الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وسيلة المتنازعين في الحياة الجاهلية

وسيلة المتنازعين في الحياة الجاهلية
25 يونيو 2009 01:10
يتفق الكثيرون على تسمية فترة ما قبل الإسلام بالفترة الجاهلية، لا لجهل في علم أو أدب بل للشرك في عقائدهم، وهذا انسحب على تقسيم العصور الأدبية فسمي ذاك العصر بالعصر الجاهلي، اصطلاحاً، كما أن البعض من نقادنا العرب من أطلق عليه عصر ما قبل الإسلام. وعّد الجاحظ تاريخ الشعر العربي ما بين 150 ـ 200 سنة قبل الإسلام وهو بذلك قد أرخ لبدء الشعر العربي إلا أنه لم يفصل في دقة المصطلح، ما بين تسمية شعر تلك الفترة بشعر العصر الجاهلي أم بشعر ما قبل الإسلام. وعدم توخي هذه الدقة لدى نقاد العرب الأوائل أو الاصطلاح على تسمية دقيقة تصف نتاجات تلك الفترة الأدبية قاد النقاد المحدثين إلى الاختلاف أيضاً. طه حسين والنويهي وشوقي ضيف ويوسف خليف ومحمد حسن درويش ومحمد عبدالمنعم خفاجي قالوا العصر الجاهلي، وجواد علي ومحمد عثمان علي ونوري حمودي القيسي وعادل البياتي اصطلحوا على تسميته بعصر ما قبل الإسلام. ذلك الاختلاف بحث كثيراً، وصار للرأيين أنصار، ولابد حين أستذكر ذلك أن أجيء بالسبب الذي دفعني إليه، وهو ما قرأته للدكتورة فاطمة حمد المزروعي في كتابها «المنافرات في أدب قبل الإسلام» الذي تناولت فيه صورة من صور التباهي بالأحساب والأنساب عند الإنسان العربي منذ أن نشأت الفنون اللفظية العربية وخاصة الشعر والنثر. اللغة والاصطلاح تستخدم الدكتورة فاطمة حمد المزروعي المصطلحين معاً في دراستها وكأنها تحاول التوفيق بينهما فتقول: «يتمثل مسعى هذه الدراسة في تناول المنافرات في الأدب الجاهلي بغية فهمها وتبيان أسبابها ونشأتها وعناصرها ومقوماتها، وأثرها في الأدب الجاهلي وما فعله المشاركون فيها من حكماء وكهان وشعراء وخطباء، وطبيعة الحكم في المنافرات وكيفية التحكيم». ويتضح من استهلال مقدمة كتاب المنافرات أن معادلة التأثير متجهة من الفعل باتجاه النتيجة، أي تأثير المنافرات بوصفها فعل حياتي على النتيجة «الشعر والنثر» بوصفه أدبا وصفيا لحالة ما، في واقع حياة العربي، وهذا بحد ذاته بنية علاقة النتاج الثقافي العربي بالواقع، إذ يأتي الشعر عند العربي على اعتباره نتاجاً لحالة ما، ومن هذا المنطلق تقول الدكتورة فاطمة المزروعي «تناول المنافرات وأثرها في الأدب الجاهلي». ولكن ما هي المنافرات؟ تقول الدكتورة فاطمة المزروعي مناقشة هذه التسمية لغة واصطلاحاً: هي من مادة «نفر» التي تعني التفرق والتباعد. أما الاصطلاح فيقود الدكتورة المزروعي إلى كثير من التأويلات بحسب ما جاء عند العرب من مفاهيم المنافرات في الشعر والنثر، وتعود الباحثة في أصول المنافرة فتذهب إلى مرادفاتها من المخايرة والمفاخرة والمناجية والمشايصة والتنايل والمماجدة. ولابد من أن تبحث الدراسة في تطور دلالة لفظة المنافرات بعد العصر الجاهلي وبخاصة في شعر حسان بن ثابت إبان العصر الإسلامي ومن ثم إلى العصر الأموي حتى القرن الرابع الهجري بحثاً عن الدلالة وتطورها، وأعتقد أن هذا لا يعني الباحثة بالرغم من أنها مرت سريعاً على هذه الحقب التاريخية المتباعدة. حسناً تناقش الباحثة كل مصطلح من تلك المصطلحات التي ظهرت، مع بحث أصول المنافرة مقارنة مع مصطلح الدراسة الأساسي كأن تناقش المنافرة والمفاخرة والمنافرة والمنافرة والمنافرة