السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نتانياهو... واستحقاقات «التوازن الحساس»

نتانياهو... واستحقاقات «التوازن الحساس»
25 يونيو 2009 00:44
وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو في خطابه الأخير بجامعة «بار إيلان» على إيجاد دولة فلسطينية ولكن بشروط شديدة الصعوبة. ويمكن اعتبار هذا الموقف بالنسبة لرئيس وزراء من حزب «الليكود» اليميني، طالما رفض قيام الدولة الفلسطينية، بمثابة خطوة إلى الأمام. إلا أن الخطاب وضع مع ذلك عدداً من المعوقات والعراقيل أمام قطار عملية السلام. ومن ذلك مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية وهو مطلب جديد نسبياً يستبعد أن يقبله الفلسطينيون، إذا أخذنا في الاعتبار أن 20 في المئة تقريباً من مواطني إسرائيل هم من العرب. كما أصرّ نتانياهو كذلك على أن تبقى مدينة القدس موحدة تحت السيطرة الإسرائيلية، وعلى عدم عودة أي لاجئ فلسطيني، واستمرار نمو المستوطنات ضمن التجمعات القائمة. ومن الصعب القول إن مثل هذه الشروط مقبولة مبدئياً بالنسبة للفلسطينيين، وقد عبّرت قيادتهم عن ذلك. وإضافة إلى هذا، وعلى رغم أن نتانياهو يشير إلى أنه سيكون لهذه الدولة الفلسطينية «علمها الخاص، ونشيدها الوطني الخاص وحكومتها الخاصة»، إلا أنه تجنّب كلمة «السيادة»، بل إنه يضع بوضوح شروطاً مسبقة تعجيزية لقيام هذه الدولة على نجو يرهن استقلالها، بما في ذلك سيطرة إسرائيل على أجوائها، وبقاؤها منزوعة السلاح، ومنعها من توقيع أية «أحلاف عسكرية» مع دول أخرى. والحقيقة أن نتانياهو يحاول من خلال هذا الخطاب الوصول إلى توازن حساس، فهو يأمل أن يخفف عرضه الشكلي للتفاوض مع الفلسطينيين ونطقه الاستعراضي أخيراً بكلمة «دولة فلسطينية» من الضغط الأميركي على حكومته لوقف بناء المستوطنات، وللتوصل إلى اتفاق حول الوضع النهائي مع الفلسطينيين. وهذا ما اقتضى منه في الوقت نفسه أن يختار كلماته باهتمام شديد حتى لا يعزل أعضاء جناح اليمين في حكومته، بمن فيهم أصوات في حزبه «الليكود». وفي الوقت الذي يراهن فيه نتانياهو على المستقبل، أعتقد أنه يرغب في تأجيل محادثات الوضع النهائي إلى أطول فترة ممكنة. وربما نشأ ذلك من قناعات وسياسات شخصية أو من واقع سياسي مفاده أن نقل ما لا يقل عن 60 ألف مستوطن إسرائيلي من الضفة الغربية (حيث يعتبر نقلهم بشكل عام هو العدد الأقل الضروري لإيجاد دولة فلسطينية متصلة الأطراف)، قد يكون خياراً خلافياً داخل إسرائيل إلى درجة قد تفضي إلى إسقاط حكومته. وربما يفضل أيضاً رهان النظر إلى الوراء إلى تجارب رؤساء وزراء من الماضي (بما في ذلك فترة رئاسته الأولى للوزارة) على سبيل المثال، حول الكيفية التي يمكنه بها أن يتفاوض لفترة مطولة، وفي الوقت نفسه الاستمرار في زيادة عدد سكان المستوطنات (تضاعف عدد المستوطنين من عام 1994 إلى عام 2000، وهي السنوات الذهبية لعملية «أوسلو» للسلام). غير أن سؤالا رئيسياً يبقى مطروحاً بقوة وهو: هل ستأخذ إدارة الرئيس أوباما حديث نتانياهو الجديد عن الدولة الفلسطينية، كما هو، وبصورته السطحية اللفظية؟ ومن ثم هل ستوقف إصرارها على ضرورة التجميد الكامل للاستيطان، الآن وقد عرض نتانياهو التفاوض على اتفاقية؟ هنالك الكثير من الدلائل على أن الإدارة لن تفعل ذلك. ويبدو أن هناك استعداداً جديداً في واشنطن لإخضاع تصرفات نتانياهو ومناوراته لتفحص شديد. وأكثر من ذلك لدى الإدارة مبعوث في الميدان مكرس لمراقبة الالتزام بما يسمى «خريطة الطريق»، هو الجنرال بول سيلفا، المعروف بكونه مراقباً واعياً، ليس من السهل إيهامه. ولأن إدارة أوباما اعتبرت أن إنشاء دولة فلسطينية يدخل في صميم مصلحة الولايات المتحدة، فقد أصرت بشدة على ضرورة الإنهاء الكامل لنمو الاستيطان كخطوة أولى نحو تحقيق هذا الهدف، ولا يوجد ما يشير إلى أن واشنطن ستتراجع عن ذلك الآن. وكذلك يرى مراقبون كثر أن الضغط الذي تبذله واشنطن على قضية الاستيطان (والنزاع قصير الأمد مع إسرائيل الذي قد ينشأ بعد ذلك) ضروريّان جداً إذا ارتأت الأطراف المختلفة التوصل إلى حل نهائي لصراعها. إذ سيجعل خليط من الديناميات السياسية المحلية داخل إسرائيل وفلسطين، واختلال موازين القوة الهائل، أية اتفاقية سلام قادرة على البقاء أمراً مستحيلا دون مشاركة أميركية قوية وعادلة. إلا أن النزاع طويل الأمد بين تل أبيب وواشنطن ليس بالأمر الذي لا يمكن تجنبه. فمعظم الإسرائيليين، من اليمين إلى اليسار، لا يريدون الخروج عن رضا الإدارة الأميركية، وقد ذكرت غالبية منهم، وبإصرار في استطلاعات مختلفة، أنها تفضل حل الدولتين. وقد تجبر هذه الحقيقة وحدها الحكومة الإسرائيلية على الاستدارة نحو رؤية أوباما لحل الدولتين، أو كما ذكر الرئيس الأسبق جيمي كارتر مؤخراً: «على رغم الخلافات بين أوباما ونتانياهو، فقد نشبت خلافات أعظم بيني وبين رئيس الوزراء يومها، بيغن». ومع ذلك استمر كارتر في تيسير المفاوضات لأكثر الاتفاقيات بقاءً وأهمية في الصراع العربي/ الإسرائيلي وهي اتفاقية «كامب ديفيد» مع مصر. وعلى رغم ذلك، وعندما ينخرط الطرفان في مفاوضات إظهار نوايا حسنة حول اتفاقية الوضع النهائي، يجب عندها وضع ضرورة الاستجابة لتطلعات وحقوق كلا الشعبين في الاعتبار. وينبغي، في هذا المقام، أن يكون للإسرائيليين الحق في العيش بسلام، وأن يُعطى الفلسطينيون ضمانات بالحرية والكرامة والفرص الاقتصادية والأمن. وهذا يعني أن الدولة الفلسطينية المستقبلية يجب أن تكون ذات سيادة كاملة، بينما ينبغي التعامل مع مصادر القلق لدى إسرائيل. وأي شيء أقل من هذا وذاك سيشكّل وصفة لاستمرار النزاع. ناثان ستوك المدير المساعد لبرنامج حل النزاعات بمركز كارتر. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©