الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

خليل أحمد: الفكر العربي المعاصر عاجز عن إنتاج ثقافة جديدة

خليل أحمد: الفكر العربي المعاصر عاجز عن إنتاج ثقافة جديدة
12 مايو 2008 03:08
قدم المفكر وعالم الاجتماع اللبناني الدكتور خليل أحمد خليل في العاصمة الجزائرية مؤخراً محاضرة بعنوان ''محفزات العقل الغربي وكوابح العقل العربي'' قدمه خلالها الشاعر الجزائري جيلالي نجاري الذي طرح في تقديمه جملة من التساؤلات أهمها: لماذا يتقدم الغرب بينما نتخلف نحن؟ هل يجب الالتفاف حول منتجاته الفكرية والثقافية لنحقق التقدم الذي طالما حلمنا به؟ هل انحسار الحريات هو الذي أدخلنا في نفق التخلف؟ ما طبيعة الاختلال الذي حدث فانتقلنا من أصحاب حضارة وعقل تنويري متزن إلى شعوب متخلفة في جميع المجالات؟ وبعد ذلك تحدث الدكتور خليل طارحاً تساؤلاً حول: لماذا تقدمنا يوم كان الآخرون متخلفين؟ وقال إنه سؤال نطرحه أحياناً ثم لا نلبث أن نغيِّبه ونمنع دراسته، مع أنه المفتاح الأول الذي أعاق غيابُه تقدُّمَنا· وأوعز السبب الأول لتخلفنا إلى ''لجم'' التقدم العلمي لحساب الدين بمجالاته الواسعة جداً، حيث بات أصحابُه يدَّعون أنهم يملكون إجابات لكل شيء، بينما لا يدعي العلمُ ذلك ويقدم مجرد افتراضات، ووصف خليل ادعاءات السلفيين بـ ''العقلية الالتباسية''، وأضاف فيما يشبه الدعوة إلى الاقتداء بالأنموذج الغربي العلماني: الغرب حوَّل ماضيه إلى متحف، ولكن العرب ينقصهم شيءٌ ما لفعل ذلك؛ تنقصهم الدولة، هم عرفوا الحكَّام ولكنهم لم يعرفوا الدولة· وتوغل خليل في توصيف المشكلات السياسية التي رأى أنها أم المشكلات التي تعيق تقدم العقل العربي، فما دامت الدولة العربية لم تتخذ شكلاً مؤسَّسياً بل شكلاً وراثياً منذ عهد معاوية، فقد بقي العرب ''إمبراطورية كبرى مع وقف التنفيذ'' كما قال المفكر السويسري جاك هيسرل، وذلك يعيق تقدمهم، ويُضاف إلى ذلك الحروب البينية الإسلامية وآخرها الحرب العراقية- الإيرانية التي أزهقت أرواح مليون مسلم، ووصفها بأنها ''أكبرُ حربٍ أهلية داخل الجسم الإسلامي في التاريخ'' وتعبِّر عن عودة العنف الذي امتصته الفتوحات الإسلامية من قبل و''وُظِّف'' فيها· وأعرب المُحاضر عن تخوفه من استشراء المذهبية والطائفية مما سيزيد المسلمين والعرب تخلفاً وتمزقاً، كما حذر من تفشي الأفكار التكفيرية، فعادة ما يُتَّهم أمثالُه بالعلمانية وهي تهمة باتت توصل إلى إهدار الدم· كما تطرق المحاضر إلى سبب آخر لتخلف العقل العربي وهو استشراء الأمية سواء في جانبها الألفبائي التقليدي، حيث يعيش مئات الملايين من الأميين المسلمين في أمة ''اقرأ'' بينما استطاعت كوبا الفقيرة القضاء على الأمية، أو تعلق بالأمية الثقافية والمعرفية وهي الأخطر، لأنها تعطل العقل عن الإبداع، وأبدى تحسره لعجز المفكرين العرب المعاصرين عن إنتاج ''ثقافة