والمعاقرة والمنافرة والمباهلة والمنافرة والمساجلة. وتتحول الدكتورة فاطمة حمد المزروعي لتقرأ موقف الإسلام من المنافرات في 6 صفحات ولا نعرف حقاً لماذا جاء هذا الجزء مادام البحث يتقصى المنافرة في أصولها الأولى، ونشأتها وأسبابها وعناصرها بعيداً عن رأي الفكر فيها. تورد الباحثة الكتب التي تناولت المنافرات، قديمها وحديثها، ثم تعرج على مناهج تلك القراءات وبخاصة الباحثين المحدثين التي استطاعت أن تحدد لهم 3 مناهج وهي اتجاه عد المنافرات فناً من فنون النثر الجاهلي وآخر عدها فناً نثرياً تطور عن غرض الهجاء وثالث عدها فناً نثرياً تطور عنه فن النقائض. الاتجاهات الثلاثة وتبحث الدكتورة فاطمة المزروعي في هذا الباب الاتجاهات الثلاثة ليدلل على براعتها في استخلاص مناهج من تناول المنافرات من المحدثين. جاء ذلك في تمهيد الدراسة التي وضعت فيه الدكتورة فاطمة المزروعي أساس قراءتها النظرية وملامح توجهها في تناول موضوع «المنافرات» الذي عالجته بشكل بانورامي في البدء خلال التمهيد، بوصفه فرشة نظرية حددت معالم هذا الكائن المختلط بغيره من الكائنات الاصطلاحية المتداخلة في الدراسات العربية. في الفصل الأول: المنافرة، أسبابها وعناصرها ومقوماتها تقرأ المزروعي جزئيات هذا المفصل المهم الداخل في بنية المجتمع العربي، آنذاك والذي قفز إلى الشعر والنثر حتى صار جزءاً منه، فالتنازع على الشرف والمجد وعلى الرئاسة، والاستهزاء والتهكم وإقامة الحق أسباب المنافرة ولكن لابد لبنية هذه المنافرة من عناصر أخرى تحكم تسلسل الكيان الإبداعي ـ بوصفه نصاً ـ أما أمكنة المنافرات فكان تنوعها من حيث الأهمية يعطي المنافرة أهمية أيضاً. وتدخل الدكتورة فاطمة المزروعي إلى قراءة أنواع المنافرات ومجالاتها وآثارها فتفصل في أنواع المنافرات وطبقات أنساب العرب حيث ـ الشّعب والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والعشيرة والفصيلة ـ لتقلب أيضاً أنواع المنافرات في القبيلة الواحدة أو بين قبيلتين أو منافرات شخصية تقود إلى قبلية، وتقرأ مجالات المنافرة المعنوية والمادية، مستعينة بالحكايات العربية. المجتمع العربي وهنا ندخل إلى موضوعة مهمة ونتساءل، هل أن الحكايات التي أوردها العرب ـ بالرغم من امتلاكها مقومات الحكاية ومصداقية تداولها في كتب التراث والسير والمرويات ـ ذات سمات خرافية أم واقعية، ومدى تمثيلها المطابق صدقاً أو كذباً مع واقع بنية المجتمع العربي ورؤاه وأفكاره وصراعاته. وما حصل من منافرات خارج حدود ذلك المجتمع ـ في بلاط الملوك غير العرب ـ وما حصل من منافرات داخل حدود المجتمع العربي، وهذا ما تناولته الباحثة. تعلقت المنافرات بالنسب والحسب في أعمها الأغلب المتقدم على غيره من الصفات.. لماذا؟ ومن خلال ذلك نتساءل، هل بالإمكان قراءة وتحليل وتفكيك جزئيات نص المنافرات لنعرف على أي الدعائم أقيم النص وأي من الضمائر تستخدم في بناء النص النثري أو الشعري وما الفرق بين تركيب هذه الضمائر أو المفاصل هنا أو هناك، وكانت الدكتورة فاطمة المزروعي قد توخت ذلك حين قراءة منافرة القعقاع بين معبد وخالد بن مالك النهشلي حيث وقفت عندها. عند آثار المنافرات الذي جاء في الكتاب، نجد ما تحدثنا عنه من تأثير النتائج في المنافرة. الكتاب: المنافرات في أدب قبل الإسلام ? المؤلف: د. فاطمة حمد المزروعي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©