الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

لاجئون سوريون.. تضيق بهم الأرض في لبـــــنان أحياءً وأمواتاً

لاجئون سوريون.. تضيق بهم الأرض في لبـــــنان أحياءً وأمواتاً
20 مايو 2016 01:55
بر إلياس (أ ف ب) تخطت لوعة اللاجئ السوري أحمد يوسف المصطفى فقدانه ثلاثة من أطفاله الرضع خلال ثلاث سنوات متتالية، إلى معاناة من نوع آخر جراء عدم إيجاده مقبرة لدفنهم، شأنه شأن كثير من العائلات السورية التي تفقد أحد أفرادها في لبنان. ويروي أحمد، البالغ من العمر 29 عاماً، وهو عامل بناء نزح قبل خمسة أعوام من مدينة حلب في شمال سوريا إلى مخيم عشوائي للاجئين، في بلدة بر إلياس في منطقة البقاع، معاناته بعدما رزق وزوجته بثلاثة أطفال توفوا الواحد تلو الآخر لأسباب صحية. ويقول بحسرة وهو يقف أمام خيمته التي باتت منزله، «في كل سنة كلما يولد طفل يتوفى، والمشكلة تكمن في إيجاد مكان لدفنه»، موضحاً أنه بعد وفاة طفله الأول عن عمر ناهز ثلاثة أشهر، لجأ إلى أحد معارفه في بلدة مجاورة، فقدم له هذا الأخير المساعدة وسمح له بدفن الطفل في مدفن العائلة. ومع وفاة الطفل الثاني وهو بعمر خمسة أيام، «اضطررنا إلى فتح القبر القديم لدفنهما معاً»، ولم يجد خياراً عند وفاة الطفل الثالث بعد ساعتين على ولادته إلا دفنه في بلدة الفاعور المجاورة بعد وساطة من رجل دين. ويدعو أحمد «الدولة والجهات الإسلامية إلى تخصيص قطعة أرض غير صالحة للزراعة لدفن موتانا فيها». ويقيم أحمد وزوجته مع ولديه البكر في خيمة متواضعة في بر إلياس، التي يقول مسؤولون محليون فيها إن عدد سكانها البالغ أساساً خمسون ألفاً تضاعف منذ بدء تدفق اللاجئين السوريين بعد اندلاع النزاع المستمر في سوريا منذ مارس 2011. ويوضح مسؤولون محليون أن مدافن البلدة كانت ممتلئة حتى قبل بدء موجة اللجوء إلى لبنان، الذي بات يستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري، أي ربع سكانه، وهي أعلى نسبة لاجئين في العالم، مقارنة مع عدد السكان. ويقول رئيس البلدية السابق «سعد ميتا»: «لم يعد للمدفن القديم قدرة استيعاب لا لللبنانيين ولا للسوريين». وتقع مقبرة البلدة على تلة صغيرة وتضيق بالمدافن المتراصة التي تحيط بها الأعشاب البرية والزهور من كل ناحية وصوب، حتى إنه بات على زائري المقبرة السير بحذر داخلها لعدم الدوس بالخطأ على أي مدفن. وبحسب «ميتا»، يوجد حوالى 70 ألف لاجئ سوري في البلدة، وهم يشكلون ضغطاً كبيراً على البنى التحتية كشبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء، وكذلك الأمر بالنسبة إلى دفن الموتى. ويسجل معدل الوفاة لدى اللاجئين السوريين نسبة أعلى، مما هو عليه لدى اللبنانيين باعتبار أنهم عرضة أكثر للخطر، وفق السلطات والمنظمات الدولية. وفي غياب أي إحصاءات رسمية، يوضح «ميتا» أن سورياً واحداً على الأقل يتوفى كل أسبوع في البلدة. ويرى أن «الحل هو بأن يرجع السوريون إلى بلادهم»، مضيفاً: «إن البلد لم يعد يتحمل ونحن اللبنانيين لم نعد أصلاً قادرين على التحمل». وقد يتمكن بعض السوريين من إيجاد مكان لدفن موتاهم بتكلفة قد تصل أحياناً إلى 250 دولاراً أو أكثر، وهو مبلغ لا تملكه غالبية اللاجئين السوريين. وفي مخيم للاجئين خارج البلدة بين حقلين مزروعين بالبطاطس والكوسا، تقول لاجئة سورية شابة رفضت الكشف عن اسمها أنها اضطرت إلى دفن جنينها الذي ولد ميتاً سراً. وتروي كيف أن حارس إحدى المقابر في قرية قريبة رفض السماح لزوجها بدفن الجنين، وقال له: «لا يسمح للسوريين بدفن أطفالهم هنا». وافتتحت بر إلياس الشهر الحالي مقبرة جديدة للبنانيين على أن يخصص جزء صغير منها للسوريين. ويقول مدير هيئة إغاثة اللاجئين السوريين التابعة لدار الفتوى في البقاع الشيخ وسام محمد عنوز: «إن المقبرة الجديدة ستتضمن بين عشر إلى عشرين حفرة مزدوجة (مدفن) لإخواننا السوريين». وبرغم ذلك، يقر عنوز بأن هذا الحل يبقى مؤقتاً، ويوضح أنه حاول وزملاء له في البقاع أن يجدوا قطعة أرض لتخصيصها للسوريين، إلا أن أحداً لم يكن مستعداً لبيع أرضه. ويتابع: «إن كان سعر متر الأرض عشرة دولارات، يصبح خمسين دولاراً بمجرد أن يعلموا أنها ستصبح مدفناً».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©