رشدية جديدة أو حتى خلدونية''· وعاد خليل إلى الجانب السياسي بالاتجاه إلى ما يحيط بالعرب والمسلمين من أخطار خارجية هذه المرة، وقال إن الغرب يعيش ''حالة حرب مفتوحة'' على العرب بينما يعيش هؤلاء ''حالة مقاومة مفتوحة''، وأضاف: هناك مشروع لتدمير الدول الوطنية؛ هناك خرائط جديدة بهذا الصدد، وما يحدث في العراق وأفغانستان ولبنان وسوريا وإيران دليل على ذلك، وبعض الأصوليات مثل''القاعدة'' وغيرها، متورطة فيه بشكلٍ أو بآخر· ولمواجهة هذا الخطر الداهم، دعا الدكتور خليل إلى قيام ''تضامن إسلامي'' بدل الانغماس أكثر في المذهبية والطائفية، وأنهى محاضرته بالتأكيد على عدم قابلية الديمقراطية للتصدير، وقدرة العرب على إنتاج ما يصلح لهم من أنظمة، وأبقى على الأمل بخصوص تجاوز أزمة ''تعطيل العقل العربي'' بالقول:''إنها في طريق الحل فلا تستعجلوا''· ثم فتح المجال للتعقيبات فأعرب الباحث الجزائري فضيل بومالة عن عدم رضاه عن ''هلامية'' طرح الدكتور خليل وعموميته وعاب عليه عدم تعمقه في المسألة على جديتها وتأثيرها البالغ في حياة المسلمين الآن، وقال إن خليلاً لم يقل الكثيرَ مما لديه ومرَّ على الموضوع بصفة عابرة، حيث طرح مفاهيمَ كبيرة ولم يُجب عنها وغرق في السياسة عوض الحديث عن الآليات التي تحرك العقل الغربي باتجاه الإبداع والابتكار وفشل العقل الغربي في التوصل إلى هذه الآليات· من جهته، نبه الروائي الجزائري بشير مفتي إلى مفارقة ربط النهضة العربية بغزو نابليون لمصر في أواخر القرن الثامن عشر، وتساءل: هل يُعقل أن نربط بداية نهضتنا ببداية احتلال بعض أوطاننا؟! وأضاف: نحن مجتمعات توقفت في الماضي فتوقفت عن الإنتاج ولم تستطع أن تتقدم، ولكن إذا كانت مقولة إن الحل يكمن في الماضي قد أثبتت فشلها، فهل العلمانية هي البديل وباب الخلاص الوحيد؟ أما الدكتور أمين الزاوي فنبه إلى أن مفاهيم النهضة تغيرت عما كانت عليه قبل قرن كما تغيرت مواقعُها، وقدَّم مثالاً حياً على ذلك وقال إنها لم تعد مرتبطة بمصر والمشرق العربي الآن بل تحول مركز النهضة إلى الخليج وتحديداً إلى الإمارات العربية المتحدة التي لم تكن موجودة قبل 1971 ولكنها الآن تشهد نهضة عملاقة في جميع المجالات· ورد الدكتور خليل على هذه الانشغالات بالتأكيد على أهمية ''المعركة السياسية'' واعتبرها مجدَّداً أهم المعارك للتأسيس للنهضة العربية من خلال إقامة الدولة المؤسساتية، فضلاً عن إرساء العلمانية التي تعني النظر إلى العالم بذهنية علمية متقدة بعيداً عن الإلحاد وتجرُّدنا من هويتنا· وجدَّد تفاؤله بنجاح النهضة العربية وقال: إننا نعيش الآن مرحلة من مراحل النهوض العربي، ويجب التحلي بالصبر وطول النفس، وضعنا غداة استقلال أوطاننا كان قاتماً والآن تطور كثيراً على الصعيد المعرفي وهو يبشر بالكثير في المستقبل·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©