الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتهاكات فنزويلا.. صمت الجوار!

28 فبراير 2015 22:17
بعد الرد المشين في ضعفه من منظمات أميركا اللاتينية الإقليمية، مثل منظمة الدول الأميركية واتحاد دول أميركا الجنوبية، على الاعتقال التعسفي لرئيس بلدية العاصمة الفنزويلية كاراكاس، انطونيو ليديثما، وزعماء آخرين من المعارضة الفنزويلية.. من الصعب ألا نستنتج أن هذه المنظمات تتواطأ في حماية الأنظمة القمعية. فبدلا من المطالبة الفورية بالإفراج غير المشروط عن ليديثما وزعيم المعارضة ليوبولدو لوبيث، ومعتقلين سياسيين آخرين وقعوا ضحية «اعتقال تعسفي»، بحسب وصف الأمم المتحدة، تجاهلت أكبر المنظمات الإقليمية وكل الزعماء الأميركيين الأمر إلى حد كبير. فما ضرورة هذه المنظمات الإقليمية إذا لم تتحرك لتفعيل مواثيقها الداعية لاحترام الديمقراطية والدفاع عنها؟ وكيف يمكن تبرير غياب ردود قوية من البرازيل والمكسيك أكبر دولتين في المنطقة يريد رئيساها أن يُنظر إليهما باعتبارهما زعيمين لأنظمة ديمقراطية حديثة؟ قبل عقود، عندما كانت دولة من أميركا اللاتينية تنتهك بشكل صارخ الحريات الديمقراطية، مثلما فعلت فنزويلا، كان أبرز الزعماء الديمقراطيين في المنطقة يدينون مثل هذه الممارسات ويدعون إلى اجتماعات طارئة لمنظمة الدول الأميركية، لاتخاذ إجراءات تصحيحية. فعندما أغلق رئيس بيرو «البرتو فوجيموري» برلمان البلاد عام 1992، قطعت حكومة فنزويلا المؤيدة للديمقراطية حينئذ العلاقات الدبلوماسية مع بيرو، وسحبت الأرجنتين سفيرها، وطلبت تشيلي وعدد آخر من الدول رسمياً وقف عضوية بيرو في منظمة الدول الأميركية. واحتجت منظمة الدول الأميركية على الإجراء الذي اتخذه فوجيموري وأجبرته في نهاية المطاف على الدعوة إلى انتخابات مبكرة لبرلمان جديد بعد ذلك ببضعة شهور. ولم يحدث شيء، ولو قريب الشبه بذلك، بعد اعتقال ليديثما، وهو أحد كبار المسؤولين المنتخبين في فنزويلا وزعيم بارز في المعارضة، يوم الخميس 19 فبراير الجاري. وحتى تاريخ كتابة هذه السطور لم تصدر حكومة واحدة في أميركا اللاتينية إدانة قوية ضد اعتقال ليديثما، ولم تطالب أي دولة بعقد اجتماع طارئ لوزراء خارجية منظمة الدول الأميركية لمناقشة القضية. واتهم الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، ليديثما وزعماء المعارضة الآخرين بـ «التآمر والتدبير» لأعمال عنف مناهضة للحكومة، وهي اتهامات نفاها المعتقلون. وفي غياب طلب من أي عضو في منظمة الدول الأميركية لعقد اجتماع استثنائي، فإن المنظمة تتفرج فحسب من بعيد على ما يحدث في فنزويلا. وأعلن اتحاد دول أميركا الجنوبية يوم الجمعة أنه سيرسل وفداً من وزراء خارجية البرازيل والاكوادور وكولومبيا إلى فنزويلا في موعد سيتحدد لاحقاً لاستطلاع الأوضاع هناك. وقد يمثل هذا نبأ ساراً لمادورو، لأن اتحاد دول أميركا الجنوبية هو أكثر المنظمات الإقليمية تعاطفاً مع حكومته. وأرسل الاتحاد العام الماضي وزراء خارجية نفس هذه الدول الثلاث إلى فنزويلا في مسعى وساطة مفترض بعد سقوط ما لا يقل عن 43 قتيلا في احتجاجات طلابية شهدتها كاراكاس. ولم ينجح وزراء الدول الثلاث في الإفراج عن كل الطلبة المعتقلين أثناء الاحتجاجات ولا في الحصول على تعهد من مادورو بتلبية بعض المطالب الديمقراطية الأساسية. وفي عام 2013 أيضاً، هرع الاتحاد إلى مباركة النصر الانتخابي لمادورو، رغم الاتهامات بتزوير واسع النطاق. ودعا ارنستو سامبر، رئيس الاتحاد، إلى إجراء حوار في فنزويلا، وانتقد العقوبات الأميركية ضد عشرات المسؤولين الفنزويليين المشتبه بضلوعهم في انتهاكات لحقوق الإنسان. ووصف خوسيه ميجيل فيفانكو، رئيس منطقة الأميركيتين في منظمة هيومن رايتس وواتش، تصريحات سامبر بأنها «غير موفقة إلى حد كبير لأنه لا توجد علاقة بالمرة بين الإلغاء الأميركي المشروع لتأشيرات دخول وتجميد أصول مسؤولين فنزويليين ضالعين في انتهاكات حقوق الإنسان وبين الاحتجاز التعسفي في فنزويلا». وأضاف: «نشهد تدهوراً يومياً للحريات الأساسية في فنزويلا. والحكومة لا تخضع للمحاسبة أمام أي مؤسسة ديمقراطية مستقلة. والشيء الوحيد المتبقي لوقف الانتهاكات هو المجتمع الإقليمي». ولا عجب أن يلتزم الصمت أقرب حلفاء فنزويلا من أنظمة الحكم الشعبوية في بوليفيا والاكوادور ونيكاراجوا والأرجنتين. لكن من الصعب فهم تقاعس المكسيك والبرازيل عن مطالبة المنظمات الإقليمية بالقيام بواجبها. أندريس أوبنهايمر* *كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز ميديا»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©