الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل ديمقراطية أميركا «حلم مؤجل»؟!

هل ديمقراطية أميركا «حلم مؤجل»؟!
25 يونيو 2009 01:04
يتحدث سلاتر بمرارة عن واقع بلاده فيقول: لقد بددنا روحنا الإبداعية وخربنا اقتصادنا بتخصيص معظم ميزانيتنا لترسانة عسكرية متصلبة وباستحواذنا على منافع قصيرة الأمد، حتى غدونا مغرورين بأنفسنا، نتفاخر بإنجازاتنا ونتباطأ في حركتنا نحو الأمام، ونسير على الطراز القديم ونطمس مخيلاتنا ونضيق أفقنا. ويضيف: إننا بحاجة إلى حلم أميركي جديد كحلم مارتن لوثر كينغ، بتحقيق مجتمع متألق. لقد كنا مرة أمل هذا العالم، وأصبحنا الآن مصدر يأس له. أصبحنا كالعجوز الشرير الذي يطلق النار على كل شخص يحاول الاقتراب من ممتلكاته. ومازال لدي إيمان بقدرتنا وبأننا لا نزال نمتلك مخزوناً هائلاً من الطاقات الإبداعية والخيال الخصب في هذا المجتمع. حياة حافلة فيليب سلاتر رجل مثير حقاً، فهو حاصل على بكالوريوس في الآداب ودكتوراه في الفلسفة من جامعة هارفرد، وألقى دروساً في علم الاجتماع في هارفرد، ثم عين بروفيسوراً ورئيساً لقسم علم الاجتماع في برانديز عام 1971. واستقال من منصبه المرموق بعد أن اكتشف أنه غير مفيد للحياة العملية، حيث ترأس مجموعة مبادرة وورشات عمل لتحقيق التكامل الشخصي. عمل تاجراً بحرياً، وممثلاً، ومستشار أعمال، وبائعاً للبسكويت، ومعقب معاملات زواج، ورئيساً للمسرح. ومثل في أكثر من ثلاثين مسرحية وفيلم، وفي عام 1982 اختارته مجلة MS كواحد من أفضل أبطالها. تعلم فن كتابة المسرح ضمن حلقات دراسية خاصة، وكتب عشرين مسرحية. ومن مؤلفاته الهامة: السعي نحو العزلة، عظمة هيرا، إدمان الثروة، كيف أنقذت العالم. عمار أبو عابد يرى المفكر وعالم الاجتماع الأميركي فيليب سلاتر أنه في الوقت الذي تسعى فيه الحكومات الجديدة في أنحاء العالم نحو تحقيق الديمقراطية تزداد الولايات المتحدة ديكتاتورية واستبداداً، ويضيف: إن انفراد الكونغرس بالسلطة والانقلابات التي يخوضها الناخبون ليست إلا دليلاً على انحطاطنا الشديد، وعدم إيماننا بحق الشعب في المشاركة في السلطة والاطلاع على ما يدور حوله. ويوضح سلاتر معنى الديمقراطية على المستوى الشخصي وفي أماكن العمل وداخل السياسات والديانات وداخل المنزل، وكيف أن معظم هذه الدوائر تبخس الديمقراطية حقها، وفي أثناء استعراضه للأساليب الديكتاتورية المطبقة في الولايات المتحدة يبين أن الطرق الديمقراطية، مهما كانت مربكة وفوضوية، فهي التي توصلنا إلى عالم مثالي يحقق الصالح العام. ويستعرض سلاتر في كتابه «حلم مؤجل»، ما يلزم الأميركيين لكي يفهموا ما يحتاجونه لتحقيق مجتمع ديمقراطي مثالي جديد. وقد ترجمت الكتاب إلى العربية دعد السليمان وصدر في دمشق عن دار دعد للتأليف والترجمة والنشر في 254 صفحة من القطع المتوسط. أفكار خاطئة يتوصل فيليب سلاتر في تحليله لالتزام أميركا بالديمقراطية إلى أن أميركا تعيش في عزلة، وهناك ضرورة للبحث عن مثل أعلى لديمقراطية جديدة. ويقول: يتحدث الكثيرون عن الديمقراطية، لكن قلة هم الذين يحملون فكرة صحيحة عن سبب وجودها، ولماذا تظهر الآن، أو إلى أين ستقودنا؟ ويعتبرها معظم الناس مجرد ظاهرة سياسية مثلما يعتبرون مشاهدة التلفاز مجرد ظاهرة كهربائية. ويورد سلاتر بعض الأفكار الخاطئة عن الديمقراطية، فيرى أن الأميركيين يميلون نحو أربع أفكار مغلوطة، فبعضهم يعتقد أن الديمقراطية يتم صنعها عبر مساع مثالية يحدوها التوق إلى الحرية، بينما الواقع أن الديمقراطية تنتشر اليوم لأنها الشكل الأكثر فعالية في التنظيم الاجتماعي في ظل الظروف المعاصرة، ولأنها تعبر أيضاً عن نظام معقد ومتطور ومرن لرفع سوية تأثير الجماعة وزيادة سرعة التأقلم مع التغييرات التاريخية والتعقيدات الثقافية. في حين يرى آخرون أن الديمقراطية مرادفة للنظام الرأسمالي، وفي الحقيقة فإنها يمكن أن تظهر بغياب أو بوجود النظام الرأسمالي، فالعقود الماضية شهدت في آن معاً ديمقراطيات اجتماعية، كما في الدول الاسكندنافية وأنظمة استبدادية رأسمالية كتلك التي وجدت في أجزاء عديدة من أميركا اللاتينية. ويعد سلاتر أن الرأسمالية والشيوعية بنيتان انتقاليتان أخطأتا فهم المعنى الحقيقي للديمقراطية. وثالثة هذه الأفكار الخاطئة كما يقول سلاتر الاعتقاد بأن الولايات المتحدة تعيش في ظل وضع ديمقراطي، والواقع أن أميركا لا تكاد تتماسك وتحتفظ بموقعها أمام اندفاع الحركات العالمية نحو الديمقراطية، ويضيف: في الوقت الذي نهلل فيه لبروز الحركات الديمقراطية في العالم، نفقد مواقعنا ونتراجع إلى الوراء. لقد ابتدأنا كقادة في هذا المجال بخلق ثقافة كبرى جديدة، ولكننا لم نعد أنفسنا مقتنعين بصحة الفكرة، حيث تظهر وسائل الإعلام عندنا بصورة فاشستية، وتكرس سياستنا الخارجية جهودها لتدمير الحركات الديمقراطية جميعها في بلدان العالم الثالث. أما مفهوم الوطنية فلم يعد يعني التمسك بالمبادئ الديمقراطية التي تأسست عليها هذه الدولة، بل أصبح يشير إلى حب السيطرة، والحكم الفردي، والطاعة العمياء والقسوة الفظة. ورغم أننا نمتلك تقاليد ديمقراطية عريقة أكثر من معظم الدول، إلا أننا لا نزال ننظر إلى الحياة البشرية بمنظار فاشي. وقد يكون لدينا بعض المؤسسات الديمقراطية، لكننا أبعد ما نكون عن روح الديمقراطية. أما رابع هذه الأفكار الخاطئة، فهو أن الديمقراطية ترتبط بكل أشكال السيطرة وبالعلاقة بين الحاكمين والمحكومين، والحقيقة أن مفهوم الديمقراطية يعبر عن حركة اجتماعية واسعة المدى تشمل كل أشكال الوجود البشري، بدءاً من الحياة الأسرية حتى المفهوم الديني، ومن صرامة مبدأ التطور الاقتصادي، حتى ابتكارات علم الأساطير. والواقع أن الأشكال الديمقراطية السائدة في أميركا ليست إلا بوادر أولية لهذه الثقافة الكبرى التي ستنعكس أخيراً على كل أنواع السلوك والتفكير والإنساني، وهذه الثقافة الكبرى ستساهم في تغير جميع افتراضاتنا وعاداتنا ونظرتنا إلى الحياة، كما ستنغرس هذه النماذج الجديدة في المستقبل في أذهاننا عميقاً حتى نصل إلى درجة نعدها (طبيعة بشرية عادلة). تحولات جذرية يرى سلاتر أن مفهوم الديمقراطية لا يقف عند حدود السياسة، بل إنه لا يكاد يبدأ منها، فالثقافة الديمقراطية أشبه بطفل حديث الولادة، وهي تشرع في استئصال جذور حياة استمرت لآلاف السنين، فنحن نعيش اليوم على عتبة تحولات جذرية تعيشها مختلف القطاعات الإنسانية داخل تاريخ مميز بوضوح. ويضيف سلاتر: ليست في حوزتنا تجارب سابقة، ولن تتمكن الإنسانية البدائية من تقديم العون لنا، وما يحدث اليوم إنما هو صراع ما بين الثقافة الديمقراطية الوليدة والثقافة الفاشية الزائلة داخل كل مجتمع من المجتمعات، سواء عادلاً أم فاشياً، ديمقراطياً أم استبدادياً. ويقول سلاتر إن أميركا تقف موقفاً معارضاً من جميع أشكال الديمقراطية ما دامت تحدث في مكان آخر غير أميركا، وحالما تستقر الديمقراطية يبدأ الناس بالتذمر من الحكومة عبر لجان منظمة، لكنك لا تستطيع وقف عملية الاقتراع عندما تحاول إشراك الآخرين في أداء عمل ما، إلا أن الديمقراطية ليست مجرد مسألة تصويت وكسب أصوات أو تشكيل لجان، إنها نظام يقوم على تشكيل علاقات إنسانية، وهي الآن شائعة في العالم لسبب بسيط جداً، وهو أنها الطريقة الأمثل لإقامة تلك العلاقات في ظل ظروف التحول التاريخي المزمن. ? الكتاب: حلم مؤجل ? المؤلف: فيليب سلاتر ? ترجمة: دعد السليمان ? الناشر: دار دعد للتأليف والترجمة والنشر ـ دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©