الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الدوحة تُموّل خطة إخوانية لـ «إطلاق ثورة أصولية» في أميركا

21 مارس 2018 02:23
دينا محمود (لندن) فضحت مؤسسة أميركية متخصصة في مناهضة الأصولية ومكافحة الإرهاب مزيداً من التفاصيل بشأن الدور المشبوه الذي يقوم به النظام الحاكم في قطر لاختراق الجامعات في الولايات المتحدة، بهدف إرساء الصبغة المتشددة عليها، وذلك عبر الاستفادة من أموال المؤسسات القطرية التي تتظاهر بخدمة أهداف تعليمية وخيرية، ويبدد حكام الدوحة مقدراتها على المغامرات السياسية والداعمة للإرهابيين في شتى أنحاء العالم. وفي مقالٍ مطول نشره موقع «كلاريون بروجيكت» التابع لمنظمة غير حكومية غير هادفة للربح تحمل نفس الاسم وتُعنى بمواجهة الأنشطة المتشددة على الساحة الأميركية - كشف الكاتب رايان ماورو ملامح التعاون الجاري في هذا الصدد بين «نظام الحمدين» ومؤسسة يُعتقد أنها تابعة لجماعة «الإخوان» الإرهابية، تحمل اسم «المعهد العالمي للفكر الإسلامي». وأُسِست هذه المؤسسة عام 1981، وكشف تحقيقٌ أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) عام 1988 عن أنها من بين المنظمات التي تسعى إلى «إطلاق ثورة إسلامية في الولايات المتحدة»، تحمل بطبيعة الحال أفكار التنظيمات الإرهابية المدعومة من الدوحة. وقال ماورو في مقاله الزاخر بالأسماء والمعلومات إن ثمة تعاوناً بين «مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع»، مع تلك المؤسسة التي تتخذ من أميركا مقراً لها، وذلك لإمدادها بالأموال الكافية لتحقيق أغراضها المشبوهة. وأوضح بالقول إن «المعهد العالمي للفكر الإسلامي يطوّر علاقاتٍ (في هذا الشأن) مع/مؤسسة قطر/ الثرية التي تُشكل ذراعاً لحكومة قطر»، وهو البلد الذي حرص الكاتب على وصفه بأنه من أكثر الدول الراعية للإرهاب الدولي في العالم، وقال إنه يطبق قوانين متشددة في أراضيه ويُقر «أحد أكثر أنظمة الإتجار في البشر في العالم وحشيةً واتساعاً في نطاقه»، في إشارة واضحة إلى الانتهاكات الصارخة التي تعاني منها العمالة الوافدة إلى قطر والتي يتجاوز عددها مليوني شخص. واتهم ماورو النظام الحاكم في الدوحة بمحاولة تبييض سمعته المتشددة، والمنافية لأي قيم ليبرالية، عبر تشييد ما يُطلق عليه «المدينة التعليمية» في العاصمة الدوحة، وهو مشروعٌ تشرف عليه «مؤسسة قطر»، ويضم بحسب المقال «شبكةً من الجامعات، من بينها معاهد تعليمية إسلامية، وفروعٌ لجامعات أميركية كبرى». وفي إشارة لا تخفى إلى أن استضافة هذه الفروع يشكل جزءاً من مخطط الدويلة المعزولة لاختراق المؤسسات الجامعية في الولايات المتحدة وبث سمومها الفكرية فيها، استعرض المقال أسماء الجامعات الأميركية التي فُتِحت لها مقار في الدوحة وهي «تكساس إيه آند إم، وفيرجينيا كومنويلث، وكورنِل، وكارنيجي ميلون، ونورث وسترن، وجورج تاون». ويعزز ماورو رؤيته المتعلقة بالجهود القطرية المستميتة لانتحال مظهر ليبرالي براق لإخفاء حقيقة «نظام الحمدين» الاستبدادي عبر إبقاء هذه الجامعات الأميركية على أراضي ذاك البلد، بالقول إن «مؤسسة قطر تغطي نفقات هذه المؤسسات (التعليمية) حتى تُبقي مقار تلك الجامعات» في الدوحة. وأشار إلى أن هذه المؤسسة التي تزعم أن هدفها هو «دعم دولة قطر.. للانتقال من الاقتصاد القائم على الكربون إلى الاقتصاد القائم على المعرفة»، تستثمر ما يزيد على 400 مليون دولار في هذه «المدينة التعليمية». وأبرز الكاتب المتخصص في شؤون الأمن القومي الأميركي التناقض الصارخ بين ما تزعمه قطر من أن تلك المنطقة المخصصة للمعاهد والجامعات والمؤسسة التعليمية «تخلو من أي قمع (فكري) وتحترم الأعراف الغربية»، وكونها تسمح في الوقت نفسه لـ «إسلاميين ذوي ارتباطاتٍ إرهابية بالتدريس هناك». وضرب ماورو أمثلةً في هذا الصدد بأسماء أساتذة جامعيين يُعتقد أنهم يتبنون آراء متشددةً، مثل د. لؤي صافي المدير السابق لـ «المعهد العالمي للفكر الإسلامي»، والبروفيسور جاسر عودة «الذي تربطه علاقاتٌ نشطة بالمعهد، ولديه روابط مكثفة بجماعة الإخوان» الإرهابية. وأبدى المقال استغرابه من ممالأة الجامعات الأميركية الست التي سمحت بفتح فروعٍ لها في الدوحة لسياسات النظام القطري الداعمة للإرهابيين والممولة للتنظيمات المتشددة والمساندة لدعاة التطرف وأبواق الكراهية، قائلاً إنه على الرغم من كل الارتباطات القائمة بين هذا النظام والمنظمات الإرهابية فإن أياً من تلك الجامعات» لم تظهر أي رغبة في التنصل من رعاته القطريين «الضالعين في كل هذه الأنشطة المشينة. ويتهم ماورو الجامعات نفسها بأنها «تضفي الشرعية على النظام القطري، وتصادق على وجود إسلاميين ذوي توجهاتٍ عنيفة في/المدينة التعليمية/» التي يُفترض أن تكون بيئةً محايدة للعلم والمعرفة لا يتم فيها نشر أفكار متطرفة أو رؤى متشددة أو متعاطفة مع الإرهابيين. وشبّه الكاتب في مقاله شديد اللهجة أفعال هذه المؤسسات التعليمية الأميركية بالتواطؤ الذي يبديه الباحثون - الذين يتلقون تمويلاً من «المعهد العالمي للفكر الإسلامي» مع أجندة رعاتهم «ذات التوجهات المناقضة للفكر الليبرالي». من جهة أخرى، أكد ماورو أن الجامعات الموجودة بداخل الولايات المتحدة سمحت لذاك المعهد - ذي العلاقات المشبوهة بالتنظيمات المتشددة - بأن «يُشكِل ولأمدٍ طويل (مسار) تطور الدراسات الإسلامية» في أميركا. ولم يقتصر انتقاده لتلك الجامعات عند هذا الحد، بل قال إنها تتجاهل توجهات المعهد المناقضة للمبادئ الفكرية والثقافية المتعارف عليها في العالم، وذلك عبر التزام القائمين عليه بما يطلقون عليه اسم «أسلمة المعرفة»، وهو ما يعتبر المقال أنه يعني «قمع العلوم والمعارف التي لا تتعاطف مع الإسلاميين». وبلهجةٍ يغلب عليها الأسف، قال الكاتب إن الجزء المنوط بـ«المعهد العالمي للفكر الإسلامي» في الخطة التي وضعتها جماعة «الإخوان» الإرهابيين - والتي تتألف من ست مراحل لـ «إطلاق ثورة» أصولية في أميركا - كُلِلَ بقدرٍ ملحوظ من النجاح على مدار العقود الثلاثة الماضية. وأوضح أن ذلك تمثل في أن المعهد جعل من نفسه «مصدراً لا غنى عنه للباحثين في مجال الدراسات الإسلامية»، كما أنه يقدم منحاً تعليمية للعشرات من الباحثين الناشطين المتمركزين في مؤسساتٍ تمتد في طول أميركا وعرضها. وأشار إلى أن هذا المعهد - الذي تشكل أنشطته جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية «الإخوان» الأوسع نطاقاً للتحريض على إطلاق «ثورة إسلامية دولية» بدعمٍ من أنظمة مثل النظام القطري بالطبع - ينفق كذلك ملايين الدولارات على كراسي البحث المتخصصة في الدراسات الإسلامية في المؤسسات التعليمية الموجودة في الولايات المتحدة، بجانب قيامه بطبع الدراسات لمئات من الأكاديميين والباحثين، الذين يتبنون توجهاتٍ مماثلة لرؤاه المتشددة والمتطرفة. وخلص ماورو في ختام مقاله للتأكيد على أن الوقت قد حان لفضح الأفعال التي يقترفها هذا المعهد، مضيفاً بالقول إن «الوقت حان للآباء والطلاب وصناع السياسات للمطالبة بأن ينهي هذا المعهد الدور الذي يضطلع به في إضفاء الصبغة الأصولية المتشددة على الدراسات الإسلامية» عبر الرؤى المعادية للغرب التي يتبناها المسؤولون عنه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©