدية، ويقدم كل ذلك في إطار جديد هو قص الحكايا باللغة العربية الفصحي البسيطة